المركزي وسيناريو تعويض المودعين عن خسائرهم..."ضحك على اللحى"

يعتزم مصرف سوريا المركزي رفع نسبة الفوائد على الإيداعات لتصل إلى 40 %، حسب ما أشارت تسريبات إعلامية سبقت الاجتماع المنعقد أمس بين المركزي والمصارف الخاصة العاملة في سوريا، لتلتقي أطراف المعادلة "المدمرة" المتمثلة في التدخل بسعر صرف الدولار وخفضه بشكلٍ قياسي وسريع، وتثبيته وبنفس الوقت منح فوائد 40 %، في ظل اقتصادٍ مشلول.

العنوان العريض للاجتماع هو تعويض الخسائر على إيداعات الليرة السورية، بعد الانهيار الحاد الذي شهدته العملة، ويبدو أن تخبط السياسة المالية في البلاد كما الاقتصادية وصل إلى أقصاه، فالقيّمون عليها يبحثون عن الاستثمار المالي على الطريقة اللبنانية، عبر تثبيت الليرة مقابل الدولار، ومنح فوائد عالية على الليرة، لتشجيع الإيداع، ما يعتبره الخبراء كارثة محتمة على الليرة السورية.

وأي زيادة في نسب الفوائد على الإيداعات ستعني زيادة في كلفة الليرة، ولا يمكن لعاقل فهم الآلية التي يعمل وفقها المركزي اليوم، فالموارد شحيحة والاقتصاد منهك ورفع الفوائد سيعني إنهاك الاقتصاد، ليكون السؤال الأهم هو من أين سيؤمّن المركزي الموارد الكافية لتغطية الودائع عند استحقاقها؟

 يجيب خبير اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه بأن التضخم في الأسواق وارتفاع سعر الصرف يعتبر مساعداً لحكومة النظام، فالتضخم ضريبة غير شرعية تحصّلها الدولة من المواطن، لتفرغ جيوبه لصالح خزائنها، حيث زاد ثمن المواد المنتجة رغم شحها، ونسبة ارتفاع التضخم أعلى بكثير من نسبة ارتفاع الفائدة على الإيداعات.

أما تغير سعر الصرف فهو أيضاً ساعد على تخفيض كتلة الرواتب والأجور والنفقات المالية من الموازنة، ويشرح الخبير أن الفوائد المزمع منحها تصل إلى حدود 600 مليار ليرة، وهي على دولار الـ 200 ليرة، لا تتجاوز 3 مليار دولار، بينما على دولار الـ 100 الذي وضعته الحكومة "إعلامياً" هدفاً لها، ستكون كلفة الفوائد هي 6 مليار دولار.

ويضرب الخبير الاقتصادي مثالاً على أن من كان لديه إيداع بقيمة 100 ليرة، تساوي 2 دولار على دولار الـ "50 ليرة"، بينما هي اليوم لا تساوي إلا نصف دولار، وزيادة الفائدة ليس تعويضاً إلا عن جزء من الخسارة.

وهذا يؤكد أن الحكومة لن تتجه إلى خفض الدولار لمستوى المئة ليرة في الظرف الحالي، لا سيما وأنها تتحدث عن رفع فوائد، ويذهب الخبير إلى أبعد من ذلك بقوله أن الحكومة يمكن أن تقامر من جديد وتشجع على وصول الدولار إلى 500 ليرة، لتضيّع فعلياً قيمة الفائدة.

والسيناريو الآخر ولن تخرج منه الحكومة إلا إذا تراجعت عن الفوائد، هو أن تمتص السيولة المحلية من السوق، عبر إيداعها بالبنوك، وتشجيع الناس على الحفاظ على الليرة بسبب الفائدة المرتفعة على الودائع، وبالتالي خفض سعر الصرف، وهذا سيؤثر على موارد الدولة، لا سيما وأنها باتت معتمدة بالكامل على المساعدات الخارجية المقدمة بالدولار، وعلى طباعة العملة.

ويرجّح الخبير الاقتصادي أن تكون عملية التعويض اسمية فقط، أي إضافتها لحساب المودعين اسمياً دون الحصول عليها فعلياً، وهذا الإجراء ليس مستبعداً على المركزي في ظل تخبّط السياسة النقدية. وإذا ارتفع التضخم أو تغير سعر الصرف فسيكون أيضاً رفع الفوائد اسمياً وبشكلٍ غير حقيقي بسبب عدم انعكاسها على حياة المواطن.

ترك تعليق

التعليق