الطرق العشر التي يتجنب بها تنظيم "الدولة" تجفيف منابع أمواله

بعد أكثر من 2000 غارة جوية استهدفت قوات ومقار تنظيم "الدولة الإسلامية" ومنشآت اقتصادية تابعة له، ما يزال التنظيم متماسكاً اقتصادياً. ولم تفلح كل المحاولات للتضييق الاقتصادي عليه، في تجفيف منابع تمويله، الأمر الذي يرجع لعدة عوامل، استعرضها موقع "الرقة تذبح بصمت" في تقرير خاص.

فمنذ 23 أيلول من العام الماضي شن طيران التحالف أكثر من 2000 غارة جوية على مراكز ومقرات لتنظيم "الدولة الإسلامية"، في محاولة منه لإيقاف تمدد هذا التنظيم وتجفيف منابع التمويل التي يمتلكها.
فمع قصف مصافي النفط البدائية ومراكز التكرير، إلى محاولات التضيق الاقتصادية وإغلاق الحدود مروراً بقصف الطرق التجارية التي يمتلكها التنظيم، وتدمير الشاحنات العملاقة وصهاريج النقل التي يستخدمها لنقل النفط الخام والفيول إلى السوق السوداء، سعى التحالف بشتى الوسائل لتجفيف هذا التمويل والضخ المالي الذي يدر من النفط فقط أكثر من 2 مليون دولار أميركي يومياً لهذا التنظيم الذي بدأ يوماً بعد يوم يخرج عن السيطرة.

لكن التنظيم لا يزال قادراً على استغلال الكثير من الطرق لزيادة ضخ المال له بطرق متعددة أهمها:

التعامل مع نظام الأسد

من أهم موارد الأموال لتنظيم الدولة هو بيع الكهرباء والغاز إلى نظام الأسد عبر السدود التي تقع تحت سيطرته "تشرين – البعث – الفرات" بالإضافة إلى حقل "توينان" للغاز الذي سيطر عليه التنظيم. حيث تتم صفقات سرية بين التنظيم ونظام الأسد لتبادل ورشات إصلاح من جانب النظام مقابل الكهرباء من جانب تنظيم الدولة، وتقسم الأرباح فيما بينهم.

الضرائب

من أهم منابع الأموال التي تدر على تنظيم "الدولة" هي الضرائب التي يفرضها على أهالي مدينة الرقة، فكل بيت في المدينة يجب أن يدفع 800 ليرة للكهرباء و400 ليرة للهاتف، وكل محل تجاري يجب أن يدفع 1500 ليرة كهرباء ونظافة و400 ليرة لخطوط الهاتف، وهذه الضرائب تدر أموال كبيرة على التنظيم، حيث يقوم جهاز الحسبة بجنيها شهرياً من أهالي مدينة الرقة.

الجمارك

عائدات الجمارك، والتي أنشأ التنظيم قسماً خاصاً لها تحت مسمى "مبنى الجمارك" المتمثل سابقاً بمعهد الموسيقى الموجود في المدينة (الرقة)، ليفرض التنظيم ضرائب على أي بضاعة تحاول الدخول من مدينة الرقة أو الخروج منها ليكون للتنظيم حصته من هذه البضائع أيضاً.

خط تجاري عملاق بين الموصل والرقة

فتح خط تجاري عملاق بين مدينتي الموصل والرقة من قبل عناصر التنظيم، حيث يقوم التنظيم بتصدير الفواكه والخضار والحبوب والأقمشة والألبسة من الرقة إلى الموصل، بالمقابل يتم تصدير التمور والشحوم وقطع السيارات وبعض القطع والأدوات الكهربائية من الموصل إلى الرقة. وهذه التجارة أثبتت جدارة عالية ومصدر ربح كبير حتى أصبح بعض أهالي مدينة الرقة يقومون بها أيضاً، وهي من أهم أسباب صمود المدينة الاقتصادي.

مقاهي الإنترنيت

بعد انقطاع الإنترنيت عن مدينة الرقة لأكثر من عام ونصف، أصبحت المدينة تعتمد بشكل كلي على الانترنيت الفضائي الباهظ الثمن. وافتتح التنظيم العشرات من مقاهي الانترنيت التي تدر عليه أموالاً طائلة حيث تبلغ تكلفة 25 ميغا بايت 100 ليرة سورية وهو مبلغ كبير بالنسبة لأهالي مدينة الرقة. وأصبح الاهالي لا يستطيعون التخلي عن الانترنيت، بالإضافة إلى عناصر التنظيم، وهذه التجارة من أكثر التجارات ربحاً للتنظيم وأهالي مدينة الرقة، حيث كان في مدينة الرقة قبل الثورة أقل من 20 مقهى انترنيت أما الآن فيوجد أكثر من 500 مقهى يقوم بتوزيع ونشر الانترنيت لتصبح مدينة الرقة مدينة فضائية بمعنى الكلمة ويصبح الانترنيت متوفراً في كل مكان حتى في الشوارع.

غرامة بدل العقوبة

في حين كان جهاز الحسبة يقوم بعقوبات على المدخنين أو المخالفين للقوانين أو المتأخرين عن الصلاة أو إغلاق المحلات التجارية حسب القوانين الصادرة عن التنظيم، من جلد وضرب وتعذيب، بات الآن بإمكانك تجنب ذلك من خلال دفع مبالغ مالية للتنظيم، حيث أن عناصر الحسبة الذين كانوا يجبرون الأهالي على إغلاق المحلات والذهاب إلى الصلاة, باتوا اليوم يفرضون على الفرد مبلغ 1000 ليرة سورية /ما يعادل 5 دولار أميركي/ كي يبقى في محله ولا يذهب إلى الصلاة أو يقوم بإغلاق المحل، بالإضافة الى المخالفات التموينية والمرورية التي يفرضها التنظيم، وأصبحت أي مخالفة في المدينة من الممكن بدل عقوبتها الشرعية دفع أموال للتنظيم لتجنبها، وعلى سبيل المثال في المخالفات التموينية قامت المحكمة الإسلامية في مدينة الرقة، التابعة للتنظيم، بجلد المدعو "محمود السفراني" مئة جلدة أمام جمع من الناس، وتم تغريمه 14 مليون ليرة، لأنه كان يغش في بيع الرز.

مصادرة الأراضي وبيعها بمزادات علنية

مصادرة أراضي الناس وبيعها في مزادات علنية، مثل ما جرى مع المواطن "محمود الخليل المحيمد" من مدينة سلوك في ريف الرقة، حيث صادر التنظيم أراضيه وعين ﺣﺎﺭساً من عناصر التنظيم ﻋﻠﻰ الارض، وقام ﺑﺒﻴﻊ الممتلكات بالمزاد العلني، بتهمة علاقة الشخص المذكور بالجيش الحر، سابقاً.

بيع الفيول والنفط الخام واستخراجه بطرق بدائية

فرغم كل الغارات التي نفذتها طائرات التحالف إلا أن التنظيم لا زال قادراً على استخراج النفط الخام والفيول بطرق بدائية وفتح طريق تجاري إلى تركيا لبيعها في السوق السوداء، حيث يقوم التنظيم بعد استخراج الفيول والنفط الخام بتعبئته بسيارات "صهاريج عملاقة" ونقلها وبيعها في تركيا. ورغم كل الغارات التي نفذها التحالف لا تزال هناك مصافي كبيرة في قرية العكيرشي شرق الرقة يقوم التنظيم باستخدامها لتكرير هذه المواد. وهذه التجارة تدر على التنظيم مبالغ مالية كبيرة جداً تبقي اقتصاد التنظيم منتعشاً.

بيع الحشيش واالدخان والكحوليات

حيث تفيد تقارير بزرع التنظيم كميات كبيرة من الحشيش والمواد المخدرة في حقول زراعية في أرياف مدينة الرقة ليقوم بعد ذلك ببيعها في السوق السوداء في تركيا، وذلك حسب موقع "الرقة تذبح بصمت". ورغم كل التضييق الذي يفرضه التنظيم إلا أن المخدرات والحشيش متواجدة في مدينة الرقة بكثرة، مع العلم أنه لم تكن متواجدة بهذه الكميات سابقاً قبل تواجد التنظيم. كما يقوم التنظيم بأخذ أموال طائلة من تجار الكحوليات والدخان مقابل التغاضي عن هذه المواد والسماح بإدخالها إلى المدينة، حيث أن أسعار هذه المواد باهظة جداً داخل المدينة ولكنها متواجدة.

 تهريب الآثار

فقد عثر التنظيم على مجموعة ضخمة من الآثار الباهظة الثمن في الريف الشرقي لمدينة الرقة في منطقة العكيرشي، وقيمتها عالية جداً، وهذه ليست المرة الأولى التي يجد التنظيم فيها مجموعة أثرية في الرقة، حيث عثر في نفس المنطقة "العكيرشي" على لوحة فسيفسائية عملاقة تعود إلى القرن السادس قبل الميلاد.


ويبدو أنه بعد أكثر من 2000 غارة جوية على التنظيم لتدمير اقتصاده، وقرارين دوليين صادرين عن مجلس الأمن، بنفس الغاية، نستطيع أن نقول إن التنظيم ما زال متماسك اقتصادياً، وأن الضربات لم تؤثر به بالشكل المطلوب، ليبقى من أغنى التنظيمات الإرهابية في العالم.

ترك تعليق

التعليق