السوريون في السودان يفرون من الحرب للمرة الثانية


 فر رضوان هشام وهبة من سوريا عام 2012 إلى السودان على أمل بناء حياة جديدة بعدما تعرض لإطلاق نار عندما انزلقت بلاده إلى الصراع المسلح بعيد ثورة العام 2011 وتعامل النظام العنيف معها.

والآن، وبعد أن عصف العنف بوطنه البديل السودان يرتحل هشام وهبة وكثير من السوريين مرة أخرى.

وبعد أيام من هروبه من إراقة الدماء في الخرطوم مع احتدام القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، يقيم وهبة في خيام في شوارع بورتسودان على ساحل البحر الأحمر في انتظار الوصول إلى بر أمان وبداية جديدة مرة أخرى.

وقال وهبة، وهو من زملكا قرب دمشق، إن الحرب أصبحت مصيرا يلاحق السوريين.

وتحدث عن الحرب في الخرطوم قائلا "لا يمكنك تخيل ما كان عليه الحال بالنسبة للمدنيين والأجانب على حد سواء. كان الجميع تحت قصف عشوائي. تُطلق الصواريخ ولا تعرف أين ستسقط".

ووفقا لبيانات الأمم المتحدة فإن أكثر من 66 ألف سوري حطوا رحالهم في السودان مستفيدين من متطلبات الدخول اليسيرة بعد أن مزق الصراع وطنهم منذ عام 2011.

ويسعى كثيرون الآن للانضمام إلى الأجانب الذين غادروا السودان في الأيام الماضية، بما في ذلك من خلال عمليات إجلاء نظمتها حكوماتهم. وخوفا من العودة إلى وطنهم الممزق، تتقطع السبل ببعض السوريين بين الصراعين.

تروي شام الدرزي (45 سنة) كيف احتمت هي وابناها وابنتها الحبلى بالمنزل لمدة أسبوع قبل الفرار، وتقول "كنا خائفين جدا بسبب القصف والاشتباكات وانقطاع الكهرباء والماء".

وأدى الصراع السوري إلى موجة من الهجرة بعد مقتل مئات الآلاف وانهيار الاقتصاد، ونزح أكثر من نصف السكان عن منازلهم قبل الحرب وبحث الملايين عن حياة جديدة في الخارج.

وقال محمود سويدان (33 عاما) الذي غادر سوريا العام الماضي فحسب بحثا عن عمل "حين أتينا إلى السودان كنا نتوقع أن يكون هناك راحة نفسية. وأن نتمكن على الأقل من العمل وتأسيس حياة جديدة. لكن الحرب التي حدثت هنا كانت صدمة كبيرة".

ووصف القتال الضاري قائلا "عشنا 12 عاما من الحرب. 12 يوما في الخرطوم بدت كما لو أنها 12 عاما".

* مخاوف

توقفت معظم المعارك الرئيسية في سوريا، إلا أن البلاد ما زالت منقسمة إلى مناطق تسيطر عليها حكومة النظام ومسلحو المعارضة والأكراد، لكن شام وبعض السوريين الآخرين الذين تحدثت إليهم رويترز غير راغبين في العودة.

وتخشى شام التي غادرت سوريا في 2013 من أن يتم تجنيد ابنيها والزج بهما في جولات قتال أخرى. كما يخشى كثيرون من التعرض لأعمال انتقامية لدعمهم طرفا على حساب آخر.

ومع تدفق أعداد كبيرة من الخرطوم إلى بورتسودان، شهدت الأسعار ارتفاعا سريعا. ولا يستطيع سوى قلة تحمّل دفع 83 دولارا في الليلة قالت شام إن أصحاب العقارات يطالبون بها مقابل الحصول على شقة. ومثلها مثل وهبة، تعيش هي وعائلتها في الشارع.

وقالت شام وهي من منطقة الكسوة جنوبي دمشق "كل الدول تجلي رعاياها باستثناء السوريين، لا أحد يهتم بنا".

وذكرت وسائل إعلام سعودية رسمية أن مواطنين سوريين كانوا من بين من أجلتهم البحرية السعودية إلى جدة الأسبوع الماضي، وقالت شركة طيران أجنحة الشام السورية إنها تسير رحلتين من بورتسودان إلى سوريا يومي الثلاثاء والأربعاء.

إلا أن معظمهم لا يزالون عالقين في بورتسودان.

وبعدما قطعوا رحلة شاقة وخطيرة، ها هم يعانون من خيبة أمل لعدم تمكنهم من اللحاق بأي عملية إجلاء إضافة إلى الأوضاع الصعبة في بورتسودان.

وقال سويدان "استغرقنا أربع ساعات ونصفا من الخرطوم للوصول فقط إلى مدني (بلدة ليست بعيدة عن العاصمة) بسبب نقاط التفتيش المختلفة والطرق التي أصابها الدمار والدبابات المحترقة على جانبي الطريق".

واستغرق الأمر منه 36 ساعة إجمالا لقطع 800 كيلومتر. وقال إنه سمع بمقتل سوري عند نقطة تفتيش بعد مشادة مع من فيها.

ترك تعليق

التعليق