عبر "فيسبوك" و"واتساب".. منصات تسويقية وتجارية تنشط في إدلب


يقول "أمجد"، ٢٣ عاماً، من بلدة سرمين بريف إدلب، إنه في طريق عودته إلى البيت توقف بجانب محل صغير لبيع ألبسة البالة بعد أن لفتت انتباهه كنزة صيفية ذات ألوان زاهية وأراد شرائها.

" عندما لم يعجبني قماش الكنزة بعد تلمسه هممت بالخروج"، يتحدث أمجد.

لكن صاحب المحل استوقفه وطلب رقم هاتفه معللاً أنه أنشأ مجموعة على تطبيق واتساب يقوم بالنشر فيه بشكل دوري عن أوقات دوامه وصور البضاعة المتوفرة كما يعلم زبائنه عن توفر ألبسة جديدة.

يوضح محدثنا بعد مراقبته لصاحب المحل، أنه لاحظ عليه من خلال استخدامه لجهازه المحمول ولغته الركيكة بالكتابة، أنه لم يكمل تعليمه الأساسي.

"لكن بعد تصفحي للمجموعة ما أعجبني هو فكرة صاحب المحل باحترام أوقات الناس والحرص على مجيئهم بأوقات دوامه وعند توفر ما يريدون"، قال أمجد.

طريقة التجارة الالكترونية لم تبقى حكراً على المواقع المتخصصة فقط، حيث وفرت وسائل التواصل الاجتماعي المنتشرة بين مختلف طبقات المجتمع فرصاً لرواج هذه التجارة وعرض البضائع بطريقة سهلة.

في إدلب وريفها باتت تنتشر صفحات ومجموعة على "فيسبوك" غرضها عرض بضائع للبيع مهما كانت نوعيتها، من لمبة توفير إلى السيارة.

"أبو سامر"، صاحب محل أدوات كهربائية ومدير إحدى المجموعات على "فيسبوك"، قال لـ "اقتصاد" إن استخدام هذه الطرق بدأ منذ تصعيد قوات النظام على إدلب وعدم القدرة على زيارة الأسواق بشكل مستقر.

"أقوم بتصوير البضائع المتوفرة لدي ونشر صورها مرفقة بالسعر والعنوان. ولحظت تحسن نسبة البيع بعد هذه العملية"، يوضح محدثنا.

كما توفر طرق التواصل تجارة لأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة، كما قال الشاب "طه" الذي استفاد منها عن طريق بيع وشراء الدراجات النارية "المتورات"، دون أن يضطر لأن يستأجر محلاً، وبذلك وفّر مصروفه واستعاض عنه بالنت المتوفر بأسعار مقبولة لا تتجاوز ٥ دولار بالشهر على جهاز واحد بسرعة ٥١٢ ميغا.

"طه" أوضح أنه بدأ العمل بهذه الطريقة بعد أن عرض صورة دراجته للبيع واستطاع بيعها خلال يومين، فاشترى غيرها وتابع عملية العرض والبيع على مجموعات "فيسبوك" متخصصة بالدراجات النارية، برأسمال لا يتجاوز ثمن دراجة واحدة "٣٥٠ دولار".

لم يكن الحاج "راغب"، ٥٢ عاماً، يتخيل أنه من الممكن أن يقتني جهاز موبايل ذكي وأن يحسن استخدامه جيداً، ويعمل من خلاله على ترويج بضاعة محله البسيطة من سائل جلي ومعطر ومسحوق غسيل.

وتحدث الحاج لـ "اقتصاد" عن أن هذه الطريقة وفرت عليه عناء الاستيقاظ مبكراً وخسارة الزبائن في حال اضطر لمغادرة المحل في حال ذهابه إلى السوق. "أستطيع أن أرسل رسالة لزبائني على مجموعة الواتساب أنني سأفتح في الساعة كذا. وهم بدورهم ينتظروني ولا يقصدون محلاً آخر"، يقول راغب.

صفحات بيع الجوالات والقطع الالكترونية هي الأكثر رواجاً، حيث يوظب محل "زاجل إدلب" على نشر قائمة يومية بأسعار الجوالات المتوفرة لديه، ويختلف سعرها بارتفاع وهبوط سعر صرف الدولار؛ ويعمل على تحسين انتشار صفحته بالمسابقات التي يعرضها المحل ويقدم من خلالها هدايا قيمة للفائزين.

يُطلب ممن يود الدخول بالسحب مشاركة الصفحة والإعجاب بها بالإضافة للتعليق على المنشورات، مما يزيد وصولها لمتابعين جدد بحسب تقنية خوارزميات "فيسبوك".

"أبو عزام " صاحب محل بيع للحوم، يخبر زبائنه بالذبيحة الجديدة عن طريق بث مباشر على "فيسبوك" يظهر فيها الخاروف معلقاً وهو يقوم بسلخه وتقطيع اللحم.

تتنوع التعليقات على البث الذي يصل لخمسين مشاهدة أحياناً ويعلق المتابعون بـ "الله يرزقك" و "الله يباركلو على هاللحم"، وربما يحجز أحد المتابعين قطعة لحم معينة، ويطلب من "أبو عزام" تقطيعها بطريقة معينة والاحتفاظ بها جانباً ريثما يتوفر لديه وقت لأخذها.

وبصورة أكبر أصبح تطبيق "واتساب" هو بورصة السوق السوداء لتصريف العملات ويتم تداول السعر عن طريقه ويرتفع سعر الصرف حسب كمية العرض والطلب ضمن مجموعات تضم كبرى محلات الصرافة المنتشرة بإدلب وريفها.

وأصبحت وسائل التواصل في محافظة إدلب هي مصدر الأخبار اليومية لبلدة معينة ومتابعة أسماء وفياتها ومواعيد أفراحها، والمناقشة عبرها وتبادل الآراء في قضية تهم أهالي البلدة كآلية ضخ المياه أو الاعتراض على قرار ما.

ترك تعليق

التعليق