من يسرق المساعدات الدولية في مناطق سيطرة النظام السوري..؟


يقول سوريون يعيشون في مناطق سيطرة النظام السوري، إنك تستطيع أن تجد بكثرة مواداً ممهورة بختم الأمم المتحدة، تباع علناً في المحال التجارية أو في الأسواق الشعبية، ومنها على سبيل المثال الحرامات ومواد التنظيف وفوط الأطفال، والمعلبات الغذائية وغيرها الكثير.. فكيف وصلت هذه المواد المخصصة لمساعدة السوريين في الداخل إلى هذه الأسواق؟ ومن الذي يتاجر بها..؟

تمهيد

أعلنت الأمم المتحدة في آخر تقرير لها والصادر منتصف العام الجاري، أن أكثر من 14 مليون سوري يعيشون تحت خط الفقر، ويحتاجون للمساعدات الغذائية. وذكرت المنظمة الدولية في ذات التقرير أنها لا تستطيع تلبية احتياجات كل هذا العدد، بسبب قلة المانحين الدوليين، الذين يقتصرون على الولايات المتحدة الأمريكية، والمفوضية الأوروبية، وألمانيا منفردة، لذلك قررت أن تغطي نصف هذا العدد، أي ما يعادل 7 مليون سوري، بينهم أكثر من مليونين في مناطق شمال غربي سوريا ونحو مليون في الشمال الشرقي، والباقي للسوريين الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام.

أي أن المساعدات الدولية الإنسانية، يجب أن تصل إلى أكثر من 3 ملايين سوري في مناطق سيطرة النظام، غير أن الكثير من السوريين يؤكدون أنهم لا يرون هذه المساعدات على الإطلاق، حتى أنهم لا يعرفون أسماء المنظمات التي تقوم بتوزيعها، باستثناء الهلال الأحمر السوري، المسيطر عليه من قبل مخابرات النظام، بينما تقول الأمم المتحدة إن النظام السوري قدّم لها أسماء أكثر من ست منظمات تقوم بتقديم المساعدات الدولية للسكان المحليين في مناطق سيطرته.

أين تذهب المساعدات الدولية..؟

تصل المساعدات الأممية إلى الداخل السوري عبر المعابر الحدودية البرية، وبالذات عن طريق لبنان والعراق، وهي تتضمن آلاف الأطنان من المواد الغذائية، كالمعلبات والسكر والشاي والطحين وغيرها، بالإضافة إلى مواد أخرى، تشمل المواد الطبية والمنظفات والقرطاسية والحقائب المدرسية والألبسة وكل ما يلزم الأطفال والنساء من احتياجات ضرورية، وهذه المساعدات بحسب العديد من المراقبين تكفي لتلبية حاجات نحو مليون طفل سوري في مناطق سيطرة النظام، وعلى مدى عام كامل، بينما على أرض الواقع فإن أحداً لا يستفيد منها، حتى أن الكثير من السكان يجهلون إن كانت هذه المساعدات موجهة لهم من الأساس.

تقول العديد من التقارير التي عملت عليها بعض المنظمات الحقوقية الإنسانية، إن النظام السوري يرفض أي تدخل من قبل موظفي الأمم المتحدة للإشراف على توزيع هذه المساعدات، ويعتبر الأمر تدخلاً في "سيادته" على أرضه وشعبه، فيما رفضت الأمم المتحدة أن يقوم النظام بنفسه بتوزيع هذه المساعدات وأصرت أن يكون الأمر عبر منظمات إنسانية أهلية، حتى لو كانت سورية.

وتشير تلك التقارير إلى أن النظام السوري قام بتشكيل عدد من هذه المنظمات بشكل صوري، وقدمها للأمم المتحدة التي اجتمعت مع أعضائها وطلبت منهم خطة التوزيع والجداول التي تخص السكان الأكثر احتياجاً.. وهو ما تم تنفيذه على الفور، لكن على الورق فقط..!

ووفق تحقيق واستطلاع للرابطة السورية لكرامة المواطن، الذي أجرته منتصف العام الجاري، فإن النظام السوري يقوم بتحويل هذه المساعدات إلى قواته المسلحة وأجهزة مخابراته، الذين يقومون بدورهم باستهلاك ما يحتاجونه، ومن ثم المتاجرة بالباقي في الأسواق.

وذكر التحقيق ذاته، أن النظام السوري بدأ يستخدم هذه المساعدات منذ العام 2018، للضغط على المناطق الخارجة عن سيطرته في ريف دمشق وريف إدلب وريف حلب، وإجبارهم على المصالحة، بعد تجويعهم ومنعهم من الوصول إلى المساعدات.. وهو ما تحقق بالفعل بمساعدة روسيا، دون أن تستطيع الأمم المتحدة التدخل، رغم علمها وإطلاعها على الأمر.

الأمم المتحدة تعلم أين تذهب المساعدات..!

اعترف آخر تقرير للأمم المتحدة بأن الهلال الأحمر العربي السوري يلعب دوراً رئيساً في تحويل مسار مساعدات الأمم المتحدة في سوريا، لافتاً إلى أن مخابرات النظام والأجهزة العسكرية تتدخل في جميع مستويات عملية المساعدة، وتحوّل مسار المساعدات إلى شبكاتها الخاصة. 
وأكد التقرير الصادر منتصف العام الجاري والمنشور على موقع الأمم المتحدة مترجماً للغة العربية، أن "الحكومة السورية تستخدم مساعدات الأمم المتحدة لدعم جنودها وقواتها الأمنية والميليشيات المتحالفة معها والداعمين السياسيين والتجاريين".

وورد في التقرير أيضاً العبارة التالية "أدى غياب الرقابة والمساءلة عن تقديم المساعدات داخل سورية التي تسيطر عليها الحكومة إلى خلق اقتصاد صغير يقوم على تحويل مسار المساعدات وبيعها من أجل الربح على جميع المستويات، وقد خلقت طريقة المساعدة الحالية للأمم المتحدة فئةً من رجال الأعمال الذين يستفيدون من المساعدات الإنسانية في سورية".

وأضاف التقرير "في حين أن العقوبات على الحكومة السورية كانت مصممة لعزل الجهات الفاعلة السيئة عن الاقتصاد العالمي ومعاقبتهم على الفظائع التي ارتكبوها، فإن مساعدات الأمم المتحدة منحتهم شريان حياة اقتصادياً وساعدتهم في دعم المجهود الحربي للحكومة".

خاتمة 

حاولنا على مدى أكثر من أسبوع توجيه أسئلة لعدد كبير من السوريين الذين يتواجدون في مناطق سيطرة النظام، في ريف دمشق وحلب ودرعا وريفها، إن كانوا قد تلقوا مساعدات أممية، أو يعلمون شيئاً عن عائلات تتلقى مثل هذه المساعدات، فنفوا علمهم بها على الإطلاق، وحتى عندما سألناهم عن سبب تواجدها وبيعها في الأسواق، ظنوا أن هذه المساعدات تدخل من مناطق سيطرة المعارضة تهريباً ويتم المتاجرة بها في مناطق سيطرة النظام.

هذا الأمر يشير إلى أننا أمام نظام لص وسارق، وهو الذي يسعى لتجويع السوريين الذين يعيشون في مناطق سيطرته، بينما يستخدم هذه المساعدات لتوفير تكاليف الصرف على قواته العسكرية وأجهزة مخابراته.. وبهذا تكون الأمم المتحدة، ومن حيث لا تدري، قد ساهمت في تمويل آلة القتل بيد النظام.

ترك تعليق

التعليق