النظام يحلّ مجالس إدارة أعرق الجمعيات الخيرية في سوريا.. لماذا؟


أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، التابعة للنظام، منذ أيام، قراراً مفاجئاً بحل مجالس عدد من الجمعيات الخيرية في سوريا ومنها جمعيات عريقة كـ "جمعية البر الخدمات الاجتماعية" في حمص، وجمعية العافية وجمعية حفظ النعمة بدمشق، وغيرها في حماة وعدد من المدن، بإيعاز من أجهزة الأمن بحجة الطائفية والتعامل مع الإرهابيين -وفق وصف النظام- .

وكشف مصدر من داخل "جمعية البر والخدمات الاجتماعية"، التي تعد واحدة من أعرق الجمعيات الأهلية في سوريا، في تصريحات خاصة لـ"اقتصاد"، أن محافظ حمص "طلال البرازي" باشر بتنفيذ القرار وعيّن مجلس إدارة مؤقت بالتعيين من الهيئة العامة وخارجها ويقوم بالتنسيق مع وزيرة الشؤون "ريما القوادري" باختيار الأسماء.

 وأضاف المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه أن الإدارة المؤقتة ستكون حسب المتعارف عليه لمدة ستة شهور يدعى بعدها لانتخاب مجلس جديد من الهيئة العامة مع عدم السماح للأعضاء القدامى بالترشح.

 وأردف أن حل مجلس الجمعية جاء بلا تعليل وبحسب بعض التسريبات فإن الموضوع لأسباب أمنية لتواصل بعض أعضاء الجمعية مع "العصابات المسلحة"-بحسب زعم النظام-.

وتُعد جمعية البر والخدمات الاجتماعية في حمص التي تم تأسيسها عام 1955 من أقدم الجمعيات الخيرية وعملت طوال العقود الماضية على مساعدة الفقراء والمحتاجين وتنظيم الخدمات الاجتماعية عبر العمل التطوعي والتكافل المجتمعي، حيث بدأت مشاريعها منذ العام 1956 بإنشاء دار للعجزة والمسنين وافتتاح مستوصفات ومستشفى وعيادات طبية ورعاية للعائلات المستورة والأيتام ومكافحة التسول والتشرد وإنشاء مؤسسات ومشاريع للخدمة الاجتماعية المختلفة مثل دار الصناعات اليدوية ومشغل الخياطة وغيرها العديد من الأعمال والمشاريع الموسمية.

وخلال السنوات الماضية استمرت الجمعية بأعمالها وقامت استجابة للظروف التي مرت بها البلاد بافتتاح نقاط إغاثة لتوزيع المعونات للمحتاجين وعملت على تأهيل الشقق للمتضررين، كما رعت وما تزال العديد من المشاريع والمبادرات الشبابية كمشروع غراس لنماء اليافعين والتي تصب كلها في خدمة المجتمع وتطويره وبناء إنسانه الخير-بحسب ما جاء في التعريف بها-.
 
وأشار عضو مجلس إدارة للجمعية، فضل عدم ذكر اسمه لـ"اقتصاد"، الى أن انتخاب أعضاء مجلس إدارة الجمعية يتم من قبل الهيئة العامة بإشراف من الشؤون الاجتماعية، وهنالك-كما يقول- رقابة دائمة من الأمن بكافة فروعه على كافة نشاطاتها إذ كان في مشفى الجمعية قبل الثورة عنصر أمن مناوب على الأقل يراقب العمل لتكون تحت أنظار النظام وبخاصة أن للجمعية -كما يقول- أملاك وأوقاف كثيرة وهامة وعلى رأسها مشفى البر الضخم في حي الوعر، إضافة إلى 31 فرعاً في سوريا.

 وكشف محدثنا أن فرع الأمن السياسي أوقف مدير مشفى جمعية البر الدكتور "غانم رسلان" لفترة قصيرة عام 2013 وتم الإفراج عنه بعد تدخل من وجهاء البلد المحسوبين على النظام علماً أنه –كما يؤكد المصدر- إنسان لا علاقة له بالثورة وكان ضد ما حدث منذ البداية، ولكن مشفى الجمعية كان تحت الأنظار وكان الهدف رسالة من الأمن لتهديد الجمعية بشكل عام.

وأعرب محدثنا الذي يعيش خارج سوريا عن اعتقاده بأن الأسباب الحقيقية لحل مجلس الإدارة غير معروفة ولا يستطيع التواصل مع أعضاء الإدارة في الداخل خوفاً على سلامتهم، معرباً عن اعتقاده بأن هنالك تغييراً ديموغرافياً حصل في البلد وهذا يتوجب رفع يد العارفين والمطلعين على كافة تفاصيل العمل ووضع من يخضع منهم بشكل كامل لسلطة الأمن والنظام، والهدف الأول والأخير –حسب قوله- وضع اليد والسيطرة على الجمعية، بعد اقتلاع عصب عملها وهو الصدقات والزكاة والتبرعات التي تم منعها.

 ونوّه المصدر إلى أن قرار حل مجلس إدارة الجمعية يمس مصالح الشريحة الكبرى في سوريا والتي كانت تستفيد من الجمعيات الخيرية، مضيفاً أن "الأسر المتضررة من همجية النظام هم أهل البلد أنفسهم، والهدف من هذه الخطوة حصار من تبقى منهم اقتصادياً و تركيعهم، بينما الجمعيات ذات الصبغة الطائفية كجمعية النهضة العربية التي فاحت روائح الفساد منها لازالت قائمة ومدعومة ولا يجرؤ أحد على كشفها أو الاقتراب منها".
 
ولفت محدثنا إلى أن جمعية البر تعاني حالياً من قلة الموارد والتبرعات بشكل رئيسي والسبب قديم، ويتمثل في تضييق الخناق على التبرعات وخوف المتبرع من الملاحقة، معرباً عن خشيته من أن يضع النظام يده على الايجارات التي تستوفيها الجمعية وتكوّن موردها الأساسي في ظل تغاضي الهيئات الدولية عن تجاوزات النظام ومحاولته لتأميم الكثير من المؤسسات الأهلية والخاصة، وخصوصاً أن هذا النظام لم يستلم مشروعاً أو عملاً حيوياً إلا وقام بتدميره.



ترك تعليق

التعليق