البنوك السورية.. أرباح غير محققة وخسائر مضمونة

بدأت البنوك العاملة في السوق السورية إعلان نتائجها للربع الأخير من العام الفائت، ليتبين ما سبق أن أشارت إليه "اقتصاد" عن خسائر كبيرة بفعل انخفاض سعر صرف الدولار، الذي استطاعت عبره البنوك الخاصة تغطية حجماً كبيراً من خسائرها بأرباحٍ غير محققة.

سابقاً ومع ارتفاع سعر الصرف الذي وصل إلى حدود 300 ليرة، استطاعت البنوك أن تغطي الديون المعدومة والمتعثرة عبر احتساب الدولار في تقييم القطع البنيوي بسعرٍ مرتفع، وبالتالي تحقيق أرباحٍ غير محققة، الأمر الذي ينكشف كلما انخفض سعر صرف الدولار.

المعضلة التي باتت تواجه القطاع المصرفي السوري هي أن حجم القروض أكبر من رأس المال، وأكبر من الاحتياطي الإلزامي، الأمر الذي يشير إلى أن أي خللٍ في أداء البنوك سيضيع على المودعين أموالهم، وخلال التوجه الليبرالي للاقتصاد السوري قبل سنوات، صدر قرار بإلزام البنوك برفع رأس مالها، لتتناسب مع حجم الإقراض وهو ما لم يتم تنفيذه إلى اليوم.

مع بداية الثورة، وعلى عكس كل الأعراف الاقتصادية خلال الأزمات، سمح النظام السوري للبنوك الخاصة، بتأخير رفع رأس مالها، في حين كان المطلوب هو عكس ذلك لحماية مصالح المودعين، الأمر الذي بدأت تتضح عواقبه اليوم، مع الخسائر التي تتكبدها البنوك بشكلٍ مستمر.

وسبق وأن رشحت إلى وسائل الإعلام عن ديونٍ بمليارات الليرات لا يتم سدادها من قبل كبار رجال الأعمال في السوق السورية، والتي تم الحصول عليها من بنوكٍ خاصة وعامة، حيث لا تجد المصارف حلاً لمسألة القروض المعدومة في ظل ضياع الرهون والكفالات.

وحتى لا نتحدث بكلامٍ مرسل يمكن ملاحظة خسائر بعض البنوك، فبنك الأردن -سورية سجل خسارةً في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الفائت وصلت إلى حوالي 850 مليون ليرة، وأسعار سهمه في البورصة وفقاً لقيمته الدفترية أصبحت 81.7 ليرة للسهم، أي أن قيمته الدفترية تعادل 2.45 مليار ليرة، وإذا أردنا العودة للقانون فإن رأس مال البنك يجب أن لا يقل عن عشرة مليارات ليرة سورية، وبالتالي فإن البنك المذكور ينقصه 7.5 مليار ليرة، ليحقق الشرط القانوني دون النظر إلى مسألة رفع رأس المال.

في حين أن بنك سورية والمهجر خسر في الفترة ذاتها، 400 مليون ليرة وأصبحت قيمته الدفترية 147 ليرة سورية، وهنا يمكن ملاحظة الفرق بين القيمة الدفترية والقيمة السوقية والفارق بينهما، فإن القيمة الدفترية للسهم أقل بكثير من قيمته السوقية.

تقييم الدولار في القطع البنيوي لحسابات البنوك كان على دولار 143 ليرة، ولو انخفض السعر وتم التقييم على أسعار أقل من ذلك، لشهدت السوق المصرفية السورية إعلان إفلاس للعديد من البنوك، فلو افترضنا أن سعر صرف الدولار هو 50 ليرة سورية، لكانت الخسائر أكبر من ذلك بكثير، فالبنوك اليوم تسجل "ورقياً" أرباحاً غير محققة تصل إلى 93 ليرة في كل دولارٍ تملكه.

الخطر الحقيقي اليوم يتهدد أموال المودعين، حيث لا يوجد ما يضمن لهم استرجاع أموالهم والفوائد عليها في حالة خروج البنك من السوق السورية.

ترك تعليق

التعليق