الأزمة اللبنانية تهدد استقرار المؤسسة العسكرية


 منذ اندلاع الحرب الأهلية، وخلال الحروب التي نشبت مع إسرائيل، والتفجيرات والاضطرابات الداخلية، اعتبر اللبنانيون جيشهم مرساة للاستقرار ومؤسسة تتجاوز الانقسامات في البلاد.

لكن الجيش اللبناني مهدد الآن بأحد أسوأ الانهيارات المالية التي شهدها العالم خلال المائة والخمسين عاما الماضية، حسبما يقول البنك الدولي.

الانهيار الاقتصادي يشكل ضغوطا غير مسبوقة على القدرات العملياتية للجيش - المدعوم من الولايات المتحدة- ما يؤدي إلى تجفيف رواتب الجنود وتدمير روحهم المعنوية.

ويهدد هذا التدهور واحدة من القوى القليلة التي توحد لبنان، في وقت تتصاعد فيه التوترات الطائفية ومعدلات الجريمة وسط الفقر المتزايد.

"قد يكون هذا التراجع نذيرا لعدم استقرار لم نشهده منذ إطاحة النخب السياسية اللبنانية بالقوات المسلحة، وتحديدا في السنوات الخمس التي سبقت الحرب الأهلية بين عامي 1975-1990"، وفقا لما قاله آرام نركيزيان، كبير مستشاري برنامج الشؤون المدنية - العسكرية في الدول العربية بمركز كارنيغي للشرق الأوسط.

الجيش نفسه دق ناقوس الخطر، وهو أمر غير معتاد بالنسبة لقوة ربما تكون فريدة من نوعها في الشرق الأوسط، حيث تظل بعيدة عن السياسة إلى حد كبير.

وحذر قائد الجيش العماد جوزيف عون في خطاب ألقاه أمام ضباط في مارس / آذار الماضي من أن الجنود "يعانون مثل باقي اللبنانيين".

كما انتقد "صراحة" القيادة السياسية، والتي قال انها أصيبت بالشلل بسبب الاقتتال الداخلي، ولم تفعل اي شيء تقريبا لمعالجة الأزمة.

وأضاف "ماذا تنتظر؟ ما الذي تخطط القيادة لفعله؟ لقد حذرنا أكثر من مرة من مخاطر هذا الوضع".

تعد هذه التصريحات غير مسبوقة لضباط في الجيش، حيث لا يسمح لهم بالإدلاء بتصريحات سياسية.

وأكد مسؤول عسكري لبناني بارز لأسوشيتدبرس أن الوضع الاقتصادي أثر بشكل كبير على الروح المعنوية للجنود.

وقال "ليس هناك شك في أن هناك استياء كبير في صفوف الجيش".

وأشار المسؤول إلى أن الجيش "لديه واجبات كثيرة"، تتضمن الحفاظ على الاستقرار الداخلي.

وقال المسؤول العسكري- الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته تماشيا مع اللوائح – "قيادة الجيش قلقة بشأن تطورات الوضع الأمني على الأرض والقدرة على التعامل مع هذه القضية".

وأضاف أن دعم الجيش "أمر حاسم" لتجنب سقوط لبنان في الفوضى.

تعقد فرنسا مؤتمرا عبر الفيديو غدا الخميس لجمع تبرعات ومساعدات طارئة للبنان.

يأتي ذلك بعد أن زار قائد الجيش، عون، باريس الشهر الماضي لطلب المساعدة من الحكومة الفرنسية.

وحذرت فرنسا من أن الجيش اللبناني "ربما لم يعد قادرا على تنفيذ مهامه الضرورية لاستقرار البلاد بشكل كامل".

من جهتها تعهدت الولايات المتحدة، الداعم الأكبر للجيش اللبناني، بزيادة المساعدات في عام 2021.

يوازن الجيش اللبناني جزئياً حزب الله، الجماعة الشيعية المدعومة من إيران، والتي تتمتع بقوة مسلحة قوية، فضلاً عن الهيمنة السياسية.

حذر نركيزيان من أن تدهور الجيش سيسمح لحزب الله بأن يكون القوة الوحيدة المسيطرة في البلاد- وهي نتيجة لا يريد معظم دول العالم، ولا سيما واشنطن، أن تتحقق.

كما يمكن أن يفتح ذلك الباب أمام دول مثل روسيا أو الصين أو إيران أو نظام الأسد في سوريا لاستمالة الجيش، وإيجاد طرق للتأثير عليه.

بعد عقود من فساد وسوء إدارة النخبة السياسية، بدأ الاقتصاد اللبناني في السقوط الحر في أكتوبر تشرين اول عام 2019، حيث انهار القطاع المصرفي الذي كان مزدهراً، وفقدت العملة حوالي 90 بالمائة من قيمتها مقابل الدولار في السوق السوداء.

وسقط أكثر من نصف سكان البلاد في براثن الفقر.

ترك تعليق

التعليق