بنادق الصيادين تهدد "النيص البري" بخطر الإنقراض في سوريا


اعتاد الرعاة وهواة الصيد في البوادي السورية على صيد حيوان "النيص البري" بهدف أكل لحمه الذي يشبهه البعض بلحم الضأن من حيث الشكل والطعم، فيما يبيعه آخرون لأصحاب محلات العطارة للاستفادة منه في تحضير أدوية لعلاج بعض الأمراض ومنها التهاب المفاصل-بحسب بعض الصيادين-.

 ويتوزع "النيص البري" جغرافياً في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق ومصر والسودان والمغرب العربي، وتمنع بعض الدول العربية ومنها سوريا اصطياده.

 وكانت وسائل إعلام قد تداولت منذ أيام خبراً عن تغريم السلطات التركية لثلاثة رعاة سوريين بمبلغ 40 ألف و201 ليرة تركية (7 آلاف دولار أمريكي) بسبب إقدامهم على اصطياد حيوان النيص البري المهدد بالانقراض في منطقة الصالحلي بمانيسا بعد ضبطهم من قبل المديرية العامة لحفظ الطبيعة والحدائق الوطنية، وهي المسؤولة عن حماية الطبيعة والحياة البرية. وبرر الثلاثة فعلتهم بأن لحم النيص لذيذ ومفيد للشفاء من بعض الأمراض-بحسب المصدر-، مشيراً إلى أن النيص الذي تم اصطياده يعتبر من الأنواع المهددة بالإنقراض وثالث أكبر القوارض في العالم.


وأصدر نظام الأسد قبل سنوات الحرب العديد من القوانين بخصوص منع الصيد البري ووضع عقوبات مالية خجولة لا تكاد تساوي ثمن ثلاث طلقات، ولم تكن هذه العقوبات تمثل رادعاً للصيادين، كما لم يقلل قانون حظر حمل السلاح قبل الحرب من اقتناء أسلحة الصيد فبقيت بنادق الصيد تشكل أكبر تهديد للحياة البرية بمختلف أحيائها ومنها "النيص البري" الذي اختلفت تسمياته بحسب المناطق والمدن السورية من الظربان إلى الشيهم المبذول أوالدُلدُل، وفي بعض الاماكن يُسمى "الدعلج" أو "القنفذ الكبير"، وهو يعيش في البراري مثل سد الوعر والأماكن الجبلية والساحلية ذات الطبيعة الوعرة وفي أماكن الكهوف والمرتفعات الجبلية –كما يقول الصياد "داوود سليمان البرغش"- مضيفاً أن النيص يتميز برأس سميك وأنف كبير، وأذنين صغيرتين ويرتفع كتفاه عن الأرض 30 إلى 40سم، في حين يتجاوز طوله الـ70 سم ويكسو جسمه شوك حاد يحميه من مهاجمة الحيوانات الأخرى.

 وتابع الصياد أن النيص في حالته الطبيعية حيوان مسالم، لا يهاجم أحداً، ويحاول تجنب أعداءه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ولكن إن اضطر للدفاع عن نفسه فإنه يجبر أشد الحيوانات ضراوة على التقهقر من أمامه من خلال أشواكه الطويلة والحادة، ويصل وزن النيص الواحد منها إلى 22 كيلو غرام تقريباً، ويتكاثر–بحسب البرغش - في فصل الربيع إذ تلد الأنثى الواحدة ما يقارب الـ 5 صغار وهو يتغذى على الأعشاب وجذوع الأشجار والنباتات البرية مما جعل لحمه علاجاً لأمراض المفاصل والعظام-بحسب صياديه- وتصبح صغاره عند اصطيادها وتربيتها في البيت أليفة وتأكل من يد مربيها.


وتوصل "اقتصاد" من خلال مقابلات مع عدد من الصيادين غير المرخصين في سوريا إلى معرفة أساليب صيد النيص ومنها السلاح أو على طريقة الصيد بالقفص حيث توضع الخضروات في القفص ويتم اصطياده بعد دخوله لتناولها، ومن هذه الأساليب الصيد بالكلاب حيث يتم رصد مكان النيص وجلب الكلاب التي تدخل إلى جحره وتقوم بسحبه إلى الخارج ثم يتم الإمساك به من قبل الصياد، فيما يقوم بعض الصيادين بصناعة أقفاص حديدية بداخلها الأطعمة التي يفضلها كالخبز أو حبات الفاكهة ويتم وضعها على أبواب المغارات التي يتواجد فيها النيص الذي يأتي جائعاً لالتهامها فيتم اصطياده، وأصعب ما في عملية صيده–كما يقول محدثنا- عندما تكون الأم مع جرائها، حيث تتحول إلى لبؤة شرسة لحماية أبنائها.

ونظراً لكثرة اصطياده ومتابعته من قبل الصيادين تراجعت أعداد النيص في سوريا وبات مهدداً بالانقراض في ظل تهاون سلطات النظام في ضبط هذه الظاهرة أو الحد منها كما تهاونت في أشكال الصيد الأخرى في طول البلاد وعرضها.

ترك تعليق

التعليق