بعد أن كانت "عنزتين" صارت بالملايين.. "ديات" الشبيحة باب نهب جديد للنظام

حتى قبل تآكل اقتصاده، عمد نظام بشار الأسد إلى اعتماد مبدأ "التمويل الذاتي" لنشاطاته التشبيحية، على مبدأ "من دهنه سقي له"، فأطلق يد الشبيحة والمرتزقة ليعيثوا نهبا وسلبا لممتلكات الأهالي في المنازل والمحال والمصانع داخل المناطق الثائرة، ثم يبيعوها بأبخس الأثمان.

كما أعطى النظام الحرية كاملة لعشرات آلاف العناصر المتوزعين على الحواجز لـ"يتسلبطوا" على المارة والعابرين بسياراتهم، كل حسب ما يحمل وينقل، سواء كانت مواد غذائية أو خضار أو مازوت أو خلافها، هذا فضلا عن "المسلوبات" التي يحصل عليها جنود تلك الحواجز في صورة مبالغ مالية أو قطع ذهبية.

وعندما بدأ النظام في حصار بعض المناطق، لاسيما في الريف الدمشقي، فُتح أمام الشبيحة باب نهب جديد، حيث أكد روايات وصلت لـ"اقتصاد" من بعض من خرجوا من غوطة دمشق، أن "تسعيرة" إخراج الفرد الواحد وتمريره عبر الحاجز كانت 25 ألف ليرة، ثم ارتفعت إلى 50 ألفا (قرابة 300 دولار)، وقد دفعها بعضهم مكرها، ليس هربا من القصف والموت، بل هربا من شبح موتهم وموت أطفالهم جوعا أمام أعينهم، كما روى أحدهم لـ"اقتصاد".

ولكن أحدث أبواب النهب الأسدي لما تبقى من مدخرات الناس المنهكين، هو ملف الديات الذي يبدو أنه سيصبح "بقرة حلابة"، لاسيما مع المناطق التي عقدت "هدنا" مع النظام، كما في برزة وببيلا وقدسيا والمعضمية وغيرها.

فقبل أيام قُتل أحد الشبيحة في المعضمية، عندما كان يحاول دخول المدينة عنوة ناقضا بنود الهدنة، ومع ذلك فإن النظام لم يدخر جهدا ليتذرع بالحادثة معيدا تضييق خناق حصاره على المعضمية ومتنصلا من معظم بنود الهدنة.

وقد تناقل ناشطون لاحقا خبرا مفاده أن أهالي المعضمية دفعوا دية تقدر بقرابة مليون ونصف مليون ليرة، لقاء عدم تصعيد الموقف.

ومع إن "قيادة الثورة في المعضمية" نفت خبر دفع الدية، فإنها فاجأت الجميع بأن "ممثلي النظام الأسدي هم من طالبوا بدفع دية لأهل الشبيح القتيل"!
ويعني هذا التصريح أن النظام الذي كان يدفع ثمن رأس الشبيح المقتول "عنزتين" كما حصل في السويداء، قرر أن يستغل الهدن ويرفع سعر الشبيح ليغدو بالملايين، فيعيد تبييض صفحته في أوساط شبيحته، دون أن يسدد من جيبه الخاص أي قرش!
وقد ثبت أن النظام جاد في اعتماد مبدأ الديات كباب جديد للنهب، مع ورود خبر مؤكد من قدسيا بريف دمشق، يقول إن النظام قرر السماح بمرور للموظفين و طلاب المدارس من على حاجز السياسية اليوم الثلاثاء، كما وردت أنباء عن إعادة فتح الطرقات بشكل كامل, ووعود بدخول الطحين والمواد الغذائية للمدينة يوم الخميس.. وكل ذلك بعد دفع 6 ملايين ليرة، دية لضابط النظام المقتول.

وكانت قدسيا شهدت في الأيام الأخيرة حصارا خانقا من قوات النظام وشبيحته، باتت تلوح معه علائم كارثة جديدة قريبة من الذي يحدث في الغوطة ومخيم اليرموك، حيث شارفت المواد الغذائية على النفاد.

وتذرع النظام بمقتل أحد ضباطه داخل قدسيا، ليعيد خنق المدينة، رغم أن الضابط هو من خرق اتفاق الهدنة.

وقد تولت "لجنة" من قدسيا جمع الدية من أهالي المدينة، وبث ناشطون صورا لهذه اللجنة وهي تقوم بجولة على المحلات لتحصيل ما أمكن من المبلغ، وبواقع ألفي ليرة من كل صاحب محل، حسب روايات ناشطين.

وتعود حادثة مقتل ضابط النظام إلى يوم الجمعة 21-2-2014، حيث أقدم سائق سيارة في أحد شوارع مدينة قدسيا على دهس طفل صغير، ما دفع الأهالي القريبين من الحادث للتجمع حول الطفل المصاب محاولين إسعافه، فبادرهم سائق السيارة بإطلاق الرصاص محاولاً إبعادهم من أمام السيارة ليستطيع الهرب، وهنا تدخل حاجز اللجان الشعبية القريب من موقع الحادث والمُشكل من أهالي المدينة، وقام بالرد على مصدر الرصاص؛ أدى إلى مقتل سائق السيارة، الذي تبين بعد كشف هويته أنه مقدم في جيش النظام يدعى يونس مصطفى.

ترك تعليق

التعليق