بمحاكم اقتصادية، وبدونها.. أموال ضخمة تدخل خزينة نظام الأسد


ينحصر تركيز نظام الأسد في المراحل الأخيرة بالبحث عن موارد مالية تضمن له الاستمرار في سدة الحكم أطول فترة ممكنة، لا سيّما وأن وضعه الاقتصادي يتدنى أكثر فأكثر تحت تأثير العقوبات الغربية وفقدان سيطرته على الموارد المحلية، لتكون بالنسبة له كافة أشكال جمع الإتاوات مشروعة.

80% من قاطني مناطق سيطرة نظام الأسد باتوا يعتمدون في معيشتهم على الحوالات المالية الخارجية الواردة إليهم كمساعدات شهرية من أقاربهم المنتشرين حول العالم، حيث هي الأمل الأخير لاستمرار الحياة بعد أن فقد الناس كافة مدخراتهم، وتتراوح  قيمة الحوالة الواحدة بين 200 و 300 دولار أمريكي، بحسب ما قاله لـ "اقتصاد" السيد "إ - ج" مدير مكتب حوالات مالية في مدينة اسطنبول التركية.

ذات الرقم ورد أيضاً منذ أيام على لسان "عمار اليوسف"، الباحث الاقتصادي السوري، حسب ما عرفت عنه "وكالة سبوتنيك الروسية"، حيث أكد أن نسبة الذين يعيشون على الحوالات الخارجية بلغت 70%، مُوضحاً أن متوسط مبالغ الحوالات التي تصل إلى الأسرة الواحدة لا تتجاوز 200 يورو بالحد الأقصى.

من جانبه، بيّن محدثنا من اسطنبول، أن كافة العائلات السورية تُفضل استلام الحوالات المالية عبر مكاتب التحويل في السوق السوداء بسبب الفارق السعري بينها وبين السوق الرسمية التي تتدنى أسعارها بأكثر من 25%.

للاستيضاح أكثر تمكن "اقتصاد" من التحدث إلى مدير مكتب أحد رجال الأعمال في دمشق، رفض الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية، إذ يرى أن القيمة الضخمة للحوالات المالية الخارجية من الطبيعي أن تضع العاملين فيها بموضع الاستهداف من قبل نظام الأسد، حالهم حال كبار رجال الأعمال الذين كانوا عرضةً لمصادرة أموالهم، أبرزهم، "رامي مخلوف" ابن خال رأس النظام، ورجل الأعمال "أيمن جابر".

ويُبين محدثنا، أن "المصرف المركزي السوري" يستند للقوانين الأخيرة في عمليات النهب التي يُكلف بها مجموعة أشخاص برئاسة "أسماء الأسد" زوجة رأس النظام، وقيادة رجل الأعمال "خضر طاهر، الملقب بـ "أبو علي خضر"، مُضيفاً بأن تلك المجموعة تنفذ بوتيرة متكررة مداهمات بحق مصالح عديدة لتجار كبار، وتفرض إتاوات مالية عليهم.

من وسائل الابتزاز التي تعتمدها مجموعة "أسماء" أن تقوم بدايةً بجمع المعلومات عن التجار وأنشطتهم التجارية ومستودعاتهم وكميات البضائع لديهم، ثم تتم المداهمات بشكل مفاجئ، ليجد التاجر "المُستهدف" نفسه فريسةً سهلةً أمام تسويات مالية ضخمة تُدفع مباشرةً ونقداً، عوضاً عن أن يتم تحويله إلى محكمة الجنايات المالية والاقتصادية، بحسب محدثنا من دمشق.

وكان رجل الأعمال ورئيس اتحاد غرف الصناعة السورية "فارس الشهابي" قد شن هجوماً حاداً على "أبو علي خضر"، عبر مداخلة على "القناة الإخبارية السورية" الرسمية، مُتهماً إياه بأنه مهرب ومجرم ويفرض الإتاوات على المصانع، الأمر الذي دفع القناة إلى حذف اللقاء من الموقع والمعرفات الرسمية بعد عرضه بساعة، لكنه لا زال متاحاً على الشبكة العنكبوتية حتى اللحظة.

ويملك "أبو علي خضر" عدداً كبيراً من الشركات، أبرزها، شركة أيلا للسياحة، وله 90% من نسبة شركة الياسمين للمقاولات، ويرأس مجلس إدارة الشركة السورية للإدارة الفندقية وتبلغ حصته فيها 66.66%، بالإضافة إلى شركة إيما تل للاتصالات، وشركة القلعة للحماية والحراسات والخدمات الأمنية. 

ومنذ أيام قليلة، صرّح "نظام دحدل" رئيس محكمة الجنايات المالية والاقتصادية في نظام الأسد، بإدخال المليارات إلى الخزينة العامة من شركات صرافة سُحب الترخيص منها سابقاً بسبب مزاولتها مهنة الصيرفة بطرق "غير شرعية"، ومن شركات وهمية وفاسدين من القطاع العام، حسب وصفه.

رئيس المحكمة الذي لم يُفصح عن قيمة الأموال المُصارة بدقة، ولم يُقدم أي إيحاء إن كانت بالعملة المحلية أو الأجنبية، أكد أن أي تحويل للأموال خارج الشركات المرخصة يعتبر عملاً غير مشروع سواء كان مصدر الحوالات من أشخاص أو شركات وهمية، مُشيراً بأن المرسوم الخاص رقم "3" لعام 2020 فرض عقوبات صارمة تصل إلى السجن لمدة سبع سنوات مع الأشغال الشاقة لمن يتعامل بغير الليرة السورية، إضافةً إلى مصادرة المبالغ النقدية لمصلحة "مصرف سوريا المركزي".

ذاك المرسوم أتاح لـ "المصرف المركزي" إيقاف عمل 6 شركات تحويل أموال محلية في منتصف العام الماضي، بذريعة أنها تنفذ حوالات مالية خارجية مجهولة المصدر، الأمر الذي دفع جزءً كبيراً من الشركات، للجوء بشكل سريع نحو التسوية المالية قبل تعرض شركاتهم للمداهمة والملاحقة وإخضاعهم للأمر الواقع.

ترك تعليق

التعليق