في تقرير لـ"رويترز".. آلاف السوريات تعرضن للتعذيب والاغتصاب في سجون النظام


يقول سوريون إن الغضب الذي تأجج بعد صدور حكم بسجن مدوّنة شابة كان هو شرارة الثورة التي تعيشها البلاد منذ عامين ونصف العام.

قبل شهر من خروج المظاهرات في مارس آذار 2011 صدر الحكم على طل الملوحي (19 عاما) التي كتبت مدوّنة عبرت فيها عن رغبتها في رسم مستقبل بلادها بالسجن خمس سنوات في اتهامات بالتجسس.

وبعد احتجازها بالفعل لأكثر من عام اقتيدت إلى المحكمة وهي موثقة اليدين ومعصوبة العينين. وانفجرت أمها التي كانت تنتظر في فناء المحكمة في البكاء.
وأصدرت محكمة حكما بالعفو عنها الشهر الماضي في إطار صفقة ثلاثية الأطراف للإفراج عن سجناء. وعندما تخرج من السجن ستكتشف أن بلادها تغيرت جذريا.
تقول جماعات حقوقية إن قوات الأمن السورية استهدفت النساء خلال الثورة والحرب. وتعرضت آلاف منهن للتعذيب والاغتصاب وتمتلئ السجون السورية بالسيدات والفتيات.
انتهاكات في السجون
وذكرت محامية سورية من دمشق تحدثت إلى "رويترز" بشرط عدم ذكر اسمها أن بعض المحتجزات اللاتي تزورهن في السجون يعانين كدمات وقرحا مفتوحة في أقدامهن وجلدهن وعدوى في العين وتحمل أجسادهن بقعا من الدماء المتخثرة.

وقال أنور البني المحامي الحقوقي الذي يقيم في دمشق أيضا إن احتجاز النساء يتم عادة بدون اتهامات. ويحتجز بعضهن لقيامهن بتهريب الغذاء عبر نقاط التفتيش التابعة للجيش أو لأنهن يحتفظن بصور مسيرات مناهضة للأسد على هواتفهن المحمولة.

وأضاف "لم تحمل أي منهن السلاح أو تقاتل قوات النظام." وقدر عدد السجينات اللاتي مازلن على قيد الحياة في مراكز الاحتجاز في سوريا بين 3000 و4000 سجينة.

وقال إن كثيرات لقين حتفهن تحت وطأة التعذيب أو بسبب نقص الرعاية الصحية أو اختناقا وأنهن يحتجزن عادة في أقبية تحت الأرض لا يدخلها ضوء الشمس وأحيانا يكون بصحبتهن أطفال صغار.
وقال إنه في إحدى القضايا التي يتابعها احتجزت أسرة كاملة تضم ستة أطفال. وأضاف أنه يجري احتجاز بعض النساء كرهائن لمبادلتهن برجال مطلوب القبض عليهم.

واستطرد "وإمعانا في الذل يعذبن على أيدي رجال ويجبرن أحيانا على التعري... هناك حالات اغتصاب خلال الاحتجاز وإذا لم تغتصب يرجح تهديدها بالاغتصاب."
وللبني موكلة حامل تقول إنها اغتصبت في السجن.

رسالة للمجتمع

ووثقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ومقرها نيويورك روايات عن اعتداءات جنسية في السجون وخلال مداهمات الجيش -إحداها لفتاة في الثانية عشرة من عمرها- فيما وصفته المنظمة بأنه أسلوب ممنهج "للامتهان والإذلال".

وتقول سيما نصار -وهي ناشطة مقيمة في اللاذقية وتوثق انتهاكات حقوق المرأة- إنها تواجه صعوبة في التواصل بشكل علني مع الضحايا لأن حكومة النظام لا تقر بوقوع مثل هذه الانتهاكات.
وتضيف "على سبيل المثال لدينا نظام قائم لمساعدة ضحايا الاغتصاب من خلال إجراء اختبارات الحمل والأمراض وتقديم مساعدة نفسية. ونقدم العون إذا ما رغبن في الإجهاض كما نوفر مأوى لأبناء جرائم الاغتصاب وكل هذا بتمويل من أطباء سوريين في الخارج.
"لكن لا يمكننا أن نعلن عنه ولا أن نعمل في العلن لأن ما من أحد يعترف به بداية من النظام نفسه."

 قواعد المقاتلين 

وبالرغم من أن الطائفة العلوية التي ينتمي لها الأسد تسيطر على أكثر المراكز نفوذا في البلاد كانت سوريا تدار كدولة علمانية. وتقول سوريات إن ما تواجهه المرأة الآن من كراهية وقمع على أيدي الإسلاميين بمثابة انتكاسة.

وفي بعض المناطق التي تسيطر عليها المعارضة أقيمت محاكم تديرها فصائل مقاتلة تقول إنها تطبق الشريعة الإسلامية. وأصدر إسلاميون في أحد أحياء حلب أمرا في يوليو /تموز يحظر على النساء ارتداء الملابس التي تعتبر مثيرة، وهو ما أغضب أناسا يتهمون الجماعة بتجاوز حدودها.

وقال أحد المقاتلين الإسلاميين لـ"رويترز" إن المرأة في سوريا التي يتصورها في المستقبل لن تعمل إلا في أماكن يقتصر الوجود فيها على النساء مثل المدارس والمستشفيات غير المختلطة.

ويقول سكان في بلدات صحراوية شرقية قرب الحدود مع العراق إن المقاتلين يجبرون النساء على ارتداء الحجاب.

وفر أكثر من مليوني سوري إلى دول الجوار.. لكن النساء يواجهن في الخارج المزيد من التحديات.

ترك تعليق

التعليق