"اقتصاد" تدخل سوق الهال بالزبلطاني وتكشف سياسة الترويع والتجويع



المخابرات الجوية تفرض 50 ألف ليرة أتاوة لدخو براد الخضروات

أبو الغضب وابو العباس من القرداحة ينصبان الحواجز من أجل النهب

  بدأت حكاية ارتفاع أسعار الخضروات تأخذ حيزاً كبيراً بين أحاديث المواطنين السوريين وتكاد تكون شغلهم الشاغل.
لذلك كان لا بد لنا من دخول سوق الهال في الزبلطاني لمعرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الإرتفاع.
 فماهي هذه الأسباب يا ترى؟
 يقول أحد التجار أن العمل في الشهرين الأخيرين يكاد يكون مستحيلاً مع سياسات التصعيد المتبعة على السوق والتجار وآخرون يرون أن صعوبة الطريق هي العائق الأكبر بينما يحمّل البعص اللجان الشعبية المسؤولية. لذلك كان لابد لنا من البحث بشكل موسع وتلخيص ارتفاع الأسعار بالأسباب التالية:

 أولاً - مشكلة النقل

 وتبدأ هذه المشكلة منذ لحظة دخول البرادات إلى سوريا فأي براد يريد الدخول عليه أن يدفع مبلغ يتراوح بين أربعين إلى خمسين ألف ليرة سورية للمخابرات الجوية ناهيك على أنه لا يتم إدخال البرادات إلا على شكل مجموعات بحيث لا تقل أي مجموعة عن أربعين براداً على الأقل حتى يكون المبلغ المجموع (محرز) أي كافي لإقناعهم بإدخال تلك البضائع وهذا بدوره يخلق مشاكل بين التجار لأنه عليهم أن ينسقوا معاً لإدخال البضائع وقد يتلكأ بعضهم بالدفع بحجة أن المبالغ المطلوبة كبيرة مما يؤدي في بعض الأحيان إلى تلف البضاعة وإلحاق خسائر كبيرة بأصحابها.

 ثم تبدأ معاناة أخرى وهي نقل البضائع من الحدود إلى السوق عبر طريق درعا فأغلب البضائع تأتي من هذا الطريق وهذا بدوره يكلف حوالي خمسين ألف ليرة أخرى مقسمة على عدة حواجز ناهيك عن السرقات التي تحدث في البضائع فالمرور على تلك الحواجز يتطلب أيضاً تنزيل شيئ من الحمولة لأفراد هذه الحواجز.
وما إن يصل البراد إلى ساحة البرادات حتى يدفع مبلغ خمسة آلاف أخرى تسمى الأرضية تضاف إلى المبالغ السابقة وأتاوة الأرضية يدفعها حتى البرادات الفارغة لكن بمعدل أقل فالبراد الفارغ يدفع ألفي ليرة فقط.

كما أن أسعار النقل هي الأخرى تضاعفت فبعد أن كان البراد على سبيل المثال يأخذ مبلغ مئة ألف ليرة على الحمولة أصبح اليوم يأخذ مئتين بسبب مخاطر الطريق ولا يتحمل أي شئ من السرقات أو المبالغ المدفوعة على الطريق.
 وبالنسبة للسيارات الناقلة من ساحة البرادات أو كما تعرف ساحة المواسم إلى السوق فعليها هي الأخرى أن تدفع بدورها لحواجز اللجان الشعبية حيث تدفع السيارات الصغيرة المعروفة بإسم السوزوكي مبلغ خمسين ليرة لكل حاجز وهناك ثمانية حواجز للوصول للسوق بينما تدفع السيارات الكبيرة مبلغ مئة ليرة وهذه المبالغ أيضاً لا تشمل سرقات الحمولة على الحواجز.

 ومن القصص المروية أن براداً للكستناء كلف نقله لداخل السوق حوالي الثمانين ألفاً بين أتاوات الحواجز وسرقات البضاعة.
 ومن المفارقات المضحكة أنه اذا لم ينتبه الشخص للحاجز واضطر الحاجز لإطلاق الرصاص في الهواء فعليه ان يدفع ثمن كل طلقة تم إطلاقها مبلغ يتراوح بين مئة إلى خمسمائة ليرة على حسب الحاجز كما عليه أن يكون ممتناً كون الإطلاق حدث في الهواء ولم يكن عليه.

 وحتى أسعار النقل بالنسبة للخضراوت المحلية ليست بأحسن حالاً فعلى سبيل المثال كان سعر الحمولة من بانياس إلى سوق الهال خمسة عشر ألف ليرة بينما اليوم أصبح المبلغ أربعين ألف ليرة ولا يتحمل الناقل أي مسؤولية تجاه نقص البضائع.
كما أن وضع النقل بالنسبة لبائع المفرق ليس بأحسن حالاً فقد تضاعفت أجرة السيارات الناقلة بمعدل 150% إلى 200% يضاف إلى ذلك ما يدفعه للحواجز فعليه هو الآخر أن يدفع مبلغ خمسين أو مئة ليرة لكل حاجز حسب نوع السيارة الناقلة. وفي بعض الأحيان قد يعفى البائع من الدفع لبعض الحواجز إن كان محظوظاً وكانت البضائع منقولة لمنطقة مؤيدة مثل ضاحية الأسد أو مزة 86 على سبيل المثال.
 
ثانياً- مشكلة التحويل
 فقد أصبح موضوع تحويل الدولار إلى الخارج أمر معقداً ومكلفاً أيضاً فسعر التحويل الخارجي للدولار يكلف الأن حوالي 3% بينما كان سابقاً هو 5 بالألف.

ثالثاً - مشكلة العمالة
 إن معظم العمالة الموجودة في السوق هي من الدرعاويين والذين أصبحوا يُقتلون أو يُقتادون للمعتقلات على الهوية ناهيك عن القيام بسرقة غلالهم التي يحملونها في آخر النهار مما اضطر معظمهم للعودة إلى قراهم.
 
رابعاً- مشكلة نهب السوق

 ويتم نهب السوق بصورة ممنهجة من قبل اللجان الشعبية والمتمثلة في شخصين من القرداحة يديران جميع الحواجز في السوق ويستثمرونها لصالحهم وهؤلاء الشخصين هما أبو الغضب وأبو العباس من الأشخاص المدنيين المقربين للنظام والذين انخرطوا في صفوف التشبيح في هذه الأحداث ويقومان حالياً باستثمار أربع حواجز رئيسة للنهب لصالحهما وهذه الحواجز هي:
 حاجز قبان عرابي _حاجز المحكمة _حاجز مجمع ثمانية آذار _ حاجز الجسر
 ويقال أن أبو العباس يملك محلين أحدهما للبقالة والآخر للخضراوت في المزة 86 وأن البضائع التي تعرض بهما هي حصيلة النهب من داخل سوق الهال ومن السيارات التي تمر على الحواجز ولم يكتفي أبو العباس بنهب البضائع والأتاوات المالية التي يأخذها من السيارات الناقلة بل تعداها لأكثر من ذلك فقد روي أنه دخل إلى السوق مع بعض العناصر في الساعة 12 صباحاً وقام بسرقة الغلال من العاملين في السوق وقد تراوح المبلغ الذي سرقه بين ثلاثة ملايين إلى أربع ملايين فقام بعض التجار بشكواه للحرس الجمهوري لكنهم لم يستفيدوا شيئاً وتوعد لهم أبو العباس وقال أن هؤلاء في عداد الموتى.

 وقد حاول بعض التجار أن يفاوضوا أبو العباس فيقومون بجمع مبلغ يومي له قيمته مئة ألف ليرة مقابل تركهم يعملون بسلام وارتفع المبلغ بعد ذلك إلى خمسمائة ألف ليرة لكن أبو العباس جاوب ساخراً أنه لن يقوم بهذا التفاوض فهو يحصل على أكثر من ذلك بكثير.
 
خامساً- مشكلة الخطف

 فقد اختطف حتى الأن حوالي خمسين شخصاً من السوق بين تجار و أبنائهم خرج منهم خمسة عشر بعد التفاوض مع الخاطفين على مبالغ مادية طائلة تراوحت بين مليون ونصف ليرة إلى خمسة ملايين ليرة . ويشاع أن من يقوم بأعمال الخطف هم من اللجان الشعبية في عشر الورور.
 وهذا دفع بالكثير من التجار للهروب حفاظاً على أنفسهم وأولادهم لخارج البلاد وأستقر معظم هؤلاء في مصر ولم يبقى في السوق إلا بعض التجار الذين يوصفون بالمغامرين أو المؤيدين للنظام مع العلم أنه حتى التجار المؤيدين يدفعون نفس الأتاوات السابقة لكنهم لا يتعرضون لأعمال الخطف.
 
سادساً- مشكلة عدم الأمان
 إن المعارك الدائرة بين الجيش الحر والنظامي على أطراف سوق الهال وسقوط العديد من قذائف الهاون داخل السوق خلال الأسابيع الماضية والتي أودت بحياة عدد من الأشخاص أدت إلى إغلاق حوالي ثلاثة أرباع السوق.
 
أخيراً: يرى بعض التجار أن الأيام القادمة سوف تحمل مزيداً من الغلاء بسبب الظروف آنفة الذكر وقلة الاستيراد من الخارج وأن الانخفاض الوحيد سيكون عند ظهور الخضار والفواكه المحلية لكن بأسعار أغلى من السنوات السابقة.
ومن وجهة نظر شخصية أرى أن هذه الخطوات التصعيدية من قبل النظام هدفها دفع التجار إلى عدم إحضار البضائع للسوق أو المغالاة بأسعارها بشكل كبير مما يؤدي إلى تجويع الشارع الدمشقي وإذلاله.

ترك تعليق

التعليق