سوريون على قارعة انتظار فاعلي الخير في رمضان


تمتلئ صفحات التواصل الاجتماعي في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، بالعديد من الأخبار التي تتحدث عن أنشطة لفاعلي خير، يقومون بتوزيع التبرعات المادية أو العينية لإعانة أبناء مناطقهم المحتاجين خلال شهر رمضان المبارك، فيما يقول الكثيرون بأن هذه التبرعات لا تغطي سوى جزء يسير مما هو مطلوب.

وبحسب نعيم من أبناء مدينة طفس في ريف درعا الغربي، أنه وصلت تبرعات مادية خلال اليومين الماضيين، بقيمة أكثر من 30 مليون ليرة، إلا أنه بسبب اتساع رقعة المحتاجين، فإن نصيب الأسرة لم يتجاوز الـ 100 ألف ليرة، لافتاً إلى أنه مبلغ زهيد ولا يغطي أكثر من تكاليف طعام ثلاثة أيام في رمضان لأسرة مكونة من خمسة أشخاص.

وأضاف نعيم -"اسم مستعار"- الذي يعمل في صفوف جمعية خيرية في مدينته، في تصريح لـ "اقتصاد"، أنه مسجل لديهم على القوائم مئات الأسر المحتاجة الذين لا يملكون أية مصادر للدخل، وهؤلاء يحتاجون شهرياً لأكثر من 100 مليون ليرة، ليس في رمضان فحسب، وإنما طوال أيام السنة، بينما ما يصل من تبرعات بشكل مستمر، سواء مادي أو عيني، بالكاد يغطي حاجة عشرات الأسر فقط.

وفي السياق ذاته، نشرت صفحة بلدة معربة في ريف درعا الشرقي، على "فيسبوك"، خبراً يتحدث عن تبرع أحد فاعلي الخير بمبلغ 18 مليون ليرة سورية للجمعية الخيرية في القرية، وقد تم توزيعه على 122 عائلة، بحصة 150 ألف ليرة سورية لكل أسرة.

وأشار معلقون إلى أن أعداد الأسر المحتاجة المسجلة لدى الجمعية الخيرية في البلدة، يبلغ ضعف هذا العدد، ما يعني بأن هناك أكثر من 100 عائلة لم يصلها أي مبلغ من هذا التبرع.

وكشف مشرفون على الجمعية الخيرية بأنهم اعتمدوا في توزيع المبلغ على الأسر الأكثر احتياجاً والتي لا تملك معيلاً أو أي مصدر للدخل ولديها حالات مرضية، معبرين عن أملهم بأن تتدفق تبرعات أخرى خلال هذا الشهر، لكي يتم توزيعها على الأسر الأخرى.

وتشير تعليقات لسوريين يعيشون في مناطق سيطرة النظام، بأن هناك الكثير من الأسر تنتظر منذ الصباح أخبار توزيع المساعدات من قبل فاعلي الخير، وبعضهم لا يغادر منزله، خشية أن يزوره هذا الفاعل ولا يجده، مؤكدين بأن بعض العائلات إذا لم تصلها مثل هذه المساعدة، فإن إفطارها لا يتعدى الخبز والشوربة.

ويقول أحد فاعلي الخير، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، إنه ومنذ بداية شهر رمضان المبارك، اتفق ومجموعة من الميسورين على تقديم وجبات إفطار جاهزة وتوزيعها على الأسر في المنازل في عدد من قرى حوران، في ريف درعا الغربي على وجه الخصوص، مشيراً إلى أنهم يومياً يوزعون أكثر من 1000 وجبة إفطار وبما يكفي حاجة نحو 4000 شخص، ويأملون أن ينضم إليهم متبرعون آخرون لزيادة العدد إلى 1500 وجبة يومياً.

وبحسب علاء من أبناء قرية أم ولد في ريف درعا الشرقي، فإن نسبة المحتاجين تضاعفت عن رمضان الماضي، مشيراً إلى أن الناس تنتظر من فاعلي الخير توزيع السلل الغذائية، التي تكفي عادة الأسرة لمدة أسبوع كامل.

ولفت علاء إلى أن نسبة المغتربين الكبير من أبناء محافظة درعا، تعتبر عاملاً مساعداً في زيادة أعمال الخير خلال شهر رمضان المبارك، موضحاً بأن هناك بعض القرى مكتفية ذاتياً بفضل أبناءها المغتربين الميسورين، مثل قريته أم ولد وقرية الجيزة والمسيفرة وصيدا وكحيل، وجميعها في ريف درعا الشرقي، لكن هناك بحسب قوله، عشرات القرى التي لا يوجد فيها مثل هذا الاكتفاء وتحتاج إلى تكافل أكبر من قبل أبناء المحافظة الميسورين.

وتواجه أعمال المتبرعين مضايقات كثيرة من قبل أجهزة مخابرات النظام، وخصوصاً الانتقال بالسلل الغذائية من منطقة لأخرى، حيث أشار سوريون في تصريحات لـ "اقتصاد" أن بعض الحواجز، وبالذات التابعة للفرقة الرابعة، تمنع انتقال هذه السلل، وأحياناً تصادرها، ما يضطرهم لدفع رشاوي من أجل مرورها.

وأكد أحد سكان منطقة ريف حماة، أن حواجز الفرقة الرابعة تعتبر انتقال البضائع من قرية إلى أخرى، تهريباً، وتطلب جمركتها من أجل السماح بمرورها.

وذكر أنه منذ بداية رمضان قبل ثلاثة أيام، يجدون صعوبة بإيصال المساعدات والتبرعات من قبل الجمعيات أو الأفراد، بين منطقة وأخرى ويتطلب الأمر دفع رشاوي للحواجز من أجل سهولة مرورها.

وأكدت مصادر مقربة من المجلس الإسماعيلي الأعلى، التابع للطائفة الإسماعيلية في مدينة سلمية، أن المضايقات لم تستثن جمعية الأغا خان الخيرية، التي تقوم بنشاطات إغاثية في عدد من المناطق في حماة وريفها، مع أنها جمعية عالمية وتقوم بأنشطة علنية في العديد من الدول، مشيرة هذه المصادر إلى أنه وخلال الزلزال الذي ضرب المنطقة في 6 شباط الماضي، اضطروا لدفع رشاوي للحواجز من أجل مرور مساعداتهم للمتضررين من الزلزال في محافظة حماة، وحالياً يواجهون نفس المضايقات منذ مطلع شهر رمضان.

ترك تعليق

التعليق