دمشق.. ذل الازدحام


ما تزال حكومة النظام تعد ولا تفي حتى في خدمات تؤمنها أضعف وأصغر حكومات الأرض، فهي اعتادت أن تكذب والمواطن يحلم دون أي ردة فعل سوى الشكوى.

لا أحد..

في البرامكة حيث وسط المدينة التي تجتمع فيها عقدة المواصلات التي تؤدي إلى كل المناطق في المدينة، ومنها أيضاً تنطلق بعض مواصلات الريف الدمشقي الذي انتقلت أغلب حركته إلى (كراجات) على أطراف المدينة، منها مركز انطلاق البرامكة والعباسيين.

هنا يبدو الازدحام على أشده، والانتظار والقدرة على (التدفيش) هما ما يوصلان المواطن إلى بيته، وذلك نظراً لقلة السرافيس التي تعمل على هذه الخطوط ومزاجية العمل وضعف الرقابة والمحاسبة، والرشوة التي تحكم بين السائق وشرطي المرور.

وبالرغم من كل الشكاوى لا أحد لديه الحل. يقول "محمد"، (طالب جامعي): "منذ سنوات على هذه الحال، وفي الطريق بين الجامعة والبيت نقضي نصف النهار، وأما المشاوير القريبة فيمكن إنجازها مشياً".

مناشدات وبدائل وهمية

في تحقيق نشرته جريدة تشرين التابعة للنظام، حول استعصاء الحلول، تعرض الصحيفة أسباب أزمة الازدحام بوسائل النقل: "النقص في أعداد الميكروباصات والسرافيس العاملة على خطوط مناطق سكن المواطنين". وأما الحل فتنسبه إلى رؤية العديد من المواطنين: "ضرورة تأمين باصات نقل داخلي وتوظيفها في المناطق المزدحمة بالسكان التي تعاني نقصاً في وسائل النقل، وخاصة في أوقات الذروة".

ولكن أين هي وسائل النقل ولماذا هي قليلة؟.. في ريف دمشق الغربي على سبيل المثال يعمل أغلب السائقين في تأمين طلبة المدارس في القطاعين العام والخاص فهو أجدى من الذهاب إلى البرامكة في وقت الذروة كما يقول أحدهم. وبهذا الصدد، يخبرنا "أبو خالد"، أحد سكان المنطقة، في تصريح لـ "اقتصاد": "المشكلة هي في الجشع الذي أصاب المجتمع والفشل في إجبار السائقين على تأمين المواطن، فالسائق يرى أن هذه السيارة هي ملكه ومن حقه أن يوقفها عن العمل أو يشغلها كيفما شاء، والحكومة لا دور لها في النقل سوى الاستفادة من عمل هؤلاء والضرائب والرشاوى".

البدائل تطرحها الحكومة بباصات نقل داخلي كبيرة تعمل لصالحها، قادرة على فك ازدحام أوقات الذروة. لكنها لا تفعل سوى الوعود.

يقول "بسام"، وهو موظف بإحدى الوزارات، في تصريح لـ "اقتصاد": "هم يكذبون وسبق أن دعموا بعض الخطوط بباصات نقل خاصة لشركة هرشو (جديدة عرطوز وقطنا). ولكن الأزمة لم تنته، وهؤلاء أيضاً يتحكمون بالمواطن ويعملون بمزاجهم".

صفقة صينية.. أما الواقع

بحسب جريدة تشرين فإن حكومة النظام تعاقدت مع شركات صينية لتوريد ألف باص. لكن ما تم الاتفاق عليه هو 200 باص لتخديم محافظات القطر. أما ما وصل منها فهو 50 باصاً فقط، وُضعت في الخدمة.

المواطن يرى في هذا الخطاب تخديراً لصيحات الذل. يقول "رستم"، أحد سكان العاصمة: "ما لنا ندفع ثمن هذا الكذب منذ عقود، وفي كل مرة يجدون المبررات والزحمة على حالها، وهي كما قالوا صفقات صينية يعني (فاشوش)".

أما الواقع فيراه "الأستاذ حسن"، المدرس الذي يذهب من الريف إلى المدينة يومياً ليكون في مدرسته الساعة السابعة والنصف صباحاً: "أضطر للخروج من بيتي في السادسة صباحاً حتى أتمكن من الوصول إلى كراج السومرية، ومن ثم الركوب في باص النقل الداخلي إلى مدرستي وهذا يكلفني يومياً 500 ليرة سورية، أي أكثر من نصف راتبي، وأما العودة فهي عقوبة حقيقية أقضي أكثر من ساعتين لقطع مسافة لا تتعدى 20 كيلو متر".

منظومة نقل مدمرة

من أواسط الثمانينات أحدث النظام عبر لصوصه من رجال الأعمال تدميراً كبيراً في منظومة النقل العام، من باصات النقل الخضراء (جحش الحكومة) إلى السرافيس المستوردة (الجرادين) التي أفلست الملاك الصغار فباعوا ذهب نسائهم وأراضيهم الزراعية وصولاً إلى شركات القطاع الخاص بالشراكة مع بعض ضباط المخابرات كشركة (هرشو).. إلى تدميرها حرقاً عندما بدأت تعمل لصالح منظومات الشبيحة والقتل في اعتقال وقتل السوريين ونقل فرق الموت، وتهجير السوريين في رحلتهم الأخيرة.

ترك تعليق

التعليق