رئيس وزراء لبنان يحمّل محافظ المركزي مسؤولية انهيار العملة


 صرح رئيس الوزراء اللبناني يوم الجمعة بأنه يحمّل محافظ البنك المركزي في البلاد مسؤولية الهبوط النزولي لقيمة العملة الوطنية، متهما إياه باتباع سياسات "مبهمة" أدت إلى انهيار الليرة أمام الدولار.

وقال رئيس الوزراء حسان دياب إن الحكومة اتفقت مع الرئيس اللبناني على توظيف شركة تدقيق دولية مستقلة لمراجعة أداء البنك المركزي. وكانت الخطوة، وكذلك كلمة رئيس الوزراء، مؤشرا على اتساع الخلاف مع كبير صناع القرار المالي في البلاد، محافظ مصرف لبنان المركزي رياض سلامة.

وحث دياب سلامة على التحدث علنا للجمهور حول الأزمة المالية، ملمحا إلى أن المحافظ قد تعمد هندسة انهيار الليرة.

تسير الليرة اللبنانية في مسار نزولي منذ أسابيع وسط أزمة سيولة متفاقمة وتراجع اقتصادي. ولكن يبدو أنها غدت في هبوط حر خلال الأيام القليلة الماضية، حيث وصل سعر صرفها إلى 3800 ليرة مقابل الدولار الواحد، في انخفاض مقارنة مع سعر صرف ثابت قدره 1500 ليرة مقابل الدولار لمدة 30 عاما.

وقال دياب في كلمة متلفزة إن المصرف المركزي إما "عاجز أو غائب أو يحرض بشكل مباشر" على هذا الانخفاض الكبير في قيمة العملة.

كان قرار صدر عن المصرف المركزي في وقت سابق من هذا الأسبوع طلب من البنوك المحلية تحويل السحب النقدي من حسابات العملات الأجنبية إلى الليرة بسعر السوق الذي تحدده البنوك يوميا. كما ينطبق الأمر على التحويلات المالية التي تم تنفيذها لأول مرة يوم الجمعة، عندما قالت وسائل الإعلام اللبنانية إن السعر بلغ 3625 ليرة مقابل الدولار.

وأدى القرار إلى سحب الدولارات من السوق، ما رفع سعر صرف العملة في السوق السوداء، وكذلك تسبب في ذعر بين المودعين.

وخرج متظاهرون إلى الشوارع يوم الخميس للتنديد بقرار محافظ البنك المركزي في مسيرات اختفت تقريبا منذ أن تم وضع قيود على الحركة بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.

ويرى خبراء أن قرار المصرف المركزي من المرجح أن يغمر السوق بالليرة اللبنانية، ويبدو أنه مصمم لتجديد احتياطيات البنوك المحلية من العملة الأجنبية وتقليل الفجوات في ميزانياتها العمومية.

كان سلامة، وهو محافظ مصرف لبنان المركزي منذ العام 1993، لاعبا رئيسيا في اقتصاد لبنان ما بعد الحرب. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، تم انتقاده من قبل حزب الله بسبب تنفيذه للعقوبات الأمريكية ضد الجماعة القوية المدعومة من إيران.

اللبنانيون الذين اعتمدوا على عملة وطنية مستقرة ارتبطت بالدولار منذ الحرب الأهلية 1975-1990 يواجهون أسوأ أزمة اقتصادية ومالية منذ عقود. وتعتبر الدولة الصغيرة الواقعة على البحر المتوسط ويقطنها نحو 5 ملايين نسمة واحدة من الأكبر دينا في العالم. كانت احتجاجات قد اندلعت في أنحاء البلاد في أكتوبر/ تشرين أول ضد الحكومة بسبب الفساد المستشري وسوء إدارة الموارد.

ووصلت حكومة دياب إلى الحكم في يناير/ كانون ثان وسرعان ما واجهتها أزمة صحية بسبب فيروس كورونا المستجد، مما عمق من الركود الاقتصادي في البلاد.

اتهم دياب أيضا سلامة بأنه غير متعاون، مشيرا إلى أن المحافظ يبقي الشؤون المالية لديه سرا، وهذا يتضمن خسارات البنك التي تقدر بأنها 3 مليارات دولار في الشهر الماضي فقط. ووفقا لدياب، تظهر الأرقام أن 5.7 مليار دولار من الودائع خرجت من البنوك بين يناير/ كانون ثان وفبراير/ شباط، ما يضيف لأزمة السيولة- وهو ما وصفه بـ "الثقب الأسود" المالي.

وقال دياب إن الناس هم من يدفعون ثمن هذه السياسة.

لدى لبنان الكثير من المغتربين خارجه الذين يرسلون العملة الأجنبية إلى الوطن- وهو دخل يتراجع بالفعل منذ العام الماضي- ويعتمد على تحويلات من هنا إلى الطلاب اللبنانيين الذين يدرسون بالخارج. ويحتفظ الكثير من اللبنانيين بمدخراتهم أيضا بالعملات الأجنبية.

ترك تعليق

التعليق