التجار الأتراك "يستغنون "عن البر السوري ويستخدمون البحر

 
نيسوس رودس، عبّارة كبيرة، كانت تقوم بنقل السياح بين تركيا واليونان، قبل أن تعصف بالأخيرة أزمة اقتصادية مرهقة لتعطل عمل العبارة، لكن الحرب في سوريا أوجدت لهذه العبّارة فرصة جديدة.
"نيسوس رودس" ترسو الآن في جنوب تركيا، لتحميل 18 شاحنة مليئة بالخضار أو المنسوجات إلى الأسواق الرائجة في الشرق الأوسط، مانحة سائقي الشاحنات فرصة للالتفاف حول سوريا عبر البحر، بدلا من اختراقها براً بالسيارة، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".
إن وجود "نيسوس رودس" في هذا الميناء التركي على البحر المتوسط، يثبت حقيقة قديمة، مفادها أن التجار دائما ما يرتجلون حلولا في أوقات الحرب، وهذا ما يعبر عنه القبطان مايكل برزوس قائلا: يجب أن تكون مرنا.. هذه السفينة تتبع العمل حيثما وجد، ونحن نتبع السفينة!

لقد حولت الأزمة سوريا إلى ما يشبه صخرة ضخمة تسد الطريق وتعرقل انسياب التجارة، لكن سائقي الشاحنات التركية وجدوا حيلة، فبدلا من قيادة شاحناتهم عبر سوريا، مرورا الأردن إلى المملكة العربية السعودية، فإن "نيسوس رودس" تحملهم إلى مصر، لتنقلهم باخرة أخرى عبر البحر الأحمر وتصل بهم إلى مقصدهم النهائي.. ميناء جدة السعودي.

أثرت الحرب في سوريا على الاقتصاد الإقليمي، وأقر مسؤولون أتراك بتراجع حجم التجارة التي كانت مزدهرة بين تركيا وسوريا، بنسبة الثلثين أو أكثر، فجأة توقف سيل المليارات من الدولارات الآتية من الأعمال التجارية والسياحة.
الآثار التي خلفها ما يدور في جنوب تركيا (سوريا)، تفاقمت بسبب طول الأزمة المالية في اليونان، على الحدود الغربية لتركيا، ما رفع نسبة البطالة المرتفعة وعرقل الأعمال التجارية.
ولكن وسط الحروب والكوارث الاقتصادية، فإن وظيفة التجار واصحاب الأعمال هي إعادة تطوير أنفسهم.
"تسيم إيسيل" مدير عام ميناء "ليماك بورت" في اسكندرون، يقول: يغلق باب، يفتح مقابله باب آخر، موضحا أن الدور الجديد لعبارة "نيسوس رودس" شكل مفاجأة سارة، فقد حققت العبارة حوالي 3 ملايين دولار للميناء، منذ أن بدأت عملها الجديد في الصيف الماضي.
الميناء ليس الدليل الوحيد على السلوك الجديد للتجارة، ففي ظل وجود أكثر من 400 ألف لاجئ سوري في تركيا، يحاول البعض منهم تأسيس أعمال ومشروعات تقدم لهم فرص عمل، بعدما فقد هؤلاء كل شيء وباتوا غير متيقنين من مستقبل بلادهم.
مثلا، اشترى أحد اللاجئين السوريين مطعما قديما في بلدة الريحانية الحدودية، وحوله الى مقهى يرتاده اللاجئون، ولم يكتف بذلك بل أضاف للمقهى وظيفة أخرى جاعلا إياه بمثابة معرض لوحات ورسوم كاريكاتورية سياسية، تنتقد بشار الأسد ونظامه.
على طول الحدود، تمتلئ المدن بالمطاعم وغيرها من الأعمال التي تلبي حاجات السوريين، وقد حرصت تلك المشروعات على كتابة لوحاتها باللغة العربية، وليس بالتركية.

وعلى مسافة 40 ميلا تقريبا إلى الجنوب الشرقي من الاسكندرون، فتحت ثلاثة معارض للسيارات المستعملة على الحدود السورية، حيث تصطف نحو 100 سيارة، معظمها من طرازي "مرسيدس" و"بي إم دبليو"، تم عرضها للبيع لمشترين أثرياء ممن لا يزالون يعيشون في سوريا.

ترك تعليق

التعليق