بالنسب والأرقام.. "شمال غرب سوريا" في مواجهة موجة ثانية من "كورونا"


في التاسع من تموز/يوليو 2020، أُعلن في منطقة شمال غرب سوريا عن أول إصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). ومع منتصف أيلول/سبتمبر، بدأت مرحلة الدوران بالمجتمع ليرتفع  عدد الإصابات ويتجاوز حاجز الـ 20 ألف إصابة حتى 24 كانون الثاني/يناير الفائت، فيما ارتفعت أعداد الوفيات لتدخل خانة المئات.

ويُعتبر انتشار الفيروس أمراً مقلقاً، فأكثر من نصف سكان المنطقة نازحون، يعيش معظمهم في مخيمات مكتظة لا تتوفر فيها شروط الحياة الإنسانية. ويُقدّر أحد برامج الأمم المتحدة "Humanitarian Needs Assessment Program" أعداد المعرّضين للإصابة بكورونا، في شمال غرب سوريا، بأكثر من 3 ملايين نسمة، أي ما يعادل حوالي 70% من سكان المنطقة.

ولمواجهة خطر التفشي، تم إعداد دراسة لتقييم الأوضاع الحالية فيما يتعلق بمواجهة وباء "كوفيد 19"، في شمال غرب البلاد.

قام بإعداد الدراسة، د. مأمون سيد عيسى، برعاية "جمعية عطاء للإغاثة الانسانية". وحصل "اقتصاد" على عرض موجز لبعض النتائج التي تضمنتها الدراسة.

ويتضح، وفق الدراسة، وجود نقص في أعداد المرافق الطبية والعاملين فيها، يجب تغطيته لتحقيق مواجهة ذات كفاءة للوباء، في شمال غرب سوريا. وكان النقص في عدد الأَسِرة في المشافي بمقدار 1236 سرير، و193 سرير عناية مشددة، ونقص في أعداد الأطباء بما يقدر بـ 984 طبيب، ونقص في أعداد الممرضين بما يقدر بـ 4563 ممرض، إلى جانب نقص بما يقدر بـ 253 سيارة إسعاف.

كما وجدت الدراسة أن هناك فجوة في عدد المراكز الصحية بنسبة تقترب من 27%.

وفي دراسة للعلاقة بين توزع الإصابات والوفيات مقارنة بالهرم السكاني، لاحظت الدراسة أن شريحة الأعمار من الرضع إلى 14 سنة شكلت في هرم المصابين نسبة 1.84% بينما تشكل هذه الشريحة من الهرم السكاني 42% أي أكثر من الثلث. ولاحظت الدراسة أن نسبة الوفيات في هذه الشريحة ضعيفة فلم تتجاوز 1.95% لكن ارتفاع نسبة هذه الشريحة من الهرم السكاني ربما أدى إلى تخفيض نسبة الوفيات عموماً في شمال غرب سوريا.

ووجدت الدراسة أيضاً أن شريحة الأعمار من 15 إلى 49 سنة شكلت في هرم المصابين نسبة 77.8% وفي الهرم السكاني 46.5%  وفي هرم الوفيات فقط 5.84%. وتذهب الدراسة إلى أن ارتفاع نسبة الإصابة في هذه الشريحة يبدو مقلقاً، فعندما لا تطبق هذه الشريحة وسائل الوقاية من وباء كوفيد فإنها سوف تصاب بالوباء وتنقله لمن حولها من المرضى والشرائح العمرية من كبار السن.

وشكلت الفئة من 50 إلى 64 عاماً في هرم المصابين نسبة 13.2% بينما شكلت من الهرم السكاني حوالي الـ 3% لكن نسبة الوفيات شكلت ضعفين ونصف نسبة الإصابات وهي 34.24% وهذا ما يدعو للقلق والحاجة لحماية هذه الشريحة والتي تليها، وعزلها ما أمكن عن المجتمع.

ولدى دراسة نسبة الوفيات من الإصابات الكلية في شمال غرب سوريا، وجدت الدراسة أنها تشكل نسبة 1.4%، أي أن عدد الوفيات لكل مليون نسمة كان 62 وفاة وكان ترتيب شمال غرب سوريا 105 في قائمة أقل الدول وفيات في العالم. لكن الدراسة نوهت إلى وجود مخاوف من أن تكون أرقام الوفيات غير دقيقة، نظراً لعدم وجود نظام طبي متابع للمصابين كي يسجل من توفى منهم وعدم وجود سجلات مدنية موثوقة، إلى جانب تسجيل وفيات مرضى كوفيد كوفيات بأمراض مختلفة مثل الاحتشاء القلبي أو الدماغي وغيره.

ولدى دراسة نسبة عدد الكوادر الطبية العاملة إلى عدد سكان المجتمع، اتضح أن النسبة العالمية الوسطية هي 35 ضعف مقارنة بالنسبة في شمال غرب سوريا، وهو أمر يثير القلق، كما أنه دليل على الاستنزاف الذي طال الكوادر الطبية على مدار السنوات الفائتة.

ولدى دراسة نسبة إصابات الكوادر الطبية قياساً إلى الإصابات الكلية بكوفيد، وجدت الدراسة أن النسبة في شمال غرب سوريا هي 14%، وهي نسبة مقبولة مقارنة بالنسب العالمية.

وفي دراسة للدعم الدولي المخصص للتصدي لوباء كوفيد 19 - تبين أنه تم تخصيص 758 مليون دولار لهذا الغرض، في دول لجوء السوريين، تم تنفيذ 139.9 مليون دولار منها بنسبة مقدارها 18.4%. أما في الداخل السوري، فقد تم تخصيص مبلغ يعادل نصف المبلغ السابق وهو 384.2 مليون دولار، وبما أن عدد اللاجئين السوريين في دول العالم 6.6 مليون، وعدد النازحين ضمن سوريا 6.5 مليون نازح، لذا تخلص الدراسة إلى عدم وجود عدالة في توزيع الدعم الدولي فقد وزعها 33% من أجل النازحين في سوريا و66% من أجل اللاجئين في الدول المستضيفة.

كذلك، أجرت الدراسة مقارنة بين المبالغ التي تم تمويلها لمواجهة وباء كوفيد داخل سوريا، وبين المبالغ المخصصة لليمن، حيث يتضح أنه في اليمن تم حتى الآن تمويل 95.95% من المبلغ المخصص وهو 385 مليون دولار، بينما تم تمويل 48.7% فقط من المبلغ المخصص لسوريا وهو 369.9 مليون دولار. وبالتالي، من الضروري متابعة ملف التنفيذ من قبل المعنيين.

وتناولت الدراسة أعداد الأسِرّة في مراكز العزل، إذ تشير إلى أن الأعداد كافية في الفترة الحالية، لكن من المتوقع أن تنشئ أزمة في فترة الذروة القادمة.

ووجدت الدراسة أن 9% من مراكز العزل لا يوجد بها طبيب، و48% منها، فيها طبيب يداوم 8 ساعات.

وأشارت الدراسة إلى عدم وجود مشافي خاصة بالمصابين بكوفيد 19، لمواجهة حالات صحية تتعلق بهم، مثل حالات الولادة والجراحة، حيث يرفض أكثر المشافي استقبالهم خوفاً من العدوى، فلابد من تخصيص مشفى لهذا الغرض.

ولدى مقارنة عدد أسِرّة العناية لكل 100 ألف مواطن، اتضح وفق الدراسة أن النسبة في شمال غرب سوريا أقل منها في اليمن وليبيا.

وفي مقارنة لأعداد الاختبارات لكل مليون نسمة التي تم إجراؤها، تفوقت كل من ليبيا وفلسطين على شمال غرب سوريا، بشكل كبير.

أما على صعيد التزام المواطنين في شمال غرب سوريا بتدابير الوقاية الفردية، خلصت الدراسة إلى أن أغلب المجتمع غير ملتزم بالكمامة والتباعد الاجتماعي، والتجمعات الكبيرة مستمرة والأسواق مكتظة بشكل يومي بالمدنيين مثل البازارات-التعازي، ويتم إقامة صلوات الجمعة دون الالتزام بشروط التباعد الاجتماعي.

ورغم أن أعداد الإصابات في شمال غرب سوريا، تنخفض، إلا أن الدراسة توقعت صعودها مجدداً، لذا تدعو إلى استغلال فرصة انخفاض أعداد الإصابات في الوقت الراهن، لالتقاط الأنفاس، والاستعداد للموجة الثانية المرتقبة.

للاطلاع على الدراسة كاملة اضغط هنا

ترك تعليق

التعليق