محمد مخلوف "أبو رامي".. مؤسس امبراطورية فساد الأسد الابن


منذ العام 1972 وحتى العام 1998، لم يكن محمد مخلوف، شقيق زوجة حافظ أسد وخال بشار، لم يكن أكثر من شخص فاسد بين مئات الأشخاص الفاسدين والذي ينتمي أغلبهم لعائلة الأسد.. إلا أنه بعد العام 1998، تغير الوضع كثيراً مع تفاقم مرض حافظ أسد، ودخوله في غيبوبات كانت تسمر لأيام، ما حول مقاليد الحكم فعلياً إلى بشار الأسد وقبل وفاة والده بعامين..

يستذكر الكثير من المسؤولين في تلك الفترة، ومنهم وزراء، أن الأوامر كانت تأتيهم على الأغلب من بشار، وفي أحيان قليلة عبر أبو سليم دعبول مدير مكتب حافظ أسد آنذاك، لكنها كانت تحمل أيضاً توجيهات بشار..

لقد سمح هذا الوضع لمحمد مخلوف أن يتحول إلى المستشار الفعلي لبشار الذي كان يعاني من ضعف الخبرة والشخصية على حد سواء، بالإضافة إلى أن محمد مخلوف عانى كثيراً خلال فترة حافظ أسد من سيطرة أشقائه وأبناء أخوته على كل شيء تقريباً، حتى وصل الأمر أخيراً إلى إبعاده في العام 1985 عن المؤسسة العامة للتبغ التي تولاها منذ العام 1972، وهو ما أفقده الكثير من الإيرادات والامتيازات التي كان يحصل عليها من الوكالات الحصرية لشركات التبغ العالمية.

(صورة متداولة لـ محمد مخلوف)

لقد وجد محمد مخلوف في العام 1998، أن الفرصة أصبحت مواتية لتحقيق كل طموحاته وأن يصبح الحاكم الفعلي لسوريا من خلف جدار بشار الأسد. أما هذا الأخير فقد كان معجباً بخاله كثيراً وبأفكاره الجهنمية وفهلويته، بالإضافة إلى أنه وجد فيه الفرصة لكي يبدو مختلفاً عن والده، وأن يحطم من خلاله كل قيادات الحرس القديم وتوجهاتهم..

وهكذا بدأت مرحلة جديدة من الفساد في سوريا في عهد بشار الأسد، كانت أبرز ملامحها سرقة اقتصاد البلد وأمواله بشكل مباشر وقانوني، على عكس ما كان سائداً في عهد حافظ أسد عندما كان الفساد يأخذ شكلاً غير قانوني ويقوم على أعمال التشبيح والتهريب بالدرجة الأولى.

لذلك كانت خطة محمد مخلوف، الذي لمس لدى ابن شقيقته بشار، حباً كبيراً للمال، تقوم على ثلاثة قطاعات رئيسية هي الأكثر ربحية، الاتصالات والنفط وقطاع البنوك.. فقد أدرك أنه إذا ما تم السيطرة على هذه القطاعات فإنهم سوف يسيطرون على اقتصاد سوريا بالكامل.. وهو ما حدث بالضبط، إذ تم البدء بقطاع الاتصالات، من خلال شركة سيرياتيل التي أعطيت واجهتها لابنه رامي، أما قطاع النفظ فقد تولاه محمد مخلوف بشكل مباشر، إذ أن جميع عقود النفط من تنقيب واستخراج وتطوير وتصدير واستيراد كلها يجب أن تمر عبره وعبر شركاته التي أسسها مع نزار الأسد وغسان مهنا زوج شقيقته، وأما قطاع المصارف فقد تم توزيع السيطرة فيه لابنه إياد مخلوف بالإضافة لرامي..

ومنذ العام 2000 وحتى العام 2007، كانت عائلة مخلوف - الأسد، تسيطر على أكثر من 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي والمقدر بنحو 60 مليار دولار.. بينما قدرت ثروة آل مخلوف والأسد في ذلك الوقت بأكثر من 10 مليارات دولار.

بعد العام 2007 وبعد أن بسط محمد مخلوف وابنه رامي سيطرتهم على كامل المداخل الرئيسية لاقتصاد البلد، تم الانتقال إلى قطاعات جديدة، كان على رأسها قطاع العقارات والإعلام بالدرجة الثانية، إذ شهد ذلك العام تأسيس شركة شام القابضة للاستثمار العقاري التي ضمت أكثر من 100 رجل أعمال، هم الأغنى في سوريا، بقيادة رامي مخلوف، وتم كذلك تأسيس جريدة الوطن، التي سيطرت على أكثر من 50 بالمئة من السوق الإعلامية والإعلانية السورية.

وحتى العام 2010، كانت سوريا تخضع بالكامل لسلطة آل مخلوف المالية والاقتصادية، وأي قرار أو استثمار خارجي أو داخلي كان لا بد أن يمر عبر هذه السلطة وبالشراكة معها بالدرجة الأولى..

بعد العام 2010، كان محمد مخلوف قد بلغ الثمانين عاماً من عمره، أمضاها جميعاً في التخطيط لبناء ثروة طائلة، بدأت في العام 1972 في المؤسسة العامة للتبغ، ثم انتقل في العام 1985 إلى المصرف العقاري حيث قدرت سرقاته من المصرف بأكثر من مليار ليرة سورية على مدى أكثر من عقد، غير أن كل ذلك لم يرض نهمه للمال، فانتقل مع مرحلة بشار الأسد إلى تأسيس امبراطورية كاملة من الفساد.. جعلته يحتل موقعاً متقدماً على قائمة الفاسدين، بعد أن كان يحتل رقماً متأخراً في عهد حافظ أسد..

يقول مقربون من عائلة الأسد في وصف موقع محمد مخلوف، أنه كان بمثابة الحاكم الفعلي لسوريا، فلا يمكن أن يتخذ بشار قراراً دون الرجوع إليه، وكان على الأغلب يأخذ برأيه..

أما موقع رامي مخلوف، فهو بمثابة خازن أموال العائلة، وهو لا يمتلك السلطة الكافية للتصرف بهذه الأموال دون الرجوع لبشار الأسد الذي يعتبر المالك الفعلي لتلك الأموال.

أخيراً: تشير المعلومات إلى أن محمد مخلوف انتقل بأمواله في العام 2012 للعيش في روسيا، وهو لم يعد منذ ذلك التاريخ إلى سوريا..

ترك تعليق

التعليق