معاناة السوريين المخالفين بالإمارات بين التهديد والاستغلال

في الوقت الذي فتحت فيه دول -تركيا مثالا- أبوابها للسوريين، تشدّد الأشقاء في منح الإقامات وتأمين فرص العمل، بل وتعرض السوريون للتهديد والترحيل أحياناً، إن من دول الخليج أو حتى من مصر.

ناصر حالة سورية يمكن سحبها واسقاطها على كثير من السوريين وعلى العديد من "الدول الشقيقة" حيث يتعرض ناصر اليوم للاستغلال من جانب شركات ومستثمرين عرب بدبي في الإمارات، فيعمل لديهم برواتب وشروط عمل ظالمة نسبياً، نظراً لكونه "مخالف" بعد أن رُفض طلبه للإقامة 11 مرة في آخر سنتين من 8 شركات مختلفة.

ناصر مثال لبعض السوريين الذين يعملون اليوم في جنّة الاستثمار في العالم العربي، دبي. لكنهم فعلياً يتحرّقون بجحيمها، دون أن تكون لهم خيارات أخرى أفضل.

خرج ناصر من سوريا في ظروف الثورة بسبب مواقفه المناوئة للنظام كإعلامي، وكان يتمتع بموقع وظيفي محترم بدمشق، وبحياة معيشية راقية نسبياً، لكن التهديدات الأمنية اضطرته للمغادرة، واستطاع شق طريقه بنجاح إلى دبي، لكن ذلك كان في البداية فقط.

يقول ناصر ساخراً: "تصوّر أن السلطات الإماراتية سمحت بشيء اسمه، لجوء إنساني للسوريين، بشرط أن يقيم السوريّ في البلد دون أن يحق له العمل. وعلى من يرغب بذلك أن يدفع رسوم إقامة 3500 درهم".

هكذا يحدثنا ناصر بمرارة كيف أن سلطات دبي تسمح للسوريين بالإقامة في واحدة من أغلى مدن العالم معيشةً، دون أن تسمح لهم بالعمل.

"هم من يجبروننا على أن نُخالف، لقد رفضوا طلبي للإقامة 11 مرة آخر سنتين، من 8 شركات مختلفة".

حينما وصل ناصر إلى دبي تمكّن من تأمين عمل براتب محترم نسبياً، 18 ألف درهم، لكن بعد أن رُفض طلبه بالحصول على الإقامة لاحقاً، هبط دخله إلى 8 آلاف درهم، مما اضطره إلى القيام بأعمال حرة إضافية تدر عليه 5 أو 6 آلاف درهم أخرى، مما يحسّن وضعه المعيشي، ويعينه على تمويل أسرته المقيمة في تركيا حالياً. لكنه لقاء ذلك يتعرض للاستغلال من جانب الشركات التي تشغله، والتي تبتزه بسبب كونه "مُخالف".

"إذا خالفت تدفع عن كل يوم 100 درهم. لذا فالسلطات الإماراتية تريد مني الآن 70 ألف درهم غرامات مخالفة عن سنتين".

يعتزم ناصر قريباً مغادرة الإمارات، وهو يحاول جاهداً إيجاد وسيلة للهجرة إلى أوروبا، خاصة أنه لو طلب تسوية وضعه، ستُعقد بخصوصه محكمة تخفّض المخالفات المتوجبة بحقه. وفي حالته، مهما خُفّضت المخالفات فهي ستبقى كبيرة للغاية بالنسبة له.

"الشركات التي قد تسمح لك بالعمل وأنت مُخالف محدودة جداً، لأنها تدفع غرامة خمسين ألف درهم في حال اكتُشف أمرك، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يُشغلك إلا إن وجد فيك مكسباً كبيراً، مكنه من استغلالك جيداً".

ناصر يعتزم في نهاية المطاف أن يخبر السلطات الإماراتية برغبته في المغادرة، وأنه لا يستطيع دفع المبالغ المُترتبة عليه، وفي هذه الحالة يتم ترحيله مع وضعه على القائمة السوداء ويمنع من دخول الإمارات لخمس سنوات قادمة.

لا يبدو أن أمام ناصر الكثير من الخيارات، وهو في نهاية المطاف، حاله حال الكثير من الشباب السوري الذي تشرد خارج الوطن بفعل حرب بشار الأسد الظالمة على شعبه، فبات ممزقاً بين بلدان لا ترحب به، وأخرى تستغله، وثالثة "تشحد" باسمه.

ترك تعليق

التعليق