آمال سائقي التكاسي تتلاشى بعد أن استفادوا جزئياً من "كورونا"


شهد الاقبال على سيارات التاكسي العمومية في العاصمة دمشق خلال الشهرين الماضيين نشاطاً يُعدّ الأول من نوعه منذ العام 2012، إذ ووفقاً للإجراءات الرسمية للوقاية من جائحة كورونا أوقف نظام الأسد جميع وسائل النقل الداخلي الجماعي بالقطاعين العام والخاص في جميع المدن السورية منذ منتصف الشهر الثالث لغاية العاشر من الشهر الحالي.

يبدأ عمل "أبو جميل" اليومي على سيارته العمومية  منذ الساعة السادسة صباحاً حتى الثامنة مساءً يتخللها استراحة بسيطة بين الظهر والعصر. يقول لـ "اقتصاد" إنّه يضطر لتجاوز التسعيرة الرسمية بعد الاتفاق مع الزبون كون العمل "خفيف جداً"، وبالكاد يركب معه 7 أو 8 زبائن كل يوم، منوهاً بأنّه يقضي أكثر ساعات عمله واقفاً بالقرب من المواقف الرسمية ولا يستطيع التجول في شوارع العاصمة لاصطياد الزبائن حتّى لا يهدر البنزين ويحرق الزيت. ويُضيف بأنّ سعر ليتر البنزين المدعوم يبلغ 250 ليرة سورية، والبنزين أوكتان 575 ليرة، بعد أن كان سعره في العام الماضي 425 ليرة، والمدعوم بـ 225 ليرة.

ويُشير أبو جميل أنّ الإجراءات الاحترازية من انتشار وباء كورونا ساعدته على تأمين مصاريف شهر رمضان الحالي وأتاحت له فرصة شراء ألبسة جديدة لزوجته وأبناءه الثلاثة بعد حرمانهم إياها منذ سنوات، مُتمنياً أن تُعيد دوائر النظام تعليق عمل وسائل النقل الجماعية بعد عيد الفطر ليتسنى له تأمين مصاريف عيد الأضحى.

منذ سنوات لا يلتزم سائقي التكاسي العمومية بالتسعيرة الرسمية الصادرة عن وزارة النقل في نظام الأسد لذرائع عديدة أبرزها ارتفاع أسعار المحروقات وأسعار تبديل قطع السيارات النادرة وثمن زيت السيارات الباهظ، ناهيك عن ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام.

ولتتفاقم الأمور أكثر أمام قاطني العاصمة وأصحاب التكاسي، أقرت محافظة دمشق تسعيرة جديدة للسيارات العمومية العاملة على مادة البنزين سيتم بموجبها استخدام لصاقات توضح التعرفة المخصصة والشرائح لحين البدء والانتهاء من إعادة برمجة 25 ألف عداد سيارة. ونوّهت نقابة العمال أنّ التعديل الأخير أخذ بعين الاعتبار سعر البنزين وتكاليف مستلزمات أصحاب السيارات من إصلاحات وتبديل قطع وغيار زيت. وبحسب التسعيرة الجديدة سيكون بدل الكيلو المتر الواحد 75 ليرة سورية وللساعة 1300 ليرة، وفتح العداد 50 ليرة.

التسعيرة الحالية وسابقاتها لا تتناسب مع مستوى دخل السوريين، فالعاملين في المؤسسات الرسمية تنخفض رواتبهم سنوياً جرّاء انخفاض قيمة العملة السورية أمام العملات الصعبة لا سيما في السنتين الأخيرتين، إذ بات راتب الموظف لا يتجاوز 30 دولار أمريكي شهرياً، في حين يحتاج إلى 300 دولار كمصاريف معيشة بالحد الأدنى، كما أنّ أغلب الشباب عاطلين عن العمل وفقاً لما قالته لـ "اقتصاد"، السيدة "ن – أ"، التي تعمل معلمة صف في العاصمة.

وأضافت السيدة أنّ التسعيرة المرتفعة للتكاسي العمومية لن تترك أثراً سلبياً جديداً على حياة قاطني العاصمة كون اللجوء إليها باستثناء الحالات الاضطرارية بات معدوماً للغاية، مُؤكّدةً أنّ استخدامها يقتصر على فئة قليلة جدّاً من المقتدرين مادياً حين تتعطل سياراتهم الفارهة.

في تقرير أعده "اقتصاد" منتصف العام 2018 أكّدت المصادر المحلية حينها أنّ ثلث سكان العاصمة يسيرون على أقدامهم أثناء توجههم إلى أعمالهم ووظائفهم وجامعاتهم بسبب ارتقاع تسعيرة المواصلات العامة، والبعض منهم كان يعتمد الدراجات الهوائية، إلّا أن كافة الوسائل البديلة أثبتت فشلها بسبب الظروف الجوية شتاءً وصيفاً، مما يدفع الجميع حالياً إلى الخروج من منازلهم مبكراً جداً وركوب الباصات الكبيرة المكتظة دون اكتراث الناس والجهات الرسمية بآثارها السلبية لا سيما مع المخاوف من انتشار جائحة كورونا.

ووفقاً لقانون السير والمركبات رقم 31 للعام 2004 والمعدّل بالمرسوم التشريعي رقم 11 للعام 2008 ومن ثُمّ عام 2010 يقضي بمخالفة من يتجاوز الأجرة المحدّدة رسمياً بتوقيف السائق وتقديمه للقضاء لمعاقبته بالسجن من عشرة أيام إلى الشهر مع حجز السيارة وفرض غرامة مالية مقدارها 15 ألف ليرة سورية بالإضافة لحسم 8 نقاط من بطاقته، إلّا أنّ السلطات حالياً تتغاضى عن عقوبة السجن بسبب كثرة المخالفين بحسب ما أشارت السيدة "ن – أ".

وارتفعت أجور المواصلات عن العام 2011 بنحو كبير حيث كانت فتحة العداد في العام 2015 بـ 31 ليرة سورية، و46 ليرة ما بين أعوام 2016 و2020، وهنا يُشير أبو جميل بأنّ التكسي العمومية كانت في العام 2011 تؤمن قوت عائلتين لكن بعد ذلك بالكاد تؤمن قوت عائلة، وينوه بأنّ ارتفاع أجور التكاسي يجب أن يترافق مع ارتفاع الأجور ليكون هناك توازن ما بين السائق والزبون.





ترك تعليق

التعليق