الشتاء يزيد من المأساة ..100 ألف أسرة تُكمل عاما ونصف من الحصار في حمص

يُكمل حصار حمص في هذه الأيام عاماًونصف العام من أيامه القاسية خصوصاً على أولئك المدنيين الذين يقدر عددهم بأكثر من مئتي عائلة أغلبهم من النساء والأطفال ويدخلون في هذه الأيام فصلا شتوياً جديداًمع استمرار تدهور الوضع الإنساني سريعاً نحو وضع أقل ما يُمكن أن يقال عنه أنه مأساوي.

 فمنذ بداية الحصار بتاريخ 7-6-2012 لم يعد بالإمكان إدخال أي من المواد الغذائية أو الدوائية الضرورية باستثناء مرة واحدة قامت فيها منظمة الهلال الأحمر بإدخال كمية قليلة جدا من بعض هذه المواد إلى داخل المنطقة المحاصرة ولم تتكرر هذه العملية بعد ذلك نهائياً بعد رفض قوات النظام لذلك مراراً. هذا وقداقتصرت الطرقات السرية التي أوجدها الثوار خلال بعض فترات الحصار على إدخال الذخيرة بشكل عام بينما تم تسجيل دخول كميات قليلة جداً لا تكاد تُذكر من المواد الغذائية من هذه الطرقات بسبب صعوبتها من جهة وبسبب اكتشاف قوات النظام لهذه الممرات بعد فترة وجيزة في كل مرة من الاعتماد عليها من جهة أخرى حيث يقع جزء منها حتماً ضمن مناطق تسيطر عليها قوات النظام . 

كل هذه الأسباب التي ذكرناها اضطّرت المُحاصرين إلى الاعتماد بالدرجة الأولى على المواد التموينية التي كانت موجودة أصلا في بيوت ومحلات المنطقة المُحاصرة المهجورة من سكانها والتي تقتصر على أنواع معينة من الغذاء بدأت بالنفاذ رويداً رويداً حتى لم يتبقَّ حالياً إلا كميات قليلة جداً من مادة البرغل أو العدس أوالزيتون في أغلب بيوت الحصار وما زاد الوضع سوءا نفاذ كميات الحِنطة التي كان يعتمد عليها المحاصرون لإيجاد مادة الطّحين الأساسيّة ما أدى إلى أزمة إنسانية بالغة الصعوبة يُنشب فيها الجوع مخالبَه في الأجساد الضعيفة المحرومة من معظم المواد الأساسية منذ شهور طويلة .

 هذا فيما يعتمد المُحاصرون على مياه الآبار المهجورة منذ سنين للحصول على المياه التي تعد ملوّثةً وسببت أمراضاً معوية وهضمية عديدة. ظروف تهدد حياة الكثيرين الذين استشهد مجموعة أشخاص منهم بعد إصابتهم بأمراض ناتجة عن سوء التغذية أو غياب الأدوية اللازمة لحالاتهم كان آخرهم الشهيد صادق شلار الذي ارتقى قبل أيام قليلة بسبب عدم توفر الدواء اللازم لحالته .

 وتجتمع هذه الظروف ضمن منطقة صغيرة نسبيّا محاطةٍ بالقناصين من كل جهة ومهددةٍ بصواريخ وقذائف الموت في أي لحظة ما يزيد من حالة الضغط النفسي الهائل على العوائل العالقة . وننوه أن ما يجري أمام سمع العالم وبصره من تبعات الحصار لا يمكن لأحد أن يعرف حقيقته أو يحسَّ بجزء من معنى مأساته إلا أولئك المحاصرون المحكومون بالعيش تحت مظلة الأملِ أو الموتِ جوعــاً.

ترك تعليق

التعليق