استبدال الليرة.. ما بين تصريحات المسؤولين وانتقادات المراقبين

 

في حين دعا وزير المالية، محمد يسر برنية "قطاع الأعمال والمجتمع والمواطنين جمعياً" إلى التمسك و"الاعتزاز بالعملة الوطنية كعملة أساسية للتعاملات والتداول والادخار"، وإلى الحرص على " التقيد بالتعليمات التي سيصدرها المصرف المركزي بشأن اجراءات الاستبدال وعدم الالتفاف للشائعات"، وفي الوقت، الذي وصف فيه حاكم المركزي السوري، عبد القادر حصرية، إطلاق العملة الجديدة، بأنه احتفال "بسيادتنا وهويتنا الوطنية"، مشيراً إلى أن "الليرة ليست مجرد وسيلة تبادل، بل رمز لنجاح الثورة وانتمائنا وثقتنا بقدرتنا على النهوض". في هذه الأثناء، انتقد مراقبون مشروع طباعة واستبدال العملة في سوريا، من حيث الآليات والبرامج ومدة التنفيذ، ناهيك عن الجدوى الاقتصادية.

وكتب الإعلامي السوري المختص في الشأن الاقتصادي، معمر عواد، على صفحته في "فيسبوك": "السرّعة التي نُفذ من خلالها مشروع تصميم وطباعة واستبدال العملة في سوريا، يشي أننا على مشارف مغامرة وفوضى "نقدية" في سوريا، بفعل  غياب واضح لآليات وبرامج  ومدة التنفيذ لسحب الكتلة النقدية القديمة وإحلال "الجديدة" مكانها، ما يزيد المخاوف عند أهل الاختصاص من التبعات التضخمية، والاستقرار النقدي". فيما علّق الأكاديمي والباحث السوري، رضوان زيادة، بالقول: "ليست هناك أية جدوى اقتصادية من العملة الجديدة في سورية، اللهم إلا التخلص من صورة الأسدين الذين يحملان معهما عار سورية وقصة دمارها".

كان وزير المالية قد قال في منشوره المتعلق بهذه القضية، في صفحته بـ "فيسبوك"، اليوم السبت، إن "السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية التي تنتهجها السلطات السورية، ستعزز بعون الله من استقرار العملة الوطنية، لتكون ركن مهم من اركان دعم التنمية والنمو الاقتصادي في سورية".

فيما ذكّر حاكم المركزي، حصرية، بتجارب دولية كثيرة، "تؤكد أن العملة الوطنية تصبح قوية عندما يلتفّ الناس حولها:

١) في ألمانيا شكّل إطلاق المارك بعد الحرب نقطة انطلاق لنهضة اقتصادية،

٢) وفي فرنسا، كان الفرنك الفرنسي الجديد الرمز المالي للجمهورية الجديدة التي عرفت بالجمهورية الخامسة".

أما الإعلامي، معمر عواد، الذي انتقد مشروع استبدال العملة، فقال: "ندرك أن استبدال العملة القديمة، ضرورة للتخلص من "ارث الاسد، و "الأكياس السوداء"، واستعادة الورقة النقدية هيبتها وعودتها الى "جزدان" المواطن". وعقّب: "لكن الامر ليست بتلك البساطة التي يسوقها صناع السياسات النقدية في سوريا، فالموضوع اكثر تعقيداً، في ظل وضع اقتصادي متردِ ومتهالك، وبطئ شديد في دوران عجلة التنمية، ونظام نقدي هش يعاني اختلالات وتقلبات شديدة، وسطوة لئيمة من المضاربين، ما يجعل من عملية ضخ كميات كبيرة من النقود في السوق عرضة لظهور ضغوط تضخمية، بفعل ضعف الطلب على العملة المحليّة، خاصة وأن 90% من الشعب السوري يعيش  تحت خط الفقر، ووقوع أراضي ومساحات جغرافية خارج سيطرة حكومة دمشق، في ظل تقديرات لا تشير إلى استقرار سياسي قريب". وختم: "الخوف أن يتحول مشروع استبدال العملة في سوريا وسيلة لتمويل عجز الموازنة في اطار سياسات توسعية والتي سيدفع ثمنها المواطنين من قدرته الشرائية".

فيما كان انتقاد رضوان زيادة من زاوية مختلفة، ذات طابع سياسي، إذ قال: "أضاعت الحكومة الانتقالية فرصة مميزة للنقاش الوطني حول صور ورموز سورية الجديدة التي يجب أن تنعكس في العملة الجديدة، فالعملة هي بمثابة الهوية الوطنية وتكريسها عبر النقاش والحوار كانت فرصة لا تفوت لولادة سورية الثورة من جديد".

وبالعودة إلى منشور وزير المالية، قال: "تحديات كبيرة رافقت التحضير وتحديات سترافق الاستبدال، مصرف سورية المركزي وضع السياسات والإجراءات اللازمة لنجاح عملية الاستبدال، لنكن على مستوى الوعي المطلوب".

فيما قال حاكم المركزي في منشوره: "نحن في المصرف المركزي سنقوم بدورنا الذي نفهمه جيداً، مدركين حجم التحديات والفرص، وملتزمين بالمسؤولية والشفافية وحماية النقد الوطني. ويبقى الأساس في تكاتف الناس وثقتهم، لأن العملة القوية تبدأ بإيمان أهلها بها".

وعقّب: "فلنجعل من هذه المناسبة حالة وطنية راقية، نُعبّر فيها عن وعينا، وثقتنا، وتمسّكنا بالليرة كرمز سيادتنا وخيارنا الوطني".

 

 

ترك تعليق

التعليق