حسابات اقتصادية وديموغرافية.. هل تتقاطع مصالح الأسد مع عودة اللاجئين؟


في الحديث عن مؤتمر اللاجئين الذي عُقد قبل يومين في دمشق، يمكن إدراج العديد من الملاحظات التي تؤكد عدم جدية تعاطي النظام مع مسألة عودة اللاجئين.

أبرزها، غياب الأسد عن قاعة المؤتمر، والاكتفاء بكلمة مسجلة عبر الفيديو تم بثها على الحضور، وليست مصادفة أن يتحدث محافظ ريف دمشق، علاء إبراهيم، عن ضرورة استقبال من يرغب بالعودة في مراكز إيواء، بالتزامن مع انعقاد المؤتمر، إذ يُقرأ في ذلك، قطعاً للطريق على أي عودة محتملة، كذلك لم يتم الحديث عن أي ضمانات للعودة، وتحديداً الاعتقالات من قبل الأجهزة الأمنية.

عكس روسيا التي حشدت كثيراً لإنجاح المؤتمر، لتقاطع مصالحها مع عودة اللاجئين، لا يبدو أن للنظام مصلحة في عودتهم إلى سوريا.

مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، قال لـ "اقتصاد": "لا يعوّل النظام على عودة اللاجئين السوريين، ولا تتقاطع مصالحه مع عودتهم مطلقاً، وتنظيم المؤتمر الأخير كان بأمر روسي".

وأضاف أن "النظام لا يكترث بعودة اللاجئين، وعلى العكس هو لا زال يحاول منع عودتهم، من خلال الممارسات التعسفية التي تعرض لها من عاد، من اعتقال وتعذيب وتجنيد قسري، وكذلك من خلال سن قوانين جديدة، منها مصادرة الممتلكات، وفرض رسوم مالية على دخولهم للبلاد".

وقال عبد الغني: "النظام يضع العراقيل أمام العودة، ما يؤكد أن مصلحة النظام تقتضي عدم عودة اللاجئين".

ومشاطراً عبد الغني في الرأي، اعتبر الكاتب الصحفي أيمن عبد النور، أنه لو كان للنظام مصلحة في عودة اللاجئين، لكان سعى بطريقة مختلفة لتحقيق العودة، انطلاقاً من لبنان التي تكتظ باللاجئين.

وعن أهداف النظام وروسيا من المؤتمر، أوضح لـ"اقتصاد"، أن النظام يخطط لاحتكار المساعدات الأممية المخصصة لسوريا، وإغلاق معابر دخولها خارج سيطرته.

وقال عبد النور، إن هدف النظام حصر إدخال المساعدات عن طريقه، وهي مساعدات تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.

وحسب عبد النور فإن تزامن تعديل النظام لقانون دفع بدل الخدمة الخارجي، وتسهيل شروطه، تؤكد أن النظام يتعامل مع اللاجئين من منظور اقتصادي خالص.

ولم يذهب مدير "الرابطة السورية لحقوق اللاجئين"، مضر حماد الأسعد، بعيداً عن الآراء السابقة، وقال: "حكماً لا يريد النظام عودة اللاجئين، لأسباب عدة".

وفي حديثه لـ"اقتصاد"، قال: "الأسد تحدث عن مجتمع سوري متجانس، وذلك في إشارة واضحة منه إلى الحسابات الطائفية، والغالبية العظمى من اللاجئين هم من السنّة، وحتماً تتعارض عودتهم مع التجانس الذي يريده الأسد للمجتمع السوري".

وأضاف الأسعد: "كذلك تشكل الحوالات المالية التي يرسلها اللاجئون إلى الداخل السوري، مبالغ مالية ضخمة يعتمد عليها اقتصاد النظام بشكل كبير".

وحسب مدير الرابطة السورية لحقوق اللاجئين، فإن الغرض من المؤتمر هو تصدير الصورة عن سوريا بأنها باتت بلداً آمناً، وذلك لدفع الدول إلى التطبيع معه، وتحديداً الدول المستضيفة للاجئين، مثل فرنسا، وألمانيا.

ومن الواضح للأسعد أن المؤتمر فشل في تحقيق أهداف الأسد وروسيا منه، وقال: "فشلت روسيا في الالتفاف على القرارات الدولية للحل في سوريا".


ترك تعليق

التعليق