مدن وقرى خاوية على عروشها.. رغم قرار الهدنة في إدلب


هدوء نسبي تشهده محافظة إدلب خلال هذه الفترة، لاسيما مناطق ريف إدلب الجنوبي وحماة الشمالي وريف المعرة الشرقي، التي طالها قصف عنيف ووحشي خلال الأيام القليلة الماضية قبيل إعلان الهدنة الروسية، والتي تم قبولها من جانب الفصائل المقاتلة في الشمال المحرر.

إلا أن هذا الهدوء لم يقابله حياة هادئة، فلا يزال الأهالي يركبون قوافل النزوح بغية البحث عن أماكن أكثر أمناً.

"البيوت تموت إذا غاب سكانها"، هذه هي حال عشرات المدن والقرى في أرياف الشمال المحرر. لم تعد أسواق معرة النعمان مكتظة بالناس ولا حتى بالدكاكين، وهي خاوية من معظم سكانها، وفق ما أكده الناشط "أحمد الجربان" لـ "اقتصاد"، مضيفاً خلال حديثه: "وحشية القصف والمجازر المروعة التي ارتكبها النظام وحليفه الروسي وسيطرته على مناطق جديدة دفعت بسكان المدينة للخروج منها".

ريف المعرة

خلال الحملة العسكرية الأخيرة على إدلب كثفت قوات النظام قصفها على قرى وبلدات ريف المعرة الشرقي لا سيما عقب سيطرتها على خان شيخون.

الناشط "محمد الإبراهيم" من بلدة الغدفة بريف المعرة، تحدث عن البلدة الفارغة من سكانها إلا من بعض القطط الشاردة وشظايا القصف.

وكان عدد سكان الغدفة يبلغ ٧ آلاف نسمة، كما كان يقطنها قرابة ٤ آلاف نزحوا من مناطق ريف حماة. وسبق أن استقبلت البلدة مئات العوائل من مهجري ريف دمشق. وكانت الغدفة تعد المركز التجاري بريف المعرة.

"لم يعد أحد من سكان البلدة، إلا لجمع أغراضه"، يؤكد "الإبراهيم"، موضحاً أنه لا ثقة للأهالي بالوعود الروسية وبهدنة النظام التي من المتوقع أن يتم خرقها في أي لحظة.

"محمد أبو علي"، أحد أهالي الغدفة عاد لبلدته عقب إعلان الهدنة، يقول لـ "اقتصاد": "عدت للبيت لكي أستكمل جمع أغراضي، وقد قمت بإزالة الأبواب والشبابيك وأسلاك الكهرباء". وتابع متحسراً: "أنا أترك بيتي الذي ولدت وعشت فيه أجمل أيامي ولكن خوفاً على أطفالي فالمنطقة معرضة للقصف بأي لحظة. في بيتي لم يبقى إلا الحيطان".


كفرنبل

تقع في ريف إدلب الجنوبي وقد طالها القصف الوحشي الذي أجبر أكثر من ٩٥% من سكانها على النزوح باتجاه المناطق الحدودية بحسب المجلس المحلي للمدينة.

الأستاذ "هيثم الخطيب" رئيس المجلس، أوضح لـ "اقتصاد" أن كفرنبل أصبحت مدينة منكوبة ولا تمتلك أي مقومات للحياة بسبب القصف العنيف الذي تعرضت له مشيراً إلى أنه ليس لدى الأهالي أي رغبة بالعودة للمدينة رغم إعلان الهدنة، "لأن نظام الأسد نظام فاجر ليس له عهد ولا ميثاق"، حسبما يقول "الخطيب".

ويعمل المجلس المحلي على إحصاء الأهالي النازحين وتوثيق مناطق سكنهم بغرض الاستفادة من القوائم في حال تقدمت إحدى المنظمات بالدعم الإغاثي المتوقف حالياً، بحسب "الخطيب".

وتبدو العودة إلى كفرنبل خياراً غير مطروح خلال هذه الفترة رغم سريان وقف إطلاق النار، "لا يمكننا أن ندعو الناس للعودة لمنازلهم ، ولكننا نساهم في تأمين السكن لهم"، قال "الخطيب".

وبهذا الصدد، فإن المجلس المحلي أسهم بمساعدة جمعية التعاون الخيرية على إنشاء مخيم في منطقة "باريشا" ليستوعب قرابة ٥٠٠ عائلة من أهالي المدينة الذين ليس لديهم القدرة على تأمين سكن.


الشيخ مصطفى

وهي قرية تقع في ريف إدلب الجنوبي وتتبع لمدينة كفرنبل، وكان عدد سكانها يبلغ ٣٠٠٠ نسمة، وشهدت أحياؤها دماراً كبيراً بنسبة ٦٠% تقريباً، وفقاً للناشط الإعلامي "مصطفى الحلاق"، الذي أوضح أن القرية باتت خالية من جميع سكانها "حتى القطط بعضها مات من انعدام الحياة بالقرية".

خوف الأهالي من الهدنة التي ربما تكون هشة كالهدن السابقة وقرب ميليشيا النظام من القرية مسافة ٣ كيلو متر فقط بعد سيطرتها على قرية مدايا، باتت عوائق أمام الأهالي تمنعهم من التفكير بالعودة لقريتهم.

"الحلاق" قال إن الأهالي اغتنموا وقف إطلاق النار بالعودة سريعاً لجمع بقايا أغراضهم.

حالة خوف وترقب

ومع مرور عدة أيام على قرار الهدنة، إلا أنه تم خرقها بشكل جزئي حيث تعرضت عدة مناطق بريف إدلب لقصف مدفعي وصاروخي، وتشهد المنطقة طلعات للطيران الحربي للاستطلاع دون تسجيل أي غارات حتى اللحظة، ولكن الأهالي يعيشون حالة من الخوف ويرقبون بحذر موعد تجدد القصف ونقض الهدنة التي يصفها نشطاء بأنها مؤقتة، وما هي إلا تحضير لحملة عسكرية جديدة ربما تكون أكثر دموية.

ترك تعليق

التعليق