تكسي دمشق.. إلى مطار بيروت، والسفارات الأجنبية


ليس جديداً أن تعلن مكاتب السفر والسيارات عن تسيير رحلات داخلية وخارجية، لكن الجديد هو أن تعجّ شوارع مدينة دمشق بإعلانات مكاتب متخصصة بنقل المسافرين إلى مطار بيروت وسفارات الدول الغربية فيها.

نعم، وجد المستثمرون "الأمنيون" في هذا القطاع إقبالاً كبيراً على طلبيات السفر إلى بيروت، فعمدوا إلى افتتاح مكاتب خاصة بشريحة المسافرين والساعين للهجرة، حتى وصل عددها للعشرات تملأ إعلاناتها مواقع التواصل الاجتماعي والجرائد اليومية وشوارع دمشق.

من الطبيعي، أن يغادر المسافرون السوريون إلى الدول الغربية وكثير من العواصم الإقليمية والعربية من مطار بيروت لأن غالبية المطارات أوقفت استقبال الطيران القادم من دمشق منذ بداية الثورة، ولم يتبق لطيران النقل التابع للنظام سوى مطارات محدودة تستقبله.

وكذلك من الطبيعي أن تتحول السفارات الأجنبية في بيروت إلى قبلة يقصدها الراغبون بالسفر واللجوء، فقد أغلقت معظم دول العالم سفاراتها لدى النظام، ولا يجد المسافر بداً من التوجه إلى بيروت لا سيما مع استمرار إغلاق الأوتوستراد الدولي إلى الأردن وإغلاق الحدود مع تركيا. 
باتت بيروت عاصمة السفر والتأشيرات للسوريين المقيمين في كنف بشار الأسد، بعدما تسبب المجرم بعزلهم عن العالم، يضطرون لدفع عشرات آلاف الليرات السورية للتنقل ذهاباً وإياباً إلى العاصمة الجديدة.

تتنافس عشرات المكاتب على نقل الراغبين بالسفر إلى بيروت، وتقدم عروضاً وتخفيضات، لكن أرخصها يكلّف المسافر 50 ألف ليرة ذهاباً وإياباً. وعلّق "زهير الدمشقي" على ذلك بغضب قائلاً: "ألا يكفينا ذل الانتظار على أبواب السفارات الأجنبية خارج مدينتا، ليأتي السارقون لتشليحنا جزءاً كبيراً من مدخراتنا مقابل نقلنا إلى هناك، لقد أخذوا مني 120 ألف ليرة بحجة رشوة الحواجز، رغم اتفاقنا على 60 ألف".

وفي حديثنا الهاتفي مع "الدمشقي" سألناه عن سبب عدم سفره بسيارته أو بسيارة مستأجرة، أجاب: "حواجز أمن النظام وحزب الله على الطريق إلى بيروت تعدّ بالعشرات، تستهلك منا أكثر من يوم لعبورها، وهذا ما يدفعنا للجوء إلى مكاتب التاكسي الخاصة بهذا الخط، لأن غالبيتها تعود لضباط في الأمن يؤمنون عبورنا السريع لهذه الحواجز".

وبعد عناء استطعنا الاتصال بـ "حيدر عجيب"، مدير أحد مكاتب السفر، واستسفرنا منه عن سبب غلاء أجور نقل المسافرين إلى بيروت، فأوضح بلهجة متعالية لا تخلو من السخرية "الكل بدو يسافر، نحنا منأمنلهم التاكسي ياخدن ويجيبن على السفارات والمطار، وكمان مننتظرهن، وما بس هيك أمنخليهم يوقفوا عالحواجز، يا أخي اللي ما عيجبوا يجرب يروح لحالو، أبنجبر حدي".

لم نشأ تحويل كلمات مدير المكتب إلى الفصحى لنترك للقارئ إدراك نوعية الأشخاص الذين يديرون هذه المكاتب، ومنها، معرفة مرجعيتهم الأمنية التشبيحية، ونرجو أن يكون ما كتبناه واضحاً، وقد حرصنا على عدم تغيير المفردات.

"ألو.. تكسي.. بدي روح على مطار بيروت، موعد طيارتي بعد بكرا الصبح"، يأتيه الرد "الله والنبي معك، عبّي جزدانك، لازم نطلع قبل 12 ساعة"، بالسلامة يا "سوري".

ترك تعليق

التعليق