افتتاح طريق "حلب - الحسكة".. هل ينعش النظام اقتصادياً؟


عاد طريق "حلب - الرقة" أو طريق "حلب - الحسكة" للعمل من جديد بعد توقف دام أكثر من 8 سنوات أمام حركة المدنيين ذهاباً وإياباً، حسب ما أعلنت حكومة النظام السوري، والتي أشارت صراحة إلى أن فتح الطريق جاء بجهود روسية وبالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية – "قسد"، شرقي سوريا.

وأثارت المساعي الحثيثة للروس من أجل فتح جزء من طريق "حلب- اللاذقية" أو ما يعرف بطريق الـ M4، أي الجزء الواصل من "حلب حتى الرقة والحسكة"، الكثير من التساؤلات حول الأهداف التي تريدها روسيا من وراء ذلك؟، وكيف سينعكس ذلك على رأس النظام السوري "بشار الأسد" اقتصادياً خاصة مع قرب تطبيق قانون "قيصر" الذي سيفرض عقوبات على النظام وداعميه وكل من يتعامل معه؟

ورأى مراقبون ومحللون أن روسيا تسعى للاستفادة من قوات سوريا الديمقراطية- "قسد"، التي سيستثنيها قانون "قيصر" من العقوبات، كي تحاول التنسيق معها لإنعاش النظام السوري المنهار اقتصادياً، والذي سيتداعى اقتصاده بشكل أكبر حال تطبيق القانون.

وذكرت مصادر محلية من المنطقة الشرقية لـ "اقتصاد"، أنه "من المتوقع أن يحصل تبادل تجاري بين النظام و"قسد"، وأيضاً سيساهم الطريق في تسهيل مرور المدنيين والتنقل بين المناطق المذكورة، لكن عند تفعيل قانون قيصر لن يكون للطريق سوى قيمة رمزية بالنسبة للنظام إلا إذا خالفت (قسد) الأوامر الأمريكية، كأن يُمنع عليهم التعامل مع النظام كحال باقي المؤسسات الدولية والحكومية".

وكان المبعوث الأمريكي لمناطق شمال وشرق سوريا "وليام روباك" قال في 23 أيار الماضي، إن قانون "قيصر"سيستثني مناطق الإدارة الذاتية وسيكون هناك عمل وتنسيق مشترك في إطار برامج الدعم الأمريكي.
‎‎
وفي هذا الصدد قال المحلل السياسي والمطلع على أحوال المنطقة الشرقية "محمد علي صابوني" لـ "اقتصاد" إن "التحركات الروسية المتواترة والمتسارعة في العمل على فتح طريق M4، جاءت استباقاً لتطبيق قانون (قيصر) المزمع البدء بتنفيذه قريباً مع حلول شهر حزيران/يونيو، ويبدو أن الروس قد عوّلوا على الاستفادة من استثناء الولايات المتحدة لمناطق سيطرة (قسد) من القانون، وذلك في محاولة منهم لفك الخناق المتوقع الذي سيفرضه القانون، فيما لو تم البدء بتنفيذ بنوده على الأرض، ولتأمين المواد الضرورية للمناطق التي يتقاسم النظام السيطرة عليها مع الإيرانيين والروس".

وأضاف: "المتتبع لمجريات الأحداث يدرك بأن العلاقة لم تنقطع بين النظام و(قسد) خلال السنوات القليلة الماضية، وقد حافظ النظام على تواجده الأمني والعسكري في القامشلي والحسكة وازداد نفوذه أكثر نهاية العام 2019 بدعمٍ روسيٍّ بعدما انتشرت قواته في أكثر من منطقة في أرياف حلب والحسكة والرقة بالاتفاق مع (قسد)، لمواجهة فصائل الجيش الوطني المدعومة من تركيا".

وتابع: "خلال تلك الفترة كان التبادل التجاري وحركة العبور مستمرة عبر ممرات غير رسمية، وقد تأثرت في بعض الأحيان بسبب الضغط الأميركي، لكنها لم تنقطع كلياً".

ومن المعروف أن الطرق البرية السهلة والآمنة تضمن وصول الخيرات من مناطق الثروات الزراعية والنفطية وغيرها، شرقي سوريا، إلى معاقل النظام الأمنية في الساحل ودمشق، كما تضمن له بقاء النفوذ الأمني في مناطق ما تزال خارجة عن سيطرته بشكل أو بآخر، فالقسم الأكبر من الثروات الزراعية والباطنية يقع ضمن مناطق سيطرة "قسد"، وهي تسيطر على 80% من النفط السوري، حسب محدثنا.

وأضاف "محمد علي صابوني": "للنظام مصالح كبيرة سياسية واقتصادية وأمنية في تفعيل وتشغيل الطرق بين الشمال الشرقي والداخل السوري، كما أن لـ (قسد) أيضاً مجموعة مصالح تخصها، ومن الضروري بالنسبة لها التعاطي بإيجابية مع المطالب والمصالح الروسية لتحقيق مصالحها، على الأقل وفق المحددات والسقف الذي تحدده لهم الولايات المتحدة الأميركية والتي تشكل الذراع العليا التي تمسك بأهم الملفات السورية وتحركها كما تشاء ضمن الهوامش التي لا تتعارض ومصالحها".

وكان محافظ الرقة المكلف "عبيد الحسن" قالها صراحة إن الروس ساهموا بشكل إيجابي في التنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية من أجل فتح هذا الطريق الذي كان مغلقاً منذ العام 2013، دون الإفصاح عن آلية هذا التنسيق.

وقال عضو الهيئة السياسية للتجمع الوطني لقوى الثورة في الحسكة، "فواز المفلح"، لـ "اقتصاد"، إن "فتح طريق M4 – (حلب-  اليعربية-  القامشلي)، مروراً بمحافظة الرقة، لن يفيد النظام اقتصادياً، ونقدر قيمته الاقتصادية بـ 0.01%، ولكن سيستفيد منه إعلامياً ومعنوياً لاستعادة بعض من الثقة التي افتقدها من حاضنته الشعبية، وذلك بحركة مرور سريعة بعض الشيء على الطرقات".

وأشار إلى أن "خطوط التواصل بين مناطق النظام والجزيرة لم تنقطع حتى أثناء سيطرة تنظيم (الدولة الإسلامية)، وإن كانت تكلفة بعض الرسوم لتسهيل مرور الشاحنات التي كانت تنقل الحبوب إلى مناطق سيطرته في الوسط والجنوب والغرب، ستنخفض، وكذلك تكاليف مرور صهاريج نقل النفط عبر وسطاء اعتمدهم النظام لتغطية بعض احتياجاته من هذه المواد، كالقاطرجي وأمثاله".

وفيما يتعلق بسعي روسيا لاستغلال الطريق بالتنسيق مع "قسد" قبل تطبيق قانون "قيصر"، قال "المفلح":  "مناطق قسد غير مشمولة بالعقوبات فبالتأكيد سيستفيد النظام من ذلك، وهذا يعتبر أول كسر وخرق لقانون سيزر، ولكن بالتأكيد قوات قسد ستستغل نظام الأسد مقابل تمرير المواد اللازمة لضمان بقائه، ولكنها ستكون بمثابة قطرات في فم شخص ميت سريرياً".

وطريق الـ M4 يمتاز بأهمية استراتيجية كونه طريق دولي تجاري ممتد من الحسكة شرق سوريا، وحتى اللاذقية غرب سوريا، ويعتبر امتداداً لطريق الحرير التجاري القديم مع الصين، إضافة إلى أهميته العسكرية والاستراتيجية إذ يفصل ريف إدلب الجنوبي عن ريفها الشمالي.



ترك تعليق

التعليق