بسبب التكلفة المرتفعة.. ازدهار عمل القرباط بدلاً من أطباء الأسنان


دفعت تكاليف علاج الأسنان المرتفعة، الكثير من السوريين للبحث عن بدائل عن طبيب الأسنان، بعدما أصبح سحب العصب لوحده يكلف أكثر من 150 ألف ليرة سورية، أي ما يفوق راتب الموظف الشهري، حيث أكد العديد من الأهالي أنهم عادوا ليشاهدوا القرباط يتجولون في الشوارع ويبدون استعدادهم لإصلاح الأسنان بتكاليف رمزية قياساً للتكاليف التي يطلبها طبيب الأسنان.

ويقول علاء عبد الرحمن، وهو من سكان ريف محافظة درعا، أنه عانى خلال الفترة الماضية من آلام مبرحة في أسنانه، وعندما ذهب إلى طبيب الأسنان للكشف عن حالته، تبين أنه بحاجة إلى أكثر من 400 ألف ليرة تكاليف علاج وإصلاح ضرسين فقط، ما دفعه للجوء إلى أحد القرباط الجوالين، الذي عالجه مقابل مبلغ 70 ألف ليرة فقط.

ويضيف علاء في تصريح خاص لـ "اقتصاد" أن مشهد القرباط الذين يجوبون الشوارع ويبدون استعدادهم لإصلاح الأسنان، أصبح مألوفاً حتى بالمدن الكبيرة، لافتاً إلى أنه من النادر أن يذهب أحدهم اليوم إلى طبيب الأسنان، باستثناء الميسورين، أما فئة الموظفين والطبقات الفقيرة فإنهم غالباً ما يلجأون إلى البدائل الرخيصة.

ويشكّل طب الأسنان في سوريا اليوم، مشكلة كبيرة بالنسبة لتكاليفه المرتفعة التي لا تتناسب ومستوى الدخل، وهو أمر يشكو منه الأطباء أنفسهم، الذين يقولون إن عملهم تراجع كثيراً وقلما يزورهم أحد في عياداتهم طلباً للعلاج.

ويقول الطبيب أحمد اليوسف، الذي يملك عيادة في ريف دمشق، إن طبيب الأسنان ليس هو من يضع التسعيرة وإنما النقابة، ومع ذلك فإن تسعيرة النقابة التي تعتبر مرتفعة بالنسبة للمرضى، هي منخفضة بالنسبة للأطباء ولا تغطي تكاليف المواد التي يستخدمونها، مضيفاً في تصريح خاص لـ "اقتصاد" بأن عملهم تراجع كثيراً في السنوات الأخيرة جراء عدم قدرة الناس على دفع تكاليف العلاج.

وحول ازدهار عمل القرباط الذين يقومون بأعمال طب الأسنان، كبديل عن الأطباء، حذّر اليوسف من انتشار هذه الظاهرة لأن هؤلاء بحسب قوله، لا يقومون بتعقيم الأدوات التي يستخدمونها، ما يؤدي إلى التسبب بأمراض بعضها خطيرة.

وبيّن أنه كثيراً ما يزوره مرضى قاموا بإصلاح أسنانهم لدى أحد القرباط الجوالين، وهم يعانون من آلام مبرحة، مشيراً إلى أنهم في هذه الحالة يدفعون تكاليف مضاعفة، هذا عدا عن تورطهم ببعض الأحيان بالتهابات خطيرة.

ولفت اليوسف إلى أن حالة البطالة التي يعاني منها أطباء الأسنان، دفعت الكثير منهم للهجرة خارج البلد، مشيراً إلى أن هناك أحياء كبيرة في المدن وقرى بأكملها لم يعد بها أطباء أسنان، وبعضهم أغلق عيادته ويستقبل مرضاه في غرفة في المنزل، من أجل أن يخفف من التكاليف على نفسه وعلى المريض.

وفي السياق ذاته، كشفت مواقع إعلامية موالية للنظام، أن تكلفة تصحيح ضرس واحد لدى طبيب مختص تبدأ من 75 ألفاً ليرتفع حسب وضع كل حالة. هذا وتختلف التسعيرة بين طبيب وآخر فغلاء الأدوات والمواد وتأثير سعر الصرف أحدث إرباكاً للأطباء والمرضى، حتى أصبحت تكلفة علاج السن الواحد تفوق الراتب الشهري، إضافة إلى أن كلفة تجهيز وتشغيل عيادات الأسنان مرتفعة مقارنة بالتخصصات الطبية الأخرى.

وأكد أحد أطباء الأسنان الذي رفض التعريف باسمه، بحسب ما نقل عنه موقع "أثر برس" الموالي للنظام، أنه نظراً لتكلفة علاج الأسنان الباهظة تراجع الاهتمام تراجعاً كبيراً بالصحة الفموية لأنها أصبحت عبئاً كبيراً على المريض إذ بات كثير من الناس لا يذهبون إلى الطبيب إلا بعد أن يصل الأمر بهم إلى درجةٍ لا يتمكنون فيها من تحمّل الألم.

ويختم هذا الطبيب بالقول: "نصادف يومياً أشخاصاً يسألون عن الأسعار وبعد أن نعلمهم بها يذهبون من دون رجعة".

ترك تعليق

التعليق