من أطاح بـ علاء إبراهيم وزوجته: تفاقم فساده؟، أم مقصلة الروس وأسماء؟


(تتضمن المادة صوراً خاصة لـ علاء إبراهيم وأفراد من أسرته، غير متداولة في وسائل الإعلام)


لم يكن الإعفاء الأخير لمحافظ ريف دمشق، المهندس علاء إبراهيم، من مهامه، هو الإعفاء الأول من المناصب الحكومية العامة التي سبق له وشغلها، لكنه ربما سيكون الأخير أو بمثابة الضربة القاضية التي أطاحت نهائياً بأحد حيتان الفساد في سوريا وصاحب السجل الحافل بسرقة المال العام وتسخير مؤسسات الدولة السورية لمصلحته الشخصية.



نهمٌ لتملك العقارات والأراضي

 إذ لا يكاد يُذكر اليوم اسم المهندس علاء إبراهيم على صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وخصوصاً في الساحل، إلا وتتبعه عشرات التعليقات التي تتحدث عن فساده وسرقته للمال العام وشرهه ونهمه -هو وزوجته ريم حاج نجيب- لتملك العقارات والأراضي والمزارع والفيلات والسيارات الفخمة، دون أي رادع أو خوف من المحاسبة والعقاب.

فتاريخ إبراهيم حافل بالفساد وسرقة المال العام منذ أن تسلم مهام أول منصب حكومي كمدير للخدمات الفنية في محافظة اللاذقية حتى تاريخ إعفاءه من آخر مهامه كمحافظ لريف دمشق، قبل أيام، وصدور قرار الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة له ولزوجته وأولاده.


(صورة التقطها ابن علاء، باسل إبراهيم)

سُلّمٌ أتاح له الترقي في المناصب

لكن قبل الحديث والتطرق إلى فساد إبراهيم وزوجته، لابد لنا من كشف بعض المعلومات والحقائق الشخصية عن المهندس علاء إبراهيم، والتي كانت سلم صعوده وتبوأه لتلك المناصب الحكومية وإطلاق يده فيها.

 علاء منير إبراهيم، هو من مواليد مدينة جبلة 1965، وينحدر من إحدى قراها وهي قرية ديروتان. والده هو العميد المتقاعد منير إبراهيم، والذي شغل منصب قائد المنطقة الساحلية في جيش النظام.

 درس علاء الهندسة المدنية بجامعة تشرين وتخرج في العام 1989 مهندساً مدنياً، ليتزوج في منتصف التسعينات من ريم حاج نجيب، ابنة نجيب حاج نجيب، عديل حافظ الأسد، وزوج فاطمة مخلوف، شقيقة أنيسة مخلوف (والدة بشار الأسد).

 ولـ علاء إبراهيم ثلاثة أولاد، هم باسل وفاطمة الزهراء وبشار. كما أن خاله، هو العماد المتقاعد إبراهيم الصافي، والذي شغل حتى فترة قريبة منصب نائب وزير الدفاع في حكومة الأسد، وكان سابقاً، قائداً للفرقة المدرعة الثالثة، وعُيّن قائداً للقوات السورية في لبنان عام 1994.

(عائلة علاء إبراهيم في إحدى المدن الأوروبية)

سيرته مع مؤسسة النقل البحري

وبالعودة لتاريخ إبراهيم مع العزل والإعفاءات، نجد أن له تاريخاً حافلاً بالإعفاءات من المناصب الرسمية الحكومية لأسباب تتعلق بفشله في إدارة تلك المؤسسات التي ترأسها أو لفساده الواضح والعلني الذي أزكم الأنوف برائحته، وكان آخر تلك الإعفاءات، قبل تسلمه محافظة ريف دمشق، هو إعفاؤه من مهامه كمدير لمؤسسة النقل البحري بموجب قرار صادر من رئيس حكومة النظام عادل سفر بتاريخ 12/حزيران/ عام 2011, وعلى الرغم من خلو قرار الإعفاء حينها من السبب، إلا أن رائحة الفساد كانت تُشتم عن بعد من القرار، حيث كان إبراهيم على مدى ست سنوات مديراً لتلك المؤسسة ومسؤولاً عن الأسطول السوري الحكومي الذي يضم عدداً من السفن الحديثة (لاوديسا، فينيقيا، سوريا، أرواد، لاتاكيا)، والذي كان إبراهيم قد وعد بتطويره، وأعد دراسة خاصة بإنشاء حوض لإصلاح السفن السورية واللبنانية في اللاذقية حسب ما صرح لوكالة الأنباء السورية "سانا" في عام 2005.. لكن ما حصل أن سفن الأسطول السوري أكلها الصدأ لاحقاً، بسبب بقاءها لفترات طويلة راسية في المرافئ السورية بسبب الفشل في إدارة المؤسسة واستغلال علاء إبراهيم لمنصبه وشراء سفن خاصة له وتشغيلها لحسابه الخاص، على الرغم من الحالة الجيدة التي كانت عليها سفن الأسطول السوري، كما أكد لـ "اقتصاد"، مصدر خاص، شاهد وعاين تلك السفن.
 
وسبق لموقع "اقتصاد" أن أضاء على سيرة علاء إبراهيم في تقرير خاص عند استلامه مهامه كمحافظ لريف دمشق. (اضغط هنا)

عزله بعيد الثورة.. ليعود لاحقاً

وبعد إعفاءه من إدارة النقل البحري عام 2011، قضى إبراهيم في منزله 5 سنوات، دون أن يكون له أي صفة رسمية في أي منصب حكومي، حتى صدور مرسوم من بشار الأسد بتعيينه محافظاً لريف دمشق في 13/7/ 2016 على الرغم من معرفة بشار بماضي إبراهيم وتاريخه الحافل بالفساد، لكن على ما يبدو أن بشار أعاد إبراهيم إلى الواجهة، ليس لكفاءته ونظافة يده، وإنما ليكون مسؤولاً عن عمليات التهجير والمصالحة التي تمت في مدن وبلدات ريف دمشق بعد سيطرة جيش النظام والميليشيات الإيرانية عليها، وهو ما وجد فيه إبراهيم باباً جديداً للفساد والسرقة من خلال منح تراخيص مخالفة للبناء وتشييد العقارات والمنشآت، والتي بدأ النظام بإزالتها بشكل فوري مع صدور قرار إعفاءه والحجز على أمواله، بحسب ما نشر موقع "روسيا اليوم" عن بدء عمليات الهدم والإزالة الفورية لمخالفات البناء التي تمت في عهد المحافظ السابق علاء إبراهيم.


آراء مختلفة في أسباب الإطاحة به

أما عن سبب إعفاء علاء إبراهيم من منصبه كمحافظ لريف دمشق بعد أربع سنوات من استلامه لمهامه وصدور قرار الإطاحة بامبراطوريته المالية والحجز على أمواله وأموال زوجته وأولاده، فقد تعددت التحليلات ووجهات النظر والآراء بهذا الخصوص.

"اقتصاد" رصد بعض تلك التحليلات وتابعها، وكان أبرزها ما نشره الصحفي هيثم قصيبة على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، مؤكداً أن ما أطاح بإبراهيم هو سماحه لتجار البناء والعقارات ببناء طوابق إضافية وكتل سكنية لا تراعي معايير التنظيم العمراني.

من جانب آخر، هناك ربط بين الإطاحة بعلاء إبراهيم والاستحقاقات القادمة التي يحضر لها بشار الأسد والنظام في الانتخابات الرئاسية القادمة، وأن بشار أراد كبش فداء يضحي به قبل الانتخابات الرئاسية المتوقعة منتصف العام 2021، فأطاح بإبراهيم لكسب ود ناخبي ريف دمشق والمناطق التي سبق وخرجت لسنوات عن سيطرته، والتي عاث فيها علاء إبراهيم فساداً، ولحقها قدر كبير من الإهمال، وذلك وفق آراء بعض المراقبين.


(صورة لابن علاء إبراهيم في باريس)

ضحيّة للحملة ضد آل مخلوف

في المقابل، لم يستبعد أحد المصادر الذي تحدث لـ "اقتصاد"، والذي كان قريباً في وقت من الأوقات من علاء إبراهيم، وطلب عدم الكشف عن هويته، أن الإطاحة بإمبرطورية إبراهيم وزوجته ريم ابنة خالة بشار، وابنة عمة رامي مخلوف، يأتي في سياق حملة أسماء الأسد على آل مخلوف وامبراطورياتهم المالية التي بنوها خلال عقود، مؤكداً في الوقت نفسه أن بشار أراد بقرار الحجز على أموال إبراهيم وزوجته ريم وأولادهم انتزاع كل ما جمعوه ونقله لحسابه الخاص، لأن إبراهيم لم يكن يشارك بشار الذي عينه مسؤولاً أكثر من مرة بما كان يسرقه من المال العام بل لجأ إلى شراء الأراضي والمزارع والعقارات والإثراء غير المشروع.

(صورة أخرى لابن علاء إبراهيم فيما يبدو أنها فيلا خاصة على البحر)

خطأ التقرّب من إيران

ولم يستبعد بعض النشطاء ممن علّقوا على خبر إعفاء إبراهيم أن يكون تقربه من إيران هو ما أطاح به من قبل الروس، الذين يعملون اليوم على مجابهة تمدد إيران التي بات لها نفوذ واسع في بعض مناطق ريف دمشق، وخصوصاً في داريا، ذات الرمزية الدينية لدى الميليشيات الشيعية.

فيما رجح البعض ممن استطلع "اقتصاد" رأيهم أن ما عجّل بقرار إطاحة الروس بـ علاء إبراهيم هو تصريحه على هامش المؤتمر الذي عقدته روسيا والنظام في دمشق مؤخراً، حول عودة اللاجئين، والذي أشار فيه إبراهيم بتصريح خاص لموقع "سيريانديز" الموالي، إلى أنه لدى المحافظة عدة وحدات تجمّع (مخيمات وأماكن إيواء مؤقتة)، مثل الوحدات في حرجلة وعدرا، والتي بإمكانها أن تستقبل عدداً من الأسر والعائدين، ريثما تجهز البنى التحتية لمناطقهم بشكل كامل. وهو التصريح الذي أثار جدلاً، واعتبره بعض المراقبين أنه يستهدف تنفير اللاجئين من العودة للبلاد.

ضربة محتملة تلقاها في بنوك لبنان

ورغم صدور قرار الإطاحة والحجز على امبراطورية إبراهيم المالية، قلّل المصدر الذي سبقت الإشارة إليه، من فعالية ذلك القرار على أرض الواقع، مؤكداً وهو الذي يعرف علاء جيداً، أن الأخير ليس ساذجاً لدرجة أن يضع كل تلك الأملاك باسمه أو باسم زوجته، لكن في الوقت ذاته يعتقد المصدر أن علاء إبراهيم قد يكون أحد رؤوس الفساد الذين تبخرت ملايينهم من الدولارات في بنوك لبنان التي ابتلعت مليارات الدولارات لسوريين هرّبوا أموالهم إليها، وهو ما أكده بشار نفسه في حديث سابق له، مرجعاً سبب الأزمة الاقتصادية في البلاد لهذا السبب.


وكان بشار الأسد قد أصدر مرسوماً حمل الرقم 325 لعام 2020 يقضي بعزل وإعفاء علاء إبراهيم من مهامه كمحافظ لريف دمشق، وتبع ذلك قرار صدر عن وزارة المالية ينص على إلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لكل من علاء إبراهيم وزوجته ريم حاج نجيب وأولادهم الثلاثة.

ترك تعليق

التعليق