لأن قوانين العمل مفصلة على مقاس أصحاب الشركات ..تسريح تعسفي لـ 86 ألف عامل وحرمانهم من التأمينات

 لم يكن تسريح أ. ج التعسفي من شركته بعد خدمة دامت 10 سنوات هي مصيبته الوحيدة وهو رب أسرة وأب لطفلين، إنما كانت مصيبته الأكبر تتمثل بخروجه من الشركة خالي الوفاض بدون أيه تعويضات تذكر، حيث كانت صدمة أ.ج كبيرة عندما راجع المؤسسة العامة للتأمينات وتبين له أن شركته التي تتبع لأحد رجالات النظام النافذين تقوم بفصله هو وغيره من موظفي الشركة في كل سنة عند تجديد العقد لمدة لاتتجاوز الشهرين، لتعيد توظيفهم أتوماتيكياً دون أن يعلموا بذلك، حيث حرم جرّاء هذه العملية هو وزملاؤه من تأميناتهم التي كانت تقتطع من راتبهم شهرياً -حسبما روى- حتى خلال الأشهر التي تقوم الشركة بفصلهم ومن ثم إعادتهم.

وبين أ.ج أنه خلال سني عمله في الشركة كان دائماً يشعر بنوع من الراحة على اعتبار أن هناك مبلغاً تأمينياً سيصرف له في نهاية الخدمة يمكن أن يساعده على إعالة أسرته ريثما يجد عملاً جديداً، إلا أنه لم يكن ليتصور بأن رب عمله لم يوفر فرصة ليتهرب من دفع مستحقات شركته لمؤسسة التأمينات وليحرمهم أيضاً من أبسط حقوقهم كموظفين تم استنزاف كل طاقاتهم برواتب لاتساوي الجهد المبذول، وبالتالي كان موضوع تسجيلهم بالتأمينات كذبة كبيرة بالنسبة لهم.

ولعل حال أ.ج يشبه مئات بل آلاف الحالات المشابهة، وفي الوقت الذي كانت شركة أ.ج قد سجلت موظفيها بالتأمينات الاجتماعية بشكل وهمي واستطاعت التهرب من دفع ماعليها من ذمم مالية، إلا أنه هناك العديد من الشركات الأخرى التي لم تسجل موظفيها بالتأمينات أصلاً حتى ولو صورياً دون أن يستطيع أحد محاسبتها.
وفي تعليق لخبير معارض حول الموضوع أوضح بأن أغلب الشركات الخاصة في سوريا تتبع لأبناء رجالات مخابرات كأبناء بهجت سليمان وعلي دوبا أو رامي مخلوف وشركائه، وبالتالي فإن قوانين العمل وكل ما له علاقة بحقوق الموظفين تم تفصيله على مقاسهم وحسب مصالحهم، مشيراً إلى أن لكل من تلك الشركات محامين وأذرعاً في الدوائر الحكومية يعملون على تأمين تملّصهم من دفع أيه مستحقات لهم للقطاع العام على الرغم من أن تلك المبالغ لا تعادل المبالغ التي يقومون بنهبها من الدولة، هذا بالإضافة إلى أن السوريين يعلمون جيداً بأن معظم تلك الشركات أنشئت لتبييض أموالهم لا أكثر.

وتابع الخبير أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن هناك أكثر من 86 ألف عامل مسرح تعسفياً منذ بداية الأحداث، دون أن يستطيعوا المطالبة بحقوقهم أو رفع دعاوى على شركاتهم على اعتبار أن أصحاب تلك الشركات يوقعون الموظف على استقالة مسبقة عند توقيع العقد ليستطيعوا طرده في أي وقت، وحتى وإن رفع أحد الموظفين دعوى على تلك الشركات فإن قانون العمل رقم 17 المتعلق بالقطاع الخاص لايحتوي عل أي نص قانوني يلزم رب العمل على حضور جلسات المحكمة العمالية، وهو من أحد أهم سلبيات القانون التي تم الحديث عنها كثيراً دون جدوى وهو ما يؤكد أن القوانين في سوريا تؤمّن مصالح أصحاب الشركات الذين هم جزء لايتجزأ من فساد النظام.

ترك تعليق

التعليق