لاجئ سوري يروي تجربته في إدارة مشروعٍ لاندماج اللاجئين في ألمانيا


في مركز التكامل البلدي بمدينة Soest الألمانية يعمل اللاجئ السوري "أحمد الأقرع" منذ أشهر كمدير لمشاريع الاندماج، على إدماج اللاجئين السوريين في المدينة وبخاصة في المرحلة العمرية ما بين 18 و27 سنة في مجالات اللغة والتدريب وتأهيلهم للانخراط في سوق العمل كي يتمكنوا من كسب عيشهم بشكل مستقل، وهي مفاتيح المشاركة في الحياة الاجتماعية والاندماج الناجح للاجئين وبخاصة الجدد منهم.

وينحدر الأقرع من مدينة الرقة، وبعد حصوله على الثانوية درس علم الاجتماع في دمشق وتم تعيينه بعد التخرج في مركز ملاحظة الأحداث الجانحين في محافظة الرقة كما يروي لـ"اقتصاد"، مضيفاً أنه لجأ إلى تركيا عام 2013 وانتقل بعدها إلى ألمانيا حيث درس اللغة وحقق المستوى اللغوي C1 ودرس الإرشاد الاجتماعي في الجامعة الكاثوليكية في مقاطعة شمال الراين وعمل في مكتب حماية الأطفال التابع لمدينة هورن باد ماينبيرغ، وبعدها في هيئة تنسيق شؤون اللاجئين في مدينة بادربورن، ومنذ بداية نيسان  2020 تولى إدارة مشروع الاندماج "Gemeinsam klappt's" في مدينة Soest إلى جانب دراسته للماجستير في البحوث الاجتماعية بجامعة كاسل وعمله كمتطوع في منظمة الإنقاذ الفدرالية.



وأشار الأقرع وهو والد لثلاثة أطفال إلى أن المشروع الذي يديره تابع لوزارة اللاجئين والأطفال والعائلة في مقاطعة شمال الراين ويستهدف هذا المشروع  الذي يقام بالتعاون مع وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية فئة اللاجئين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ١٨ و٢٧ سنة ولا يزالون ضمن إجراءات اللجوء أو تم رفض طلبات لجوئهم.

 ويعمل المشروع -كما يقول-على تقييم حالة طالب اللجوء وتقدير احتياجاته اللازمة والمساعدة على إدماجه في المجتمع، ويتم إرساله إلى أحد مشاريع الاندماج  التي يشرف عليها، مضيفاً أن لدى المركز ٤ برامج اندماج وهي إرسال اللاجئ إلى مدارس لغة لتقوية لغته الألمانية -في الأحوال العامة، اللاجئون غير الحاصلين على حق الإقامة غير مسموح لهم بالمشاركة بدورات اللغة-، وهناك أيضاً برنامج لإرسال اللاجئ إلى مدارس مخصصة للحصول على شهادة التعليم المتوسط، وإرسال اللاجئ إلى مدارس مخصصة للتحضير لتعلم مهنة معينة حسب رغبته، وتحضير اللاجئ للدخول في تدريب مهني يتناسب مع مؤهلاته الدراسية واللغوية.

 وأكد الأقرع أن  المشروع تمكن منذ بدايته وحتى الآن من تسجيل ما يقارب ٤٩% من الفئة المستهدفة في المدينة، ويعمل المشروع أيضاً على تنظيم بعض الأنشطة الجانبية مثل دورات تقوية للطلاب اللاجئين في مواد الرياضيات والعلوم، وأسس تعلم الحاسب وغيرها.

وحول أبرز المشكلات التي يعاني منها اللاجئون ضمن الفئة المستهدفة وكيف يعمل المشروع على تذليلها؟، أوضح المصدر أن "نسبة ٢٣% من هؤلاء اللاجئين ليس لديهم مؤهلات دراسية سابقة لذلك نقوم بتأهيلهم للحصول على مؤهل دراسي يمكنهم من متابعة التأهيل المهني إلى جانب أن الفئة المستهدفة هي من اللاجئين غير الحاصلين على حق الإقامة في ألمانيا لذلك يعانون من شعور عدم الاستقرار ولا يعلمون إن كانوا سوف يبقون في ألمانيا أم سيتم ترحيلهم، علاوة على وجود نسبة ٥٩% من الفئة المستهدفة من النساء وجزء كبير منهن لديهن أطفال مما يحول دون مشاركتهن في برامج الاندماج، وإقامة اللاجئين في مساكن جماعية للاجئين تمنعهم من الدراسة بشكل خاص في ظل وجود أفراد الأسرة في غرفة واحدة، وبعض الصعوبات متعلقة برغبة بعض اللاجئين الحصول على تدريب مهني في المجال الإداري وهو مجال يتطلب إمكانيات عالية في اللغة الألمانية وهو صعب في بعض الأحيان على الألمان أنفسهم".

  وأكد الأقرع أن إقبال اللاجئين على تعلم اللغة والانخراط في سوق العمل في ألمانيا جيد بالمجمل ولكن بسبب ظروف كورونا هناك صعوبة في إيجاد أماكن تدريب في سوق العمل وهذه المشكلة ليست خاصة باللاجئين وإنما تواجه الألمان أيضاً.



وفيما يتعلق بأكثر التوجهات في العمل بالنسبة للاجئين السوريين، وما هي أكثر المهن التي يتم تشجيعها في سوق العمل؟، أشار إلى أن "كل صاحب مهنة يدوية من اللاجئين يسعى للعمل في نفس مجال عمله السابق، أما بالنسبة لأصحاب المؤهلات العلمية من اللاجئين الجدد فيسعون حالياً إلى تعلم اللغة والعمل على تعديل شهاداتهم الدراسية والعمل بها، أما الفئة الأصغر عمراً فلديهم توجه عام للدراسة الجامعية أو التأهيل المهني للعمل مستقبلاً في الجهات الحكومية وهناك فئة كبيرة تسأل عن كيفية القيام بعمل خاص ولكن هذا بعيد عن مجال مشروعنا".

ونوّه محدثنا إلى أن الحكومة الألمانية لا تشجع مهناً معينة، ورغبة اللاجئ تأتي في المقدمة دائماً، ولكن هناك مهن يتم قبول اللاجئين فيها بشكل أسهل مثل مهن القطاع الصحي كرعاية المسنين والتمريض والإسعاف، والأعمال اللوجستية، وفتح الطرقات  والإنشاءات والمهن المرتبطة بها، بالإضافة للعمل الزراعي.

وحول مناخ العمل في أوساط اللاجئين بألمانيا، أشار اللاجئ الشاب إلى أن نسبة من اللاجئين وبخاصة فوق الـ 35 سنة يرغبون بالاتجاه للعمل الخاص سواء افتتاح مطعم خاص أو متجر تجزئة، وتتجه فئة العمال المهرة إما للعمل الشخصي كافتتاح مشروع خاص أو ورشات أو التأهيل المهني في نفس المجال والعمل لاحقاً في إحدى الشركات مثل الدهان والسيراميك والبلاط والحدادة والميكانيك، وفئة الشباب الذين بلغوا ١٨ عاماً في ألمانيا وأتيح لهم الحصول على مؤهل دراسي يرغبون في الدراسة الجامعية بالاختصاصات الطبية أو الهندسية، وثمة بعض الحاصلين على شهادات جامعية من سوريا وخاصة في بعض الاختصاصات التي يصعب الحصول على عمل فيها قاموا بتغيير اختصاصهم وفئة كبيرة منهم توجهوا إلى دراسة الإرشاد الاجتماعي.

ترك تعليق

التعليق