النظام يعدّل قانون الاستثمار على مقاس أمراء الحرب


لاتزال حتى الآن المعلومات المتوفرة عن قانون الاستثمار الجديد الذي أقره مجلس الوزراء بوم الاثنين الماضي، غير كافية لتقييمه بالشكل الأمثل، وخصوصاً أن القانون تعرض لمناقشات استمرت لأكثر من خمسة أشهر، منذ آذار الماضي، حيث اعترضت وزارة الاقتصاد على بعض بنوده، وبالذات فيما يتعلق بالإعفاءات الجمركية الكثيرة لمستوردات المستثمرين، من كافة المواد، وهو ما سحب من يدها ورقة رابحة، كانت تفاضل فيها بين رجال الأعمال، حيث أنه أصبح من الآن وصاعداً، بإمكان أي مستورد، أن يرخص لمشروع استثماري ومن ثم يدخل ما يشاء من المواد، باسم هذا المشروع.

واضطر وزير الاقتصاد اليوم، للخروج على وسائل إعلام النظام، ومباركة مشروع القانون الجديد، واصفاً إياه بأنه يلبي متطلبات المرحلة القادمة، بما في ذلك الإعفاءات الجمركية الكثيرة التي كان قد اعترض عليها سابقاً.

ويعتبر قانون الاستثمار الجديد هو الثالث من نوعه الذي يتم إقراره في سوريا، منذ العام 1991، عندما أصدر حافظ الأسد القانون رقم 10، وفتح بموجبه باب الاستثمار على نطاق محدود، ما لبث بعدها أن تعرض القانون للانتقاد الشديد، بسبب أنه لم يؤد إلى منافع حقيقية للاقتصاد الوطني، كما أنه لم يلبي طموحات رجال الأعمال الذين جاء بهم بشار الأسد، مع استلامه زمام السلطة في العام 2000.. لذلك جرى تعديله في العام 2007 بالقانون رقم 8، جالباً معه استثمارات بقيمة نحو 4 مليار دولار خلال بضع سنوات، لكنها استثمارات تركزت في أغلبها في قطاعات البنوك وشركات التأمين، ولم يكن لها انعكاس حقيقي على التنمية الاقتصادية..

أما تعديل القانون رقم 8، فقد تم طرحه، مع حاجة النظام للحفاظ على ما تبقى من رجال الأعمال لديه، في أعقاب هروب أغلب المستثمرين إلى خارج البلد، منذ العام 2011، بعد انطلاق أحداث الثورة السورية.

لذلك كان أكثر ما يلحظ في بنود القانون الجديد، التركيز على المشاريع الصناعية بالدرجة الأولى، إذ أن القانون الجديد وبحسب تصريحات مسؤولي النظام، يخص هذه المشاريع بامتيازات تختلف عن غيرها، كما أنه يمنح للمستثمرين فترات أطول من السابق، يحصلون فيها على إعفاءات ضريبية كاملة قابلة للتمديد في حال تعثر المشروع، مع ضمانات قانونية، تبعد يد أجهزة المخابرات والجهات العامة، عن التسلط على المستثمرين، مثلما كان يحدث قبل العام 2011.

ووصف مراقبون، قانون الاستثمار الجديد، بأنه يتناسب وأمراء الحرب الجدد، الذين جنوا أموالاً طائلة خلال السنوات الثمانية الماضية، بينما أصبحت الحاجة لأن يستثمر هؤلاء الأمراء، هذه الأموال، في مشاريع صناعية وعقارية، من أجل تبييضها، وتحويلها لأدوات قوة وتسلط بيد النظام، كما كان يخطط قبل قيام الثورة السورية، لكن هذه المرة مع وجوه جديدة.. وكثير منهم مارس القتل والإجرام، بشكل مباشر أو غير مباشر.

تجدر الإشارة إلى أنه وبحسب إحصائيات هيئة الاستثمار السورية، فإن مجموع المشاريع التي جرى الترخيص لها العام الماضي بلغت قيمتها 2 مليون دولار فقط، بينما أشارت إلى وجود استثمارات قيد التنفيذ بقيمة  10 ملايين دولار.

ترك تعليق

التعليق