أكبر من جرة غاز.. تجارة يمتهنها عساكر وموظفون ونواطير


هل حقاً في سوريا أزمة غاز أم أزمة أخلاق ومحسوبيات وتجارة؟.. وهل وصل عجز حكومة النظام إلى عدم القدرة على تأمين أسطوانة غاز لكل مواطن سوري، وهي التي أمنتها له في ظروف أكثر صعوبة؟.. هكذا يتساءل سوريون على مواقع التواصل.

ما قبل نهاية العام الماضي وحتى اللحظة يقف السوريون في طوابير الانتظار ريثما تأتي سيارة توزيع الغاز هذا إن أتت.. فيما يحتفل البعض في درعا بمرورها كأنهم في عرس، وأما في مناطق أخرى من الريف السوري فلم تصلهم أسطوانات الغاز منذ شهرين.

شركاء تجارة الغاز

إذاً ما الذي يحدث؟.. أحد المواطنين طلب نشر شكواه على إحدى الصفحات المحلية (دليلك في قدسيا) وتتضمن التالي: "يعطيك العافية اذا ممكن تنشرو بدون اسم لانو هي مسخرة مو توزيع غاز واسطات وعساكر ونواطير بحياتنا على هالحالة مارح نعبي انينة لبيتنا للاستعمال الشخصي مو متاجرة فعلاً مسخرة وشكراً".

اختصر المشتكي حال السوريين وأسباب انتظارهم بنفس الوقت، ومن ثم تأتي الردود لتوضح الوضع أكثر في أن كل ما يصل إلى المستودعات أو في الطريق إليها يذهب إلى السوق السوداء.. يعلق أحدهم: "هيك صفيان الحال.. الغاز رايح كلو للسوق السوداء.. ونص المحلات سكرت من وراهن. لكان ٦ او ٧ لجرة الغاز اذا بدك تشتغل.. ان شاء الله كل المحلات بتسكر. لشووف لمين بدن يبيعو الغاز . عوجة".

يوضح أحد المعلقين أن الأمر لا يتعدى كونها تجارة بالأزمة التي يعيشها المواطن، وأما الشركاء فهم العساكر الذين يقفون في مقدمة الطابور فهم لهم الأحقية في ذلك، ومعهم عناصر الشرطة أيضاً.. يعلق مواطن من ضاحية قدسيا: "ما شوهد اليوم الاحد بالقرب من البلدية يثير السخرية من تجمع المواطنيين وعناصر الجيش والشرطة".

الطرف الآخر في اللعبة التي تقود إلى انتزاع أكبر عدد من الجرار وبيعها في السوق السوداء هم نواطير البنايات، هذا ما يحدث في منطقتي مشروع دمر وقدسيا كما يقول أحد المواطنين: "النواطير شركاء في الازمة ، لازم ينعمل كبسة ع بيوتن تبعات الضاحية ومشروع دمر".

أما أصحاب الحصة الثالثة فهم الموظفون الذين لا يحتاجون للوقوف في الطابور فهؤلاء تصلهم الجرار إلى بيوتهم أو وظيفتهم: "طبعا ما كلو شريك بالازمة، بتوقف السيارة جنب دوائر الدولة وكلشي موظف ومدعوم بينوبو قنينتين و تلاتة".


الأسعار تحددها المنطقة

اما الأسعار فهي حسب الزبون والمنطقة، ووصل سعر أسطوانة الغاز ما بين 6000- 8000 ليرة في مشروع دمر على اعتبار أن أغلب سكان المشروع من أصحاب الدخل الجيد من التجار وموظفي القطاع الخاص واللصوص. بينما تباع في المناطق الشعبية بأرباح أقل من مشروع دمر فتصل في قدسيا البلد إلى 6000 ليرة سورية، وبعض المواطنين يدعون إلى عدم شرائها من السوق السوداء لأنهم يشجعونها بينما يدافع آخرون عن شرائهم لها بالضرورة واستخداماتها المتعددة بالطبخ والتدفئة.

أما العقلاء فيُحمّلون السلطات بكل أشكالها، المسؤولية، ويرون أنهم متورطون في اللعبة: "لو الجهة المسؤولة عن الغاز فعلا جدية بحل اﻷزمة .كانت تصرفت من زمان ...بس الواضح أنه في ناس عم تستفيد غير النواطير واﻷكشاك".


"الله محيي الجيش"

عبارة يرددها المؤيدون المتعاطفون مع "الجيش"، لكنها اليوم مثار سخرية وتعبير عن الامتعاض، وعناصر "الجيش" يأتون عند وصول سيارة الغاز بعد أن يكون المواطن قد انكوى بالبرد والانتظار، ويأخذون حصته في أول دفعة توزع: "الله حي قواتنا المسلحة".. يعلق مواطن آخر: "وخصوصا العساكر بيجو بالاخر لياخدو الاولوية".

هي حكاية الفزع والحاجة التي يفرضها النظام على مؤيديه ومعارضيه، وجهاراً نهاراً يقول لهم أنا أولاً في السلطة وأنا من توزع عليه الثروات أيضاً.

ترك تعليق

التعليق