خاتم فضة والفاتحة و"يلعن روحك يا حافظ"....مهر الحرائر السوريات

تستمر عشرات الأسر السورية بحياتها المعتادة قبل الثورة سواء في دول اللجوء أو في المناطق التي لا تخضع لسيطرة قوات النظام وتمطرها قذائف الموت، ليخلقوا مزيدا من الأمل في مستقبل أفضل، بل إن بعض ما جاءت به أيام الثورة من مفاهيم وظروف اقتصادية خلق مناخات إيجابية لحفلات زاوج ميسرة المهور خفيفة الظل بحضورها الاجتماعي والاقتصادي مقارنة مع سنوات سابقة درج بها السوريون على مظاهر الترف والكلف في التزاوج.

ولا يختلف الحال في مخيم الزعتري الأردني عن خارجه في المدن الأردنية حيث يتواجد السوريون، ففي الكرفان السعودي حيث عائلة "أسماء" ابنة العشرين ربيعا تم قراءة الفاتحة بحضور رهط من الرجال في مقدمتهم إمام المسجد، ثم تداعى رفاق العريس "أحمد" لغناء ما تيسر مرورا بتحول مناسبة العرس إلى أشبه بالمظاهرة للتنديد بجرائم النظام الذي فرقهم طيلة السنوات الماضية. 

يشير "أحمد" خريج كلية الصيدلية والعامل في إحدى المشافي الميدانية في جنوب سوريا إلى أنه حضر إلى مخيم الزعتري لقراءة فاتحة خطيبته "أسماء" بعد أن فرقتهم سنوات القصف الطويلة والمظلمة لافتا إلى إنه اتفق معها أنه عائد بعد مضي أسبوع من خطبته، حيث قرروا أن تكون الفرحة الكبيرة بالعودة إلى بلدتهم "الجيزة" في درعا منتصرين وتكون "الفرحة فرحتين حتى وإن طال الوقت".

ولا تختلف طقوس الزعتري إلا بالتفاصيل التي بات حضورها أيضا في سياق الشكليات المرفوضة من أهل الخطيبين ففي مدينة "الزرقا" الأردنية تجمع أصدقاء العريس "مهند" لتقديم مباركة وإن غابت العروس حيث ما تزال في الداخل ويروي الشاب العشريني إلى أنه خرج مع نصف أسرته إلى الأردن بعد أن ذاق مرارة التعذيب من سجانه طوال سنة ونصف، حيث غادر سوريا مع والدته وبعض أشقائه خوفا من تكرار التوقيف من شبيحة النظام، مشيرا إلى أنه أصيب بصدمة بعد معرفة أن حبيبته بقيت في الداخل وببلدة أخرى، فاختار أن يرسل والده لقراءة الفاتحة وقريبا ستلتحق به أو يلتحق بها، يؤكد "مهند".

وفي مدن الداخل حيث باتت أغنية "يلعن روحك يا حافظ ابنك بدو تغيير" لازمة يطلبها الحضور عقب قراءة فاتحة الخطبة كجزء من يومياتهم الطويلة وسنوات ثورتهم في سلميتها، يلفت "محمد العبدالله" الطبيب الميداني في مشفى "معربه" إلى أن ظروف القهر التي يعيشها السوريون جعلتهم أكثر شعورا ببعض ومحبة في مواجهة آلة الأسد الحربية، مشيرا إلى أن الكلف الاقتصادية للزاوج انعدمت ويكتفي أهل العروس بقراءة الفاتحة وخاتم من فضة وما تيسر لتحلية الحضور ولا بد من لازمة "يلعن روحك يا حافظ".

وفي سياق رده على بعض الاستغراب من حضور الزواج وسط الدمار والجنائز اليومية يقول الطبيب "إنها عزيمة الحياة فاستمرارنا بالحياة هزيمة للأسد وشبيحته وبقاؤنا هو تحد جديد فكيف عندما تكون طبيعيا وتصر على ذلك".

فيما يرى قرينه "سامر" بلكنة مازحة "نريد أن ندخل بيوت حبيباتنا مرفوعي الرأس وليس خلسة، المتزوجون يعودن بعد المعارك إلى بيوتهم فأين نذهب نحن, نريد أن نمسك أصابع بعضنا لأجل سوريتنا ومستقبلنا ويلفت "سامر" إلى أن حالة غير مسبوقة في تحقيق الفرح تشهدها مدن الداخل السوري خصوصا الخارجة عن سيطرة قوات النظام.

إذ تشهد بعض البلدات معدلات خطوبة مرتفعة وتتضافر الجهود لتأمين الاحتياجات المنزلية للأسر الجديدة من الأصدقاء والإخوة وكثير من الأسر النازحة خارجا بعد استئذانها وقبولها ووعود بإعادتها حين عودتهم. مضيفا أنهم مبتهجون جميعا.
البعض يستحلفك أن تسكن بيته وأنت صاحبه يريدونها أن تبقى عامرة بالحياة لقهر الأسد وإنهائه وإن اختلفت الطرق بين مغترب وثائر وناشط ومجاهد.

بعض النسوة اعتبرن الظاهرة مرحبا بها وإن كن يتمنين حضورهن في المواكب التقليدية والغناء للعروس "هل الفرح دارنا .. ويا مين يهنينا"، تمسح "أم مهند" دمعتها ممزوجة بابتسامة معاتبة ابنها الذي خطب دون حضورها:"سنعيد لهم فرحا جماعيا في ساحات المدن لأغني وصحيباتي ونزغرد للحرية ولفرح أبنائنا وبناتنا".

ترك تعليق

التعليق