"بقر الفقراء".. الإقبال يتزايد على تربية الماعز في ريف درعا


بدأ مربو الثروة الحيوانية وبعض الأسر في ريف درعا، إيلاء تربية الماعز بأنواعه الجبلي والشامي والمهجن، مزيداً من الاهتمام، وذلك لإنتاجيتها العالية من الحليب والمواليد السنوية.

وأشار الطبيب البيطري هيثم السعيد، إلى أن بعض الأسر، بدأت تتجه إلى تربية الماعز الجبلي والشامي خلال سنوات الحرب، نظراً للميزات الفريدة التي تتميز بها هذه الحيوانات، مقارنة مع باقي الحيوانات، كالأغنام والأبقار.

وأشار إلى أن تربية الماعز ليست جديدة في مناطق درعا، بل هي موجودة منذ القديم، لكنها كانت تتم ضمن القطيع، الذي عادة ما كان يتكون من الأغنام والأبقار، حيث تجد عدداً من رؤوس الماعز بينها، موضحاً أن تربية الماعز أصبحت منذ عدة أعوام، مشاريع مستقلة بذاتها.

وأضاف، أن حيوان الماعز عدا عن إنتاجيته العالية من الحليب (3- 5 كغ) يومياً، يتميز أيضاً بالولادات التوأمية والثلاثية، التي قد تصل إلى مرتين في السنة، ما يجعل مشاريع تربية الماعز، من المشاريع الجيدة، المدرة للدخل، والأرباح المضمونة.

وقال: "إن الماعز يستطيع التكيف والتعايش مع جميع الظروف المناخية، وهو قادر على تأمين طعامه مهما كانت صعوبات الحصول عليه، فهو يستطيع أن يعيش في الصحراء، وعلى قمم الجبال، وفي الحقول، ويقتات على النباتات الجافة والطرية، وأوراق الأشجار، والنباتات الشوكية".

وأضاف أن الماعز لا يحتاج إلى حظائر خاصة، لذلك يمكن تربيته بجوار المنازل، وفي الحواكير المنزلية، تحت عرائش وسقوف بسيطة من الحديد أو القصيب، لافتاً إلى أن لحوم الماعز، لا تحتوي كميات كبيرة من المواد الدهنية، كذلك يعتبر حليبها من أخفض أنواع الحليب بالمواد الدسمة، لذلك ينصح مختصو التغذية، بإعطائه للأطفال وكبار السن بسبب فوائده الصحية الكبيرة.

وأشار السعيد، إلى أن هناك أنواعاً كثيرة من الماعز، لكن أبرز الأنواع المعتمدة في مناطق درعا، هي الماعز الشامي المهجن، والبلدي، مع غلبة واضحة للماعز البلدي، كونه رخيص الثمن، مقارنة مع الماعز الشامي، لافتاً إلى أن سعر العنزة الجبلية أو البلدية، يتراوح ما بين 40 و50 ألف ليرة سورية، فيما يتراوح سعر العنزة الشامية، ما بين 150 و450 ألف ليرة سورية، وذلك حسب صفاتها وميزاتها ونقاء عرقها.

وأضاف أن سعر "الجدي" أو "التيس" ذكر الماعز البلدي يكون حسب حجمه ووزنه، وهو يتراوح ما بين 20 و60 ألف ليرة سورية، ويصل أحياناً إلى 80 ألف ليرة سورية، لافتاً إلى أن لحوم الماعز، تباع كلحوم البقر، ويصل سعر الكيلو منها إلى 2900 ليرة سورية، فيما يبلغ سعر كيلو حليب الماعز نحو 150 ليرة سورية.

من جهته وصف فرحان العيسى، 37 عاماً، مشاريع تربية الماعز "بمشاريع الفقراء" أو مشاريع "الاكتفاء الذاتي"، التي فرضتها الحرب، لافتاً إلى أن الكثير من الجمعيات والمنظمات الأهلية باتت توزع رؤوس من الماعز كمساعدات على الأسر المحتاجة، وذلك لتمكينها من تأمين الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية وبيع فائض الإنتاج.

وقال العيسى، وهو يحمل شهادة معهد متوسط بيطري، إنه بدأ بتربية الماعز منذ ثلاث سنوات، وذلك بهدف إيجاد دخل إضافي، يساعده على تأمين احتياجات أسرته المعيشية، وتحسين أوضاعه المادية، موضحاً أنه بدأ بتربية ثلاثة رؤوس من إناث الماعز، اشتراها بـ 140 ألف ليرة سورية، حيث أوكل مهمة الاعتناء بها لولديه 13 و11 عاماً.

وأضاف أنه أصبح لديه الآن قطيع مكون من 12 رأساً من الماعز، استطاع من إنتاجها من الحليب، تأمين احتياجات منزله من الألبان والأجبان خلال السنوات الماضية، إضافة إلى أنه جمع مبلغاً محترماً من مبيعات ذكورها، ينوي من خلاله، شراء بقرة أو فتح محل سمانة صغير.

وقال: "إن تكاليف تربية الماعز ليست باهظة، وهي لا تحتاج إلى علائق علفية كبيرة، مثل الأغنام والأبقار، فهي اقتصادية جداً في نفقاتها"، لافتاً إلى أن حيوان الماعز يعتمد في غذائه على "السراحة" وأن الأمكنة والأطعمة تناسبه كونه قادر على هضم الألياف السيلولوزية من أية مخلفات يقتات عليها.

وأشار إلى أن حليب الماعز يباع إلى معامل الأجبان والألبان، مثل باقي أنواع الحليب الأخرى، وأن إنتاجها مطلوب بشكل كبير، موضحاً أن الكثير من الأسر الريفية، بدأت خلال سنوات الحرب، تقتني رأساً أو رأسين من الماعز لتأمين احتياجاتها من الحليب ومشتقاته.

وأضاف أن الماعز يعرف عبر التاريخ  بـ "بقر الفقراء" فهو لا يكلف كثيراً وإذا لم يغني مربيه فهو يحقق له على الأقل الاكتفاء الذاتي.

من جهتها أشارت أم غسان، 35 عاماً، وهي أرملة تعيل طفلين، إلى أن إحدى الجمعيات الأهلية، منحتها عنزة كمساعدة العام الماضي، لافتة إلى أن عنزتها وضعت توأماً بعد عدة أشهر، باعتهما مؤخراً بـ 30 ألف ليرة سورية.

وأضافت أن العنزة تحلب يومياً نحو 4 كغ من الحليب، تستهلك هي وطفليها ا كغ وتبيع الباقي، مشيرة إلى أنها من ثمن الحليب، تؤمن لأولادها حاجتهم من الخبز، وبعض المواد المعيشية الضرورية.

يشار إلى أن محافظة درعا شهدت خلال سنوات الحرب التي تعيشها البلاد منذ أكثر من سبع سنوات، تراجعاً كبيراً في أعداد الثروة الحيوانية، وذلك بسبب الظروف الأمنية القاهرة، وهجرة بعض المربين، إضافة إلى عدم قدرة من تبقى من الأهالي على الاستمرار بتربية الحيوانات، نتيجة الظروف المناخية السيئة، وارتفاع أسعار الأعلاف، وعدم توفر الأدوية البيطرية ومستلزمات العناية بالقطيع.

ترك تعليق

التعليق