كيف سيتم تغيير العملة السورية..؟

 

بدأ الكثير من الباحثين والمختصين بالإدلاء بآرائهم حول تغيير العملة السورية، الذي بات أمراً واقعاً في أعقاب سقوط النظام السوري، وحلول حكومة جديدة مكانه.

وقال الدكتور كرم الشعار، مدير البرنامج السوري في "مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية" إن قرار تغيير طبعة العملة السورية يعد قراراً سيادياً 100%، ويأتي بأمر من المصرف المركزي الذي تسيطر عليه حكومة تسيير الأعمال حالياً، ولا علاقة لصندوق النقد الدولي كما يعتقد البعض.

وأوضح الشعار، في تصريح لموقع "عنب بلدي" أن هناك الكثير من التصورات المغلوطة حول تغيير العملة، حيث يعتقد البعض أنه في حال قررت الدولة تغيير العملة يجب أن يكون لديها غطاء من العملة الأجنبية والذهب، بينما هذا الأمر انتهى في كل دول العالم منذ سبعينيات القرن الماضي.

بدورها أكدت الباحثة الاقتصادية "رشا سيروب" أن قرار تغيير العملة السورية، عقب سقوط النظام، ليس مجرد خطوة تقنية بل هو إجراء استراتيجي يتطلب تخطيطاً دقيقاً وتهيئة شاملة للاقتصاد السوري.

وأشارت في تصريح للموقع ذاته إلى أن تطبيق هذا القرار دون اتخاذ التدابير الاقتصادية المناسبة قد يؤدي إلى آثار سلبية كبيرة، داعية إلى تنفيذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية التي تضمن استقرار الاقتصاد وتخفف من المخاطر المحتملة.

وبيّنت سيروب أن قرار تغيير العملة، قد يؤدي إلى المزيد من التضخم والتراجع في النمو الاقتصادي الحقيقي، لذلك لا يجب أن يتم التغيير كإجراء منفصل ومستقل عن حزم إصلاحية واسعة في السياسة النقدية بحيث تتم إعادة هيكلة البنوك وتوحيد عملها على جميع الأراضي السورية وتطوير أدوات السياسة النقدية، وتعزيز الرقابة على النظام المصرفي، وإصلاح مالي يرتكز بشكل رئيس على توجيه الإنفاق العام نحو الاستثمارات الإنتاجية، وإصلاح هيكلي للاقتصاد يقوم على تشجيع الاستثمار وتنويع القاعدة الاقتصادية والحد من الاعتماد على الاستيراد.

ولفتت الباحثة سيروب إلى أن من الضروري أيضاً القيام بإجراءين منفصلين سيساعدان بتحقيق جدوى مقبولة نسبياً مقارنة باتخاذ القرار بتغيير العملة، يتمثل الإجراء الأول بالعمل على توفير احتياطيات كافية من النقد الأجنبي، وهو ما يتطلب تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية والعمل بشكل حثيث على رفع العقوبات الدولية، كي يتمكن الاقتصاد السوري من جذب الاستثمارات الأجنبية والحصول على القروض بشروط ميسرة من المؤسسات الدولية والدول الداعمة لسوريا في حكومتها الجديدة.

وكذلك ضمان سيطرة الدولة على مواردها الاقتصادية على كامل الأراضي السورية، وعلى وجه الخصوص الموارد النفطية التي تعد المصدر الرئيس للقطع الأجنبي.

ورأت سيروب، المدرس في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، أن تغيير العملة أو استبدالها قد يساعد في معالجة مشكلة شح السيولة النقدية على المدى المنظور، لكن على المدى المتوسط والطويل سيؤدي قرار كهذا إلى مزيد من عدم الاستقرار النقدي الذي يتطلب درجة من الاستقرار المالي تستند إلى سياسات مالية سليمة يتم تنفيذها على التوازي (إن لم تكن سابقة) مع هذا القرار، مؤكدة إلى أن الافتقار إلى السياسات الداعمة الكافية ستؤدي حكماً إلى خسارة العملة الجديدة مصداقيتها، التي قد يكون من الصعب والمكلف جداً استعادتها في مرحلة لاحقة.

لذا فإن تغيير العملة قبل ضمان الاستقرار السياسي ورفع العقوبات الدولية عن سوريا يعد خطوة محفوفة بالأخطار، بحسب سيروب، معتبرة أن الإقدام عليها من دون تغطية مالية كافية يؤدي إلى التضخم الجامح وتراجع قيمة العملة بشكل سريع، ما قد يفاقم الأزمة الاقتصادية الحادة أصلاً.

كما تؤدي هذه الإجراءات إلى زيادة الكتلة النقدية في الاقتصاد من دون دعم حقيقي من الإنتاج أو التصدير، ما قد يعزز فوضى السوق النقدية ويزيد الطلب على العملات الأجنبية.

وفي السياق ذاته، كشف موقع "بزنس2بزنس" عن الخطوات والمراحل التي يجب إتباعها عند تغيير العملة في أي بلد، مشيراً إلى أنه في الحالة السورية، يجب في البداية حصر النقد المتداول من خلال البدء بعملية إحصاء شامل لحجم النقد الموجود في السوق والاقتصاد.

وأضاف الموقع أنه في المرحلة الثانية يجب تصميم وطباعة العملة الجديدة مع إطلاق حملات توعوية لتعريف المواطنين بالتصميم الجديد وآلية الاستبدال. مشيراً إلى أن الجهات المختصة يمكن أن تحدد نسب الاستبدال: مثلاً، ليرة قديمة = ليرة جديدة، أو إزالة أصفار من العملة نظراً لوجود تضخم في سوريا كما حدث في بعض الدول الأخرى. مثلاً 100 ليرة قديمة = ليرة واحدة جديدة، أو 1000 ليرة قديمة = ليرة جديدة.

وأشار الموقع إلى أن أهم مرحلة، هي عملية الاستبدال التدريجي للعملة، من خلال إتاحة العملة الجديدة في البنوك وأماكن الصرف، لافتاً إلى أنه في العراق عام 2023، استغرقت عملية استبدال العملة بالكامل ثلاثة أشهر فقط (من تشرين الأول/أكتوبر إلى كانون الثاني/يناير).

 

 

ترك تعليق

التعليق