هل هي مقدمة لإعلان الإفلاس؟ البنك الأول العامل في سوريا يرفض الودائع الصغيرة

 بدأت البنوك العاملة في سوريا برفض الودائع الصغيرة، حيث أعلن بنك "بيمو" السعودي الفرنسي – وهو أول البنوك المرخصة في البلاد- أنه "لن يتم تجديد "الودائع لأجل" دون مليون ليرة سورية أو دون 100 ألف دولار من حساب الحوالات وما يعادلها من العملات الأجنبية عند الاستحقاق".
الخطوة رأى فيها المراقبون بدايةً للخروج الفعلي من السوق، حيث لم يلجأ البنك لرفض الودائع بشكلٍ مباشر إنما بدأ بالتمهيد عبر شروطٍ لقبول الوديعة تتمثل في تجاوزها حد المليون ليرة أو المئة ألف دولار.

أموال في مهب الريح
ومع ازدياد هوامش المخاطرة في عمل المنظومة المصرفية، ومنذ بداية الثورة وبعد توقف القروض، تحدث المراقبون عن احتمال خروج المصارف الخاصة من السوق السورية، لا سيما مع ازدياد حجم الديون المشكوك بتحصيلها، نتيجة ضياع قيمة الرهون، وشلل العجلة الاقتصادية، وامتناع المقترضين عن تسديد التزاماتهم.

وإذا ما لجأ أي بنك خاص عامل في سوريا إلى إعلان إفلاسه فالقوانين السورية لا تحمي عملاءه، بمعني آخر أنه وعلى خلاف كل دول العالم، ففي حال الإفلاس لا يتوجب على الدولة تغطية أموال المودعين، ورأس مال البنوك لا يغطي حجم الودائع، خاصةً مع تجميد قانون رفع رأس المال، فعلى سبيل المثال لا الحصر بلغ حجم رأس مال بنك "بيمو" عندما بدأ في العمل ضمن السوق السورية حوالي 1.5 مليار ليرة، بينما بلغ حجم الودائع فيه 70 مليار ليرة، وهي سابقة بنكية.
ويدلل المراقبون على غياب القوانين والتشريعات الحامية لأموال المودعين من خلال قرار بنك بيمو الأخير، حيث يقول خبير مصرفي فضل عدم ذكر اسمه، إن بنك "بيمو" خرج عن القوانين بإعلانه رفض قبول الودائع حتى لو وضع لها شرطاً بحدودٍ دنيا.

توطئة للإفلاس
ويتساءل الخبير المصرفي عن دور مجلس النقد والتسليف في ذلك، فالقرار أشبه بالتعجيز، فقلائل من المودعين الصغار يمتلك السيولة التي تسمح له بترميم حسابه ليطابق الحد الأدنى المطلوب، وفي حال لم يرمم حسابه سيتم نقله إلى الحساب الجاري أي دون فوائد، لضغط النفقات على البنك، أما فيما يخص الدولار فالحوالات يتم تسليمها لأصحابها بالليرة وليس بالدولار، ومن الطبيعي ستلجأ لأخذ حوالاتها بالسوري وشراء الدولار من خارج البنك بدلاً من إيداعه وقبض فوائده عند استحقاقها بالليرة السورية.
ويؤكد الخبير المصرفي أن البنوك عادةً تعمل على جذب الودائع وليس رفضها، ومن هنا يفترض الخبير المصرفي أنها توطئة للخروج من السوق السورية، فالخطوة الأولى تكون رفض الإيداعات الصغيرة ومن ثم الانتقال إلى حالة إعلان الإفلاس، بعد رفضها الإقراض والاقتراض، ومن الجدير بالذكر هنا أن الشريك السعودي خرج من البنك بداعي ازدياد المخاطر في السوق السورية.

لا تعويضات إذاً
وإجراء بنك بيمو يفتح الباب واسعاً أمام السؤال عمّا تم إشاعته خلال الشهرين الفائتين عن تعويضاتٍ محتملة للمودعين، والتي عقد لأجلها العديد من الاجتماعات، ووصلت التكهنات إلى حد تعويض نسبة تصل إلى 40 %، حيث يعتبر الخبير المصرفي أن التناقض واضح فكيف ترفضون الودائع وفي ذات الوقت تبحثون عن آلية للتعويض؟، لا سيما وأن الودائع دون الحد المطلوب سيتم تحويلها للحساب الجاري أي بدون ودائع، وهذه عملية نصب واحتيال على الناس، وبنك "بيمو" هو أكثر بنك يمتلك إيداعات بدون فوائد حساب جاري، وهذا يناقض مسألة شح السيولة، فلو كان هذا الأمر صحيحا، لكان لجأ إلى الحفاظ على الودائع، وليس رفضها.

في الوقت الذي تستمر فيه حكومة النظام في إقراض البنوك الخاصة، على مبدأ المقايضة، أي وضع دولارات البنوك في المركزي مقابل إقراضها الليرة السورية، وهذا ما جعل البنوك الخاصة تبدو رابحة، نتيجة فرق سعر صرف الدولار، فعلى سبيل المثال "فرنسبنك" أعلن عن ربح بلغ 3.8 مليار ليرة، في حين أن رأسماله 3 مليار ليرة، وهذا لأنه احتفظ بالدولار و اقترض السوري من الدولة، وهو بحاجة للسوري، وكلك بنك "قطر" سجل أرباحاً بلغت 14 مليارا، وبنك البركة 4 مليار.

ترك تعليق

التعليق