صمت النظام عن التطبيع مع الاحتلال: حسابات كثيرة ومحاباة


يحرص النظام السوري على تفادي القيام بأي فعل قد تنعكس الردود عليه سلباً في علاقته بالأطراف الخليجية، وهذا ما أظهره صمت النظام السوري الرسمي المطبق حيال اتفاقات التطبيع الخليجية مع الاحتلال الإسرائيلي.

وإلى جانب الصمت الرسمي، لم تُسجل مناطق سيطرة النظام الذي اعتاد المتاجرة بقضية المقاومة، أي تحركات شعبية رافضة للتطبيع، ما يؤشر إلى وجود قرار رسمي "غير معلن" بعدم السماح بأي هجوم –حتى لو كان شعبياً- على الدول المُطبعة مع الاحتلال.

وثمة أكثر من تفسير لهذا المشهد، أبرزه أن النظام يريد كسب الأطراف الخليجية المُطبعة وخاصة الإمارات، التي سبق وأن طبعّت علاقاتها الدبلوماسية معه، بإعلانها إعادة فتح سفارتها في دمشق.

وهذا ما يتفق معه الباحث السياسي، طالب دغيم، الذي يعزو ضبابية الموقف الرسمي للنظام من اتفاقات التطبيع، إلى رغبة الأسد بكسب ود الإمارات، أملاً في زيادة تدفق الأموال منها.

ويلفت كذلك إلى وجود أوامر روسية تلجم النظام حيال مهاجمة اتفاق التطبيع، موضحاً: "لروسيا دور وازن، فهي تعتبر من أكبر الداعمين للاحتلال الإسرائيلي، بعد الولايات المتحدة، وكذلك لموسكو مصلحة في استقرار المنطقة لجني المكاسب الاقتصادية، من سوريا ودول الخليج".

وأضاف دغيم لـ "اقتصاد": "النظام يعيش مرحلة ضعف اقتصادي وسياسي، وضعف في اتخاذ القرار المتعلق بعلاقاته الخارجية، بسبب السطوة الروسية".

وحسب الباحث فإن روسيا تبحث من خلال كبح سلوك النظام السوري، سياسياً، في إمكانية تليين الموقف الأمريكي حيال نظام الأسد، فواشنطن هي الراعية الرسمية لاتفاق التطبيع. وأنهى دغيم حديثه بالقول: "تريد روسيا القول بأن نظام الأسد، يمثل دعامة لاستقرار المنطقة".

حسابات تخص العقوبات الغربية

المستشار الاقتصادي في مركز "جسور للدراسات" خالد التركاوي، قدّم خلال حديثه لـ "اقتصاد" قراءة أخرى، تفسر موقف النظام من اتفاق التطبيع.

يقلل التركاوي من صحة القراءة التي تعزو صمت النظام عن اتفاق التطبيع، إلى رغبته بالحصول على مكاسب اقتصادية من دول الخليج المُطبعة، ويقول: "قد تكون هذه الحسابات حاضرة على المستوى البعيد، لكن على المدى القصير، لن يستفيد النظام مالياً من هذا الاتفاق بسبب عقوبات (قيصر)، وإنما يتطلع إلى تحقيق مكاسب سياسية من الاحتلال الإسرائيلي".

ويوضح: "النظام يريد التأكيد مجدداً للاحتلال، أنه قادر على ضمان أمن حدود إسرائيل على المستوى الرسمي والشعبي، طمعاً في توسط الاحتلال للتخفيف من حدة العقوبات الأمريكية والأوروبية عليه".

مغازلة الخليج

لكن، تقارير روسية أكدت قبل أيام، أن النظام يحاول مغازلة دول خليجية، في سبيل الحصول على الدعم الاقتصادي، وإطلاق عملية إعادة الإعمار.

وعن ذلك يقول التركاوي: "للنظام علاقة واضحة مع الإمارات، وقد يكون فعلاً هناك حسابات متعلقة بدخول رؤوس الأموال الخليجية إلى سوريا، لكن الكلام الفصل هنا للقرار الأمريكي".

الحسابات الإيرانية حاضرة

وفيما يبدو تماهياً مع الموقف الإيراني، اكتفى النظام ببيان لـ "حزب البعث"، ندّد بالخطوة التي أقدمت عليها البحرين في التطبيع مع إسرائيل.

واعتبر الحزب في بيان أن الاتفاق "يمثل عدواناً سافراً على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب العربي الفلسطيني".

وفي هذا السياق، قال التركاوي، إن "مهاجمة النظام لاتفاق تطبيع البحرين لعلاقتها بالاحتلال، يؤكد من جديد أن النظام يحاول المناورة، حيث تعتبر إيران أن المعارضة (الشيعية) هناك جزء من مشروعها في المنطقة".

ترك تعليق

التعليق