تفاصيل وأرقام.. عن أزمة الغاز في سوريا


تتفاقم أزمة نقص مادة الغاز المنزلي في شتاء كلّ عام نتيجةً لاستخدامه في التدفئة بشكل رئيسي جراء انقطاعات مستمرة للتيار الكهربائي وانخفاض كمّيات المازوت وارتفاع تكلفة الحطب.

يُقدّر الاستهلاك اليومي للمحافظات السورية بـ 110 آلاف اسطوانة غاز في الأحوال الطبيعية منها 40 ألف اسطوانة للعاصمة دمشق، وتتضاعف حوالي ثلاثة مرات خلال فصل الشتاء، يُغطّي ثلثها الإنتاج المحلّي والباقي يُستقدم استيراداً من روسيا وإيران ومصر.
 
التسعيرة الرسمية لاسطوانة الغاز 2500 ليرة سورية، إلّا أنّها نادرة الوجود في هذه الأجواء الباردة، ويختلف سعرها في السوق السوداء مُضاعفةً، حيث تُباع الاسطوانة الواحدة حالياً في مدينة حلب بـ 12 ألف ليرة سورية، وفي اللاذقية وطرطوس بـ 10 آلاف ليرة، وفي دمشق وريفها حوالي 7 آلاف ليرة.

 أزمة الغاز ليست وليدة ظروف الحرب كما يُروّج إعلام النظام، ففي عام 2008 سُجّلت سوريا بمراتب متأخّرة عربياً وهي إلى جانب البحرين أضعف عشر دول عربية في إنتاج الغاز الطبيعي.

وبالنسبة للغاز المُسوق عالمياً، تصدّرت حينها الجزائر بواقع 86.5 مليار متر مكعب في العام، تلتها السعودية 80.4 مليار متر، ثُمّ قطر 76.9 مليار متر مكعب، بينما سوريا 5.5 مليار متر مكعب فقط، كما أنّ البيانات الرسمية تؤكّد خسائر القطاع النفطي في سوريا بأكثر من 62 مليار دولار منذ عام 2011 الذي بلغت فيه كميّة الغاز المُنتج 21 مليون متر مكعب يومياً، انخفضت بشكل تدريجي في الأعوام الذي تليه لتسجّل 8.2 مليون متر مكعب فقط، وسجّل ارتفاعاً في عام 2018 مُسجّلاً 16.5 متر مكعب.

تصاعد الإنتاج يعود إلى اختلاف السيطرة على حقول الغاز وظهور حقول جديدة اكتُشفت خلال سنوات الحرب في المنطقة الوسطى وشمال دمشق، دخل منها للخدمة في منتصف 2016 بقدرة إنتاجية لخمسة آبار لا تقل عن 900 ألف متر مكعب يومياً كـ حقول "البريج وقارة" في ريف دمشق.

تزامناً مع تقلّص سيطرة نظام الأسد على حقول الغاز منتصف عام 2012 وافقت "وزارة الاقتصاد والتجارة" على منح الصناعيين إجازة استيراد مادّة الغاز كـ إجراء احترازي اسعافي، لكن ذلك دون جدوى بسبب إحجام الكثير من التجّار عن استيراد المادّة تخوّفاً من تعرّض شركاتهم لعقوبات أمريكية، كما أنّ دولاً عدّة وشركات أوروبية تمتنع و"ما زالت" عن توريد المادّة للسبب ذاته، ولم يلق سعي النظام لمنح رخص التنقيب عن الغاز في المياه الاقليمية مطلع العام 2017 أيّ تجاوبٍ بسبب استمرار الحرب.

البيانات "الرسمية" الأخيرة تُشير إلى إنتاج 15.5 مليون متر مكعب يومياً هذا العام، وسيرتفع إلى 23.3 مليون متر مكعب في العام المقبل، ثم إلى 24.8 مليون في 2020، وهو أعلى مُعدّلاته بزيادة نسبتها 16.6% على إنتاج ما قبل الحرب، إلّا أن ذلك يُعدّ تناقضاً واضحاً لو كان صحيحاً نظراً لما شهدته سوريا من أزمّات انعدام المادة من أسواقها واختناقات غير مسبوقة وفقاً لتدني عدد السكان.

اختلاف واقع السيطرة على حقول الغاز وتغيّره في اللحظة والأخرى يترك آثراً سلبياً على حياة المواطن بالدرجة الأولى لا سيما وأنّ المادّة ذاتها من أهم عوامل تأجيج الصراع واختلاف قواعده وفقاً لما يراه الكثير من المراقبين.

ترك تعليق

التعليق