جدل حول "اضطهاد تعليمي" للسوريين في مصر

في ظاهرة غريبة من نوعها فوجىء أهالي الطلاب السوريين المسجلين في محافظة القليوبية وفي منطقة الشيخ زايد ومنطقة أكتوبر في مصر أن أبناءهم نالوا علامة الصفر في أكثر من مادة ويروي الأستاذ اسامة حلاق لـ"اقتصاد" أن جميع الطلاب السوريين في المرحلة الثانوية في المدارس الحكومية في محافظة القليوبية, وجدوا أنفسهم فجأة راسبين دون استثناء في أكثر من مادة, حتى المتفوقين منهم.

ويضيف: وردتني حالة غريبة عن طالب كان يدرس مادة المعلوماتية لطلاب الثانوي في مراكز خاصة وُضعت له علامة الصفر في هذه المادة, هذا الطالب نفسه وهو من طلاب المدارس الشرعية, وقد خضع لامتحان في معهد أزهري بإشراف 6 مدرسين في المواد الدينية المشتمل عليها المعهد الأزهري ونال نسبة 90% في الامتحان, غير أن والده لم يستطع إلحاقه بالمعهد الأزهري بسبب الظروف المادية, فألحقه بمدرسة حكومية, وفوجئت بأن هذا الطالب نال أيضا علامة الصفر في مادة التربية الدينية, وأما الطلاب الملتحقون بالمدارس الخاصة -كما يقول حلاق- ,فقد نجحوا جميعا, ويبدوا أن هذا جزء من السياسة الممنهجة, لإجبار الطلاب السوريين على الالتحاق بالمدراس الخاصة.

وكشف الحلاق أن أحد الطلاب نال علامة 12.5 في مادة اللغة الفرنسية على الرغم من أنه لم يقدم المادة إطلاقاً كونه معفى من اللغة الأجنبية الثانية وأن معظم الطلاب نالوا علامة الصفر في مادتي التربية الوطنية وفي مادة الديانة حتى المتفوقين منهم.

ويضيف الاستاذ أسامة حلاق: قمنا بتوجيه الطلاب إلى الإدارة التعليمية ليقوموا بتقديم طلب تظلم فأخبرتهم الموظفة المسؤولة أنه سيعاد تصحيح جميع أوراق طلاب المنازل.

ويشير حلاق إلى أن هناك نوعاً من الاضطهاد التعليمي في دول اللجوء بالنسبة لمعظم الطلبة ويدلل على ذلك قائلاً: إن معظم أولياء الطلاب السوريين الذين قدموا إلى مصر من ذوي الدخل المحدود أو من معدومي الدخل وتم تسجيل معظمهم في المدارس الحكومية على أنهم طلاب منازل (دراسة حرة) هذا يعني أنهم لن يتمكنوا من حضور الدروس في المدارس الحكومية، هذا إن أغفلنا تدني وانحطاط التدريس في المدارس الحكومية، ولذلك سيضطرون لتلقي الدروس الخاصة في المراكز التعليمية، وهذا يثقل كاهل أوليائهم علماً أن معظم المدرسين في المراكز الخاصة هم أصلاً مدرسون في المدارس الحكومية، ما يؤهل الطلاب الذين يتلقون الدروس في المراكز الخاصة (المشهورة) للنجاح أكثر من غيرهم، ومن جانب آخر يشير الأستاذ أسامة حلاق إلى أن بعض الجمعيات والمؤسسات الإغاثية في مصر قامت بإنشاء مراكز تعليمية على شكل مدارس وقد تلقوا دعماً مادياً كبيراً, سواء من هيئات محلية أو دولية أو من أشخاص متبرعين, غير أن معظم المبالغ التي تم التبرع بها تم استغلالها بشكل شخصي (للقيّمين على هذه المؤسسات)، ما حرم الطلاب السوريين من الاستفادة منها لإتمام تحصيلهم العلمي، ويشير حلاق إلى أن أحد الطلاب المتواجدين في مصر قام وبمساعدة والده المقيم في السعودية بإنشاء هيئة إغاثية واستطاع استجرار مبالغ خيالية بحجة تعليم أبناء اللاجئين السوريين واستحوذ مع مجموعة من الشباب على معظم مبالغ المعونات.

ويضيف أسامة حلاق أن "الإغاثي" المذكور كان مجرد طالب عادي يسكن في مصر مع مجموعة من الشباب وبعد إنشائه هذه الهيئة أضحى من الأغنياء المترفين يسكن في فيلا ولديه سيارة فاخرة واستطاع شراء ود الكثير من الجمعيات الخيرية في مصر ومنها جمعية (بيت العائلة)، وصارت تصله معونات منها العينية ومنها المالية، أما المعونات العينية فكان معظمها يذهب لبطانته الذين أصبحوا يسكنون شققاً فخمة مجهزة بأحدث التجهيزات ولهم رواتب خيالية عدا عن مبالغ الابتزاز المتنوعة التي يحصّلونها من اللاجئين السوريين.

يُذكر أنه لم يتسنَّ لـ"اقتصاد" التأكد من المعلومات التي زودنا بها المصدر "أسامة حلاق" بخصوص الهيئة الإغاثية التي ألمح لها، مما جعل المعطيات التي زودنا بها على مسؤوليته الشخصية.

وفي نفس السياق، حاولت "اقتصاد" التقصي إن كان ظاهرة "الاضطهاد التعليمي" التي يتعرض لها الطلبة السوريون في بعض مناطق مصر التي ذكرها المصدر "أسامة حلاق"، يمكن تعميمها على كامل التراب المصري، فتحدثنا إلى أحد أعضاء كادر "اقتصاد" المقيمين في مصر، وأكد لنا الأخير أنه من غير الدقيق تعميم ما وُصف بأنه "اضطهاد تعليمي" للسوريين في مصر، فالأمر يختلف من مدرسة لأخرى، إلى جانب أن كثرة الغياب عن المدارس المصرية يؤدي إلى إسقاط علامة النشاط، وهي تشكل 60% من محصلة الدرجات.

وأضاف المصدر أنه يتوجب على الطالب السوري في المدارس المصرية حضور الامتحانات الشهرية وعمل أي شيء يتعلق بما يسمى نشاط التلميذ. واستطرد بأن أوضاع أولاده كانت ممتازة في المدارس المصرية، وأنه خبر تجربةً بهذا الصدد في كل من بورسعيد والإسكندرية، لكنه لم يخفِ استعانته بالدروس الخصوصية عن طريق مدرسين سوريين، وهي حالة سائدة في المشهد التعليمي المصري الذي لا يختلف عن معظم أقرانه في البلاد العربية.

وختم المصدر بأن هناك مبالغات وإساءات من السوريين أنفسهم، معتبراً أن من غير المناسب تعميم ما وُصف في كلام "أسامة حلاق" بأنه "اضطهاد تعليمي" للسوريين في مصر.

يُذكر أن هناك خلافا في تقدير تعداد السوريين المقيمين في مصر بين المصادر الرسمية وتلك غير الرسمية، خاصة أن جزءاً كبيراً منهم من غير المسجلين في مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، لكن تقديرات وسطية تذهب إلى أن السوريين بمصر يتجاوزون نصف مليون نسمة.

ترك تعليق

التعليق