طباعة عملة وتضخم: طرفا معادلة إنهاك المواطن

اعتبرت صحف النظام أن طباعة العملة الجديدة من فئة الـ 500 ليرة سورية لن يؤثر على معدلات التضخم، مبررين أن الطباعة لن تكون إلا لأسبابٍ أمنية.

بالمنطق الاقتصادي من غير الممكن أن لا تتأثر معدلات التضخم بطرح كتلة نقدية جديدة في الأسواق، وفي الحالة السورية، فإن تعاظم الكتلة النقدية يأتي على حساب الكتلة السلعية في ظل تراجعٍ حاد في الإنتاج، وهو ما يدفع بمعدلات التضخم إلى الارتفاع.

طباعة العملة هي واحدة من الوسائل التي لجأ إليها النظام منذ بداية الثورة لتغطية عجز الموارد، نتيجة شلل العجلة الاقتصادية في البلاد، وتراجع موارد الخزينة، وسبق لوزراء ماليته أن تحدثوا بأن طباعة العملة ستكون أحد الحلول القائمة لتغطية عجز الموازنات، وهنا نشير أن موازنات النظام خلال السنوات الثلاثة الماضية كانت بأرقامٍ قياسية، كان آخرها للعام 2014 بقيمة 1390 مليار ليرة سورية، مقابل 835 مليار ليرة في العام 2011.

طباعة العملة ليس خبراً جديداً لكن الجديد هو اعتراف النظام صراحةً بطباعة العملة من فئة 500 ليرة سورية، والملفت أنه لم يحدد الكمية التي سيتم طباعتها حسب ما يشير خبير اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه ويضيف أن فئة الخمسمئة ليرة الموجودة في الأسواق حالياً ما زالت جديدة، أي أنه لا يمكن للنظام أن يقول إنها باتت عملة تالفة وسيتم تدويرها للوصول إلى المركزي والتخلص منها، وهذا يعني أن الطباعتين القديمة والجديدة من فئة الخمسمئة ليرة سورية ستبقى ضمن التداول، وهذا يعني زيادة كتلة نقدية في الأسواق.

ويضيف الخبير أن النظام لا يستطيع الطباعة في مطابع الدول الأوروبية بسبب العقوبات، ما يعني أنه سيلجأ للدول الحليفة "والمطعون بجودة طباعتها عالمياً علاوةً عن التكلفة الأعلى"، لكن بكل الأحوال فإن الأمر سيعود كارثياً على الوضع الاقتصادي بفعل ارتفاع مستويات التضخم لا سيما أنها عملة دون رصيد في الناتج المحلي يغطي حجمها ولا في احتياطات القطع الأجنبي، أي أنه سيبقى نقدا أكبر من الإمكانات الحقيقية للاقتصاد السوري الحالي.

ولجأت العديد من الدول إلى طباعة العملة وكان الأمر كارثياً على اقتصاداتها كحال ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية حيث الناس تحمل المال في السلال من أجل التسوق، وتوقد النار بأوراق العملة النقدية الصغيرة.

دائرة التضخم المعيبة دخل فيها الاقتصاد السوري منذ سنوات ويرجح الخبير الافتصادي أن تزداد الهوة أكثر بين دخل المواطن والاحتياجات المعيشية المتعاظمة بفعل الارتفاعات المتزايدة للأسعار وتخلي الدولة عن دورها في دعم العديد من السلع.

وينوه الخبير الاقتصادي إلى أن زيادة معدلات التضخم بوجهٍ آخر تؤمّن موردا للنظام، وارتفاعه سيخدمه، فالإنتاج لم يتغير لا بل تراجع بالنسبة للجودة لكن الأسعار ارتفعت أي أنها أرباح دون تكاليف.

ترك تعليق

التعليق