كيف يستغبي اقتصاديو النظام أنصاره؟...قصّة بورصة دمشق الخاسرة بالأرقام

  إعلام النظام :بورصة دمشق لأولى عربياً في الربع الثاني من 2013 متفوقةً على بورصة دبي
القيمة السوقية لبورصة دمشق - حسب وسائل إعلام النظام - حققت نمواً يقدّر بـ 44% 
وسائل إعلام النظام تحتسب القيمة السوقية لبورصة دمشق بالليرة وتتجاهل تراجع قيمتها.
القيمة السوقية لبورصة دمشق بالدولار تتراجع كل ثلاثة أشهر بنسبة 19%
المستثمرون ينجحون في التخفيف من خسائرهم نتيجة تراجع قيمة الليرة لكنهم لا يربحون

في الأشهر الأخيرة داوم إعلام النظام الاقتصادي على "بروباغندا" جديدة تُفيد بأن بورصة دمشق تحقق أرباحاً كبيرة، ونمواً ملفتاً.
وتنافست وسائل إعلام النظام، وتلك المقرّبة منه، في استضافة المحللين الماليين للحديث عن أرباح سوق دمشق للأوراق المالية، وأبرز إنجازاته.

وكانت آخر "صرعات" تلك البروباغندا، التي لا تخلو من عملية "استغباء" للقارئ، الاستدلال بتقرير تدعي وسائل الإعلام الموالية للنظام، بأنه صادر عن اتحاد البورصات العربية، الكائن في بيروت، والذي صنّف سوق دمشق للأوراق المالية، بأنها الأولى عربياً من حيث الأداء مقارنةً بـ 17 بورصة عربية، ثمانية منها فقط كانت رابحة، في مقدمتها، بورصة دمشق.
التقرير المنشور في معظم وسائل الإعلام المحلية الموالية للنظام، أو المقرّبة منه، يُفيد بأن بورصة دمشق تقدمت على بورصات دبي وأبوظبي والسعودية، بنمو يتجاوز 44%، في نهاية الربع الثاني من العام الجاري.
وأوضح التقرير، المنقول عن اتحاد البورصات العربية حسب زعم وسائل إعلام النظام، بأن القيمة السوقية لأسهم بورصة دمشق حققت نمواً في نهاية الربع الثاني من هذا العام، فوصلت إلى 109.4 مليار ليرة، مقارنة بـ 76.1 مليار ليرة نهاية الربع الأول من العام الجاري، و74 مليار ليرة نهاية 2012.

وأوضح التقرير، المزعوم، أن بورصة دمشق حققت نمواً فاق ضعف نمو البورصة التالية بعدها في قائمة البورصات العربية الرابحة، وهي بورصة دبي.
ومن يعلم شيئاً عن ألف باء الاقتصاد، يعلم أن نمو البورصات يمثّل انعكاساً لنمو الاقتصاد في البلاد، فالأسواق المالية تعمل كمرآة لاقتصاد الدول.
ويعني ما سبق، أن الاقتصاد السوري نما، خلال الربع الثاني من العام الجاري، بمعدل يفوق ضعف النمو الاقتصادي في إمارة دبي المزدهرة!
لكن دعنا نتوقف عن الكلام النظري، ولندقق بالأرقام:
• كانت حصيلة نمو القيمة السوقية لبورصة دمشق نهاية الربع الثاني من هذا العام، 109.4 مليار ليرة، وكان سعر صرف الدولار في 31 تموز هذا العام، حوالي 212 ليرة وسطياً، أي أن القيمة السوقية الفعلية لبورصة دمشق كانت حوالي 514 مليون دولار.

• كانت حصيلة نمو القيمة السوقية لبورصة دمشق نهاية الربع الأول من هذا العام، 76 مليار ليرة، وكان سعر صرف الدولار في نهاية نيسان هذا العام، حوالي 119 ليرة وسطياً، أي أن القيمة السوقية الفعلية لبورصة دمشق كانت حوالي 638 مليون دولار.
• كانت حصيلة نمو القيمة السوقية لبورصة دمشق نهاية الربع الرابع من العام الماضي، 2012، 74 مليار ليرة، وكان سعر صرف الدولار في نهاية كانون الأول الماضي، حوالي 93 ليرة وسطياً، أي أن القيمة السوقية الفعلية لبورصة دمشق كانت حوالي 795 مليون دولار.

مما سبق، وبالأرقام، يتضح لنا أن نمو القيمة السوقية الفعلية لأسهم بورصة دمشق، إن تم احتسابها بالدولار، فهي خاسرة، سلبية، أي أن بورصة دمشق، كانت طوال الأشهر الماضية، التي "صدع" خلالها أنصار النظام دماغنا بإنجازاتها، خاسرة بامتياز.
وإذا احتسبنا التغير في القيمة السوقية للبورصة بين "الأرباع" الثلاثة، لوجدناها وسطياً -19%، أي أن القيمة السوقية للبورصة كانت تخسر بين كل ربع من أرباع العام، خُمس قيمتها الحقيقية، بفعل تغير سعر صرف الدولار.
أما نمو حجم التداولات، أو أسعار الأسهم، فهو يرتبط بانخفاض قيمة الليرة وبالتالي الحاجة إلى سيولة أكبر للتعبير عن القيم الحقيقية السابقة، وليس نتاج تحسن الأداء في البورصة.

لماذا تزداد السيولة المدرجة في البورصة؟
لكن إذا أردنا أن نكون منصفين، فعلينا أن نقرّ بأن التراجع في القيمة السوقية لبورصة دمشق، والذي يقدّر وسطياً بـ 19% كل ثلاثة أشهر، لا يوازي التراجع في قيمة الليرة السورية، والتي تراجعت قيمتها بين نهاية الربع الأول ونهاية الربع الثاني من هذا العام بمعدل 78%، في حين كان تراجع القيمة السوقية حوالي 19%، مما يعني أن هناك سيولة فائضة دخلت بورصة دمشق خلال الربع الثاني فعلاً....لكن هل حقق المستثمرون في البورصة أرباحاً؟....الجواب بالنفي، فحصيلة القيم السوقية لأسهم البورصة كانت سالبة، اي أن المستثمرين الذين زادوا من انخراطهم في البورصة، تلقوا خسائر فعلية، وليس أرباحاً.

ولو نفّذنا نفس العملية السابقة بين الربع الأخير من العام الماضي، والربع الأول من العام الحالي، سنجد أن وسطي تغير قيمة الليرة السورية خلال هذه الفترة حوالي -21%، ووسطي تراجع القيمة السوقية للبورصة -19%، وهما قيمتان متقاربتان، أي حصلت زيادة طفيفة في السيولة المدرجة في بورصة دمشق خلال الربع الأول من العام الجاري.

مما سبق، نستنتج أن زيادة كبيرة في السيولة المدرجة في بورصة دمشق حصلت خلال الربع الثاني من العام الجاري، وهو نتيجة توجه بعض أصحاب السيولة المالية للاستثمار في البورصة بدلاً من الاحتفاظ بأموالهم في المصارف، بحيث تتراجع قيمها الحقيقية، لأنها بالليرة.
لكن ما سبق، لا يعني بأي حال من الأحوال، أن القيمة السوقية لبورصة دمشق تحقق نمواً، فقياس هذه القيمة بالليرة السورية شكل من أشكال "النصب". فالقيمة الحقيقية تُقاس بالدولار، وتوضح أن بورصة دمشق خاسرة خلال الأشهر الماضية، فهي لم تحقق أرباحاً للمستثمرين فيها.

ربما نجح المستثمرون في بورصة دمشق في التخفيف من وطأة تراجع القيمة الحقيقية للسيولة التي يملكونها، فلو ترك مستثمر "أ" مثلاً مليون ليرة في البنك، لكان خسر بين نهاية الربع الأخير من العام الماضي، وحتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، حوالي 21% من قيمة المليون ليرة تلك، أما في البورصة، كان خسر فقط 19% من القيمة الحقيقية للمليون ليرة.
ولو كان المستثمر "أ" احتفظ بالمليون ليرة في البنك بين نهاية الربع الأول من العام الجاري، ونهاية الربع الثاني منه، لكان خسر من قيمة المليون ليرة، حوالي 78%، أما لو كان يستثمرها في البورصة لكان خسر فقط 19%....لكنه في كل الأحوال خاسر.

ترك تعليق

التعليق