اللاجئون السوريون في الأردن لقمتهم مغمسة بـ "الكاز"

الشتاء ضيف ثقيل على اللاجئين السوريين في الأردن بمتطلباته الكثيرة التي تستنزف جيوبهم المقلوبة للخارج، فكل ما يملكونه يُصرف على الثياب الشتوية والتدفئة والأغطية التي تجود بها الجمعيات الخيرية إلا على "من رحم ربي" ومادة الكاز التي كادت ان تصبح "نسياً منسياً" بالنسبة للاجئين السوريين وعادت بخجل الى شوارع دمشق في بدايات الثورة بسبب الحاجة اليها في بوابير الكاز التي استعادت مجدها بسبب فقدان اسطوانات الغاز وانقطاع الكهرباء الدائم في سوريا، أما في ظروف اللجوء فقد عادت هذه المادة الى الواجهة وأصبح اللاجئون السوريون يستخدمونها في التدفئة وبدل ان يشعروا بدفء اشتعال هذه المادة اصطلوا بنار اسعارها فالكاز في الاردن اغلى من العطور رغم ان الرائحتين لا تقارنان، وان كان الإعلامي الاردني شرف أبورمان الذي اشتهر بخفة ظله قد ذكر على سبيل الدعابة انه إشترى عبوة الكاز بمبلغ يزيد قليلا عن 20 دولاراً وبسبب السعر الجديد الضخم تلذذ الرجل برائحة الكاز التي استقرت في قميصه معتبراً أنها أجمل من رائحة كل العطور .القصد ان الأردني من فرط احتفاله بالتمكن من شراء عبوة كاز سيستخدمه قريباً بدلا من العطر حتى يشتمّه الآخرون لان التمكن من شراء عبوة كاز مسألة تدلل حالياً على الوجاهة الإجتماعية بدليل أن "بعض الشبان في أحد أحياء العاصمة عمان أقام حفلاً حظي بتغطية إعلامية لزفة عرس كانت العروس فيها اسطوانة غاز تم تزيينها" كما يذكر الكاتب الاردني بسام البدارين.

"كاز" بالقطارة !
قررت الحكومة الاردنية مؤخرا تقديم دعم نقدي للعائلة الاردنية التي يقل دخلها عن 800 دينار شهريا بمقدار 5 دنانير للفرد في الشهر او ما يعادل 19 قرشا يوميا وذلك مقابل ازالة الدعم عن المحروقات ومنها الكاز الذي يستخدمه الاردنيون منذ زمن كوسيلة للتدفئة والإنارة أحياناً، وبالمقابل قامت مفوضية اللاجئين السوريين بزيادة الراتب الشهري الذي تم تخصيصه من خلال بصمة العين لبعض اللاجئين بمعدل الضعف كتعويض تدفئة. 

واللاجىء السوري في الاردن امام البرد القارس الذي تشهده البلاد يجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مرّ، إما استهلاك الكهرباء الغالية في تكلفتها اصلاً أوالكاز الذي يُباع بـ "القطارة" في محطات الوقود وبأسعار لا تصدق فـ 25 لترا منه تباع بـ 13 ديناراً، اي بحدود 15 دولاراً في حين أن تنكة المازوت التي تساوي 25 لترا ايضاً في سوريا وفي ذروة الاحداث والحصار الخانق على الشعب السوري لم يتعدَّ سعرها الـ 500 ليرة سورية.
ومن بدائل التدفئة لدى السوريين والاردنيين على حد سواء "الغاز" الذي ارتفع سعره هو الآخر مع استخدام سياسة رفع الدعم عن المحروقات فاسطوانة الغاز التي كانت تباع بـ 6 دنانير ونصف غدت بـ "10" دنانير واغلب اللاجئين السوريين لا يملك اسطوانة غاز بديلة فما هو موجود لديه يستعمل للطبخ عادة. 

كاز الغربة
تشير الدراسات الاقتصادية الى ان مدافئ الكاز والغاز هي الاوفر للمستهلك في الاردن، وخلافا للتوقعات السائدة فقد أظهرت دراسة لهيئة تنظيم قطاع الكهرباء العام الماضي ان مدافىء (صوبات) الكهرباء هي الاكثر كلفة على الاطلاق بين وسائل التدفئة المستخدمة في الاردن، كما اظهرت الدراسة التي كانت بعنوان "استخدام صوبات الكهرباء ومقارنة كلف تشغيلها مع انظمة التدفئة الاخرى" ان كلفة التدفئة بالغاز والكاز هي الاقل، تليها كلفة انظمة التدفئة المركزية وفقا للاسعار الحالية للكهرباء والمشتقات النفطية، وبينت الدراسة المذكورة ان الكلفة التشغيلية لصوبات الغاز 12 5 كغ بالسعر المدعوم تقل 51 % للغاز دون دعم حكومي عن الكلفة التشغيلية بواسطة صوبات الكهرباء، و يفضل بعض اللاجئين صوبات الغاز لاسباب تتعلق بالسلامة بعد ان اودت صوبات الكاز بحياة الكثير من اللاجئين داخل مخيم الزعتري وخارجه. 

يقول اللاجىء السوري محمد الناعس 40 عاماً انه استبدل مدفأة الكاز والغاز بصوبيا الكهرباء خوفا على أطفاله من خطورتها وانبعاث الروائح المزعجة منهما وان كانت تكلفة صوبيا الكهرباء أغلى من غيرها، وتشكو أم عبدو العكعوك من عدم قدرتها على شراء الكاز الذي تستعيض عنه بالغاز الغالي ايضاً ولكن جرة الغاز أوفر بقليل كما تقول، وتستعيد أيام الأمن والاستقرار في حمص بزفرة طويلة قائلة: "كنا بحمص ما نأكل هم شيء، كل شي مُؤمّن الكاز والغاز والمازوت والخبز أما بالغربة فصرنا نشيل همّ كل شي و لقمتنا -للأسف- صارت مغمسة بالكاز".

ترك تعليق

التعليق