دمشق.. "الدلال" لأحياء الشبيحة


هل حقاً تستحق أحياء الشبيحة هذا الاهتمام من محافظ دمشق على اعتبارها من أفقر الأحياء الدمشقية وأكثرها إهمالاً؟ أم أنها ضريبة تدفعها دمشق لخزان الموت الذي داهم حياة السوريين وفتك بهم تحت رايات الطائفة أحياناً، وتحت علم البلاد أحياناً أخرى؟

هذا السؤال الذي أفرزته تصريحات محافظ دمشق عادل العلبي في اجتماع مجلس المحافظة الأخير، وما حملته من ردود فعل غاضبة من أبناء بقية أحياء العاصمة الذي رأوا في ذلك إجحافاً بحقهم بسبب تردي الخدمات عموماً، والإهمال الكبير في أعرق الأحياء لحساب مناطق مخالفات كبيرة كعش الورور ومزة 86 التي تتركز فيها أعشاش الشبيحة.

لا تمييز

في الجلسة المذكورة التي تناقلتها صحف النظام ومواقعه أكد العلبي أن "المحافظة تتعاطى مع جميع أحياء دمشق على قدم المساواة في توفير الخدمات".

المحافظ ذكر أيضاً ما تم تقديمه لأحياء الشبيحة: "لأول مرة تدخل آليات الصيانة التابعة لمحافظة دمشق إلى عش الورور حيث تم تنفيذ خطوط للصرف الصحي والتزفيت وترحيل الأتربة وإضافة محولات جديدة للكهرباء، وتم نقل مخصصات 5 آلاف م2 من الزفت ليتم تنفيذها في عش الورور، وكذلك الحال في المزة86".

فقط هذا الذي تم تقديمه ولا يعكس أي تمييز لأحياء مخالفة، ينص القانون على عدم تخديمها، وهذا ما كان يتمسك به النظام في وقت سابق وبنفس الوقت يغض البصر عن توسع هذه المستعمرات، وينفذ القانون في أماكن مرخصة!

المدينة القديمة أولاً

قلب الشام المهمل لم يتطرق له المحافظ بل على العكس شهدت السنوات الأخيرة اصرار المحافظة على هدم ما كانت استملكته منذ عقود في الأحياء القديمة وبيعه لمن يكمل تحويل المدينة القديمة إلى مطعم كبير، وهذا شأن أحياء الحمراوي والبزورية وساروجة.

الصرف الصحي الذي يأكل أرض المدينة القديمة ما زالت المحافظة مصرة على تركه ينهش ما بقي منها، وما قامت به من عمليات تجميل لا ينفع في صمودها كواجهة تاريخية لدمشق، بينما تذهب الميزانية لتأمين القتلة وتأمين خدماتهم.

وفي هذا الصدد علق أحد سكان دمشق، ويدعى "أبو أيمن حامد": "ياريت ياسيادة المحافظ تعمل نظرة ودراسة لبيوت سوق ساروجة المهدمة المتروكة الغير مسموح لها بالترميم من قبلكم".

أحياء العاصمة مهملة

أيضاً بقية أحياء العاصمة مهملة من حيث الخدمات، في أقلها النظافة، وهذا ما ذكره آخر في تعليق على تصريحات المحافظ: "86 تعا شوف طرق بهدلة ما اشتغلتوا شي والزبالة بساحة عروس الجبل من دون حاويات مسخرة واشتكت الحارة وما حدا رد مسخرة".

أما قلب العاصمة فهو أيضاً خارج تغطية المحافظة.. يعلق أحدهم: "ياسيادة المحافظ شو صار بساحة العباسيين وشارع فارس الخوري والكراجات والمتحلق الجنوبي شاطرين تشوفو اﻻسعار بالخارج وما عم تشوفو حضارتهم والزمان عم يركض".

أحياء الثورة.. انتقام

أما الأحياء التي ثارت على النظام مثل برزة والقابون وتشرين فهي تخضع لعقاب من النظام بشكل واضح، وبعضها مسح عن الأرض كحي جوبر الدمشقي، ويمنع أهاليها من العودة إليها.

يعلق أحد سكانها السابقين: "مازلنا نطالب بالعودة لمنازلنا لكن لم نجد جواباً حتى تاريخه اعتبرونا جزء من عش الورور أو مخالفات 86 أو أي حي آخر بمدينة دمشق".

حي اليرموك الذي كانت تسكنه عائلات دمشقية ولاقت مصير بقية الأحياء التي ثارت، يطالب الأهالي بتسوية أوضاعهم وإعادتهم إليه، وتعويضهم عن أملاكهم ومحالهم التجارية التي دمرتها طائرات النظام وصواريخه.. يعلق أحدهم: "ماذا بشأن مخيم اليرموك، أحد منكم يقول ما مصير السوريين في اليرموك بعد ان نقل ملف المخيم إلى مهامكم لماذا هذا الصمت".

البقية.. أيضاً

دف الشوك، دويلعة، حي الزهور، دمر، وبعض الضواحي القريبة من دمشق كجرمانا وقدسيا، يتم التهرب من تخديمها بحجة تبعيتها لريف دمشق، وهي لها معاناتها أيضاً من إهمال وانتقام.

حي ركن الدين في قلب العاصمة لقي نفس المصير قبل وبعد الثورة من إهمال ونسيان.. يعلق أحد سكانه: "المحافظ واعوانو نسيو انو في منطقة اسمها ركن الدين شوارعها بمنطقة الجبل الكيكية الذي اصابها السيل وعلى اساس تزفت ولكن غض النظر عنها".

بيادر نادر القريبة من حي نهر عيشة، منطقة منظمة، ومع ذلك يتم إهمالها لأن أغلب ساكنيها من سكان المحافظات الأخرى، وتمردت على النظام أيضاً.. يعلق أحدهم: "بس لو تفعّلوا شغل البلديات وتتكرموا وتشوفوا اطنان هالزبالة ببيادر نادر اللي يسكنها اكثر من 15 الف نسمة.. اشلون قاعدين فوق الوسخ".

تبدو القصة واضحة كما يقول المثل "كعين الشمس".. الدلال للشبيحة والعقوبة لمن سولت له نفسه وقال (لا)- حتى في سره- لنظام الأسد.

ترك تعليق

التعليق