قرار في الزمن الضائع.. وزارة التربية التركية تنهي عقود أكثر من 9 آلاف معلم سوري


لم يحتمل قلب المدرس "و.ح"  أثر الصدمة التي تلقاها من خلال رسالة SMS من مديرية التربية في مدينة أنطاكيا التركية، تفيد بأن عقده التدريسي قد انتهى فتوفي بجلطة قلبية تاركاً عائلته في مهب الريح بلا معيل، وهو واحد من 8 مدرسين توفوا بسكتات قلبية خلال فترة انقطاعهم عن التدريس وقطع رواتبهم التي كانوا يتلقونها من اليونسيف ويبلغ عددهم -وفق ناشطين- أكثر من 9000 مدرس ومدرسة في مختلف المدن التركية من هاتاي في جنوب البلاد حتى مدينة إسطنبول والكثير منهم هم ذاتهم من قاموا بإنشاء المدارس السورية وجمعوا الطلاب السوريين ثم سلموا التربية التركية مدارسهم ذات يوم -كما يقول الناشط "أحمد الخلف" لـ"اقتصاد"- مضيفاً أن المعلمين السوريين كانوا يتبعون لليونسيف مالياً وتتولى التربية التركية الإشراف الإداري من خلال عقود سنوية، ومع بداية الشهر السادس اعتذرت اليونسيف عن تمويلهم مالياً وانقطعت رواتبهم حتى هذه اللحظة، ثم عادت التربية التركية اليوم بقرار إعادة 3 آلاف مدرس فقط من أصل ١٢ ألف بتوفر شرطين هما "وجود شهادة جامعية + شهادة لغة تركية مستوى B1  على الأقل".

وأضاف الخلف إن اجتماعاً عقد منذ 10 أيام ضم لجنة الهيئة التربوية السورية مع معاون وزير التربية التركية ليخرجوا بتصريح يبث الطمأنينة في صدور المعلمين ولكن شيئاً إيجابياً في قضيتهم، لم يحصل، مضيفاً أن وفداً من الهيئة التربوية اجتمع بعد يوم مع مدير الحالات الطارئة في التربية التركية ليخرج وفد الهيئة بالتصريح الآتي: "تبين للوفد أن الأمور لازالت ضبابية وأن هناك تحفظ من الجانب التركي على إعطاء أي معلومة في الوقت الحالي، وذلك كون الاجتماعات بين التربية والهلال الأحمر لازالت قائمة ولم يتم البت بالقرار النهائي حتى الآن".
 
وأشار محدثنا إلى أن المعلمين السوريين اليوم بانتظار قرارات تنصفهم فهم آباء لأطفال وعليهم التزامات كغيرهم من اللاجئين من دفع إيجارات السكن وفواتير الكهرباء والماء وتأمين لقمة العيش وإذا كان كل مدرس من المدرسين المفصولين لديه ٤ أفراد -كما يقول – فإن عدد المنكوبين ٤٨ ألف شخص.

وكمحاولة للخروج من هذه الأزمة التي تطال آلاف المعلمين السوريين حددت وزارة التربية التركية أمس (الجمعة)  أعداد المعلمين والمعايير المطلوبة للبرنامج الجديد مع اليونسيف والهلال الأحمر التركي وجلّهم من حملة الشهادة الجامعية ومستوى B1 وما فوق باللغة التركية.

وبحسب البرنامج المرفق بالقرار يبلغ عدد المطلوبين للمشروع الجديد ٣٠٠٠ مدرس ومدرسة من أصل ١٢ ألف وتم فصل ٩ آلاف حسب آخر قرار لها، 2500 منهم داخل ملاك التربية في المدارس و500 مدرس ضمن ملاك الهلال الأحمر التركي.

 وفي التعميم الصادر من التربية التركية إلى مديرياتها في الولايات وبحسب الأرقام المرفقة به ما يقارب من ربع المعلمين السوريين فقط سيكون لهم نصيب العودة إلى العمل والحصول على مصدر رزق.

 ولفت المصدر إلى أن أكثر من تسعة آلاف عائلة اليوم باتت بلا مصدر رزق بعد أن تم حرمانهم من السفر بسبب شهاداتهم وكفاءاتهم وسُحب منهم كرت الهلال الأحمر بسبب تدريسهم بعد سبع سنوات من البذل وسياسة الضبابية من قبل المنظمات الأممية. 

وكانت اليونيسف وقّعتْ عقداً مع الحكومة التركية يقضي بدفع أجور المدرّسين السوريين في تركيا، إذ كان المدرّس السوري المتطوع يحصل على 2020 ليرة تركية شهرياً، ولا يعتبر راتباً رسمياً، إلا أنه مكافأة شهرية يحصل عليها المدرّسون، هو الحد الأدنى للأجور المتعارف عليه في تركيا.

ونوّه الخلف إلى أن وزارة التربية التركية تتحفظ على أي معلومة تتعلق بالمدرسين السوريين في الوقت الحالي وظهر ذلك –كما يقول- بعد اجتماع وفد الهيئة التربوية مع مدير الحالات الطارئة في التربية التركية ليخرج وفد الهيئة بتصريح يقول فيه أن الأمور لازالت ضبابية وذلك كون الاجتماعات بين التربية والهلال الأحمر لازالت قائمة ولم يتم البت بالقرار النهائي حتى الآن.
 
قرار في الزمن الضائع 

وبدوره قال مسؤول الإدارة والتنظيم في الهيئة التربوية السورية "حسن طيفور" في تصريح لـ"اقتصاد" أن وفداً من الهيئة مع وفد من الائتلاف زار برنامج "التعليم مدى الحياة" في تشرين الثاني 2020 بعد فصل 100 معلم سوري وكان جوابهم أن العدد الإجمالي للمعلمين السوريين سيخفّض إلى النصف بسبب قلة الدعم من اليونسيف، وفي بداية العام 2021 توضحت الفكرة بأنهم سيفصلون المعلمين عامة ويبقون على الجامعيين ومن يتقن اللغة التركية بدرجة B1 وما فوق على أن ينتهي عقد المعلمين المتطوعين في 2/7 من هذا العام، وبالفعل تم التواصل في التاريخ المحدد من قبل مدراء التربية في الولايات التركية مع الزملاء المعلمين وإبلاغهم بإنهاء عقودهم وعدم مجيء المعلمين السوريين إلى المدارس، وكانت عملية إنهاء العقود بشكل شفهي من خلال رسائل SMS وليس بقرار رسمي ولم يصدر أي قرار من وزارة التربية أو اليونسيف بهذا الخصوص.

 ولفت محدثنا إلى أن الهيئة التربوية السورية قامت بتشكيل لجنة إسعافية للتواصل مع وزارة التربية التركية وفعلاً تم التواصل مع بعض مسؤوليها وإبلاغهم بالظلم الذي طال المعاهد والمعلمين وعائلاتهم.
  
عقود غير تطوعية 

وحول أسباب الفصل أوضح  طيفور أن مسؤولي وزارة التربية أبلغوهم أن العقود التطوعية مع اليونسيف انتهت بسبب قلة الدعم مشيراً إلى أن هذه العقود لم تكن بالأساس تطوعية بل تم التوقيع على أوراق التزامية ولكنها ليست رسمية بين الطرفين.

 وروى محدثنا أن الهيئة التربوية حاولت بعد ذلك المطالبة بعودة المعلمين وفوجئوا يوم الجمعة -10/9/2021 خارج أوقات الدوام الرسمي وقبل عطلة يومين، بصدور قرار باللغة التركية ينص على إبقاء حوالي 2500 معلم للتربية و500 معلم للهلال الأحمر من أصل 12 ألف، بشرط أن يكون لديهم شهادات جامعية ولديهم درجة  B1 في اللغة التركية (المستوى الثالث)، ولم يتم طلب هذه الشروط في بداية التعاقد وكان المستوى الثاني من اللغة هو المطلوب. 

وهناك نوعان للمعلمين السوريين في تركيا: الأول من حملة الشهادة الجامعية الأولى والماجستير والدكتوراه، أما الآخر فيضم حملة المعاهد المتوسطة، وآخرون من حملة الشهادة الثانوية السورية فقط، ممن لم يتمكنوا من إتمام سنوات الدراسة الأربع بفعل ظروف الحرب التي شهدتها سوريا، منذ عام 2011.

وبحسب صفحة "دعم التربية والتعليم"، فإن أكثر من 60% من الطلبة السوريين غير قادرين على استكمال دراستهم الجامعية بسبب الأقساط المرتفعة التي فرضتها الجامعات التركية للعام الحالي. و90% من الطلبة الذين حصلوا على علامات مرتفعة بامتحانات اليوس التي تمكنهم من دخول كليات الطب لن يتمكنوا من دراسة الكليات الطبية بسب تضاعف أقساطها بشكل كبير جداً.
 
ووفق المصدر ذاته فإن قرار رفع الأقساط بشكل جنوني للعام الحالي حالَ دون استمرار التعليم الجامعي لمعظم الطلبة السوريين.

ابحث عن الأسد 

وبدوره قال الناشط "معاوية الخضر" لـ"اقتصاد" إن قرار إنهاء عمل المعلمين السوريين في تركيا قرار جائر ومجحف بحق المعلمين، فهؤلاء المعلمون –كما يقول- لم يبخلوا بوقتهم لصالح طلابهم عندما كانوا في سوريا وفي بلاد النزوح في حفظهم لتلك الأجيال من الضياع، ولا ننسى أن أغلب هؤلاء المعلمين ثاروا ضد النظام ومنهم من استشهد أو أعتقل أو تم فصله من عمله بسبب موقفه من الأسد ثم فروا في السنوات الأخيرة إلى بلاد اللجوء وسكنوا في المخيمات ولم يتوقفوا في عطائهم ليتم اليوم قطع مورد عيش الكثير منهم في خطوة للضغط على من ثار ضد الأسد، حسب وصف الناشط.

ترك تعليق

التعليق