توقف الإنتاج وتضخم الليرة رفع سعر الألبسة 300% في دمشق

ارتفعت أسعار الألبسة في أسواق دمشق بسبب توقف معظم المنشآت عن الإنتاج والتضخم الذي أكل "الليرة السورية" حيث لم يعد التسوق ضمن أولويات الأسرة السورية في مدينة دمشق، بل باتت أسواقها مقاصد البعض (للفرجة) فقط، خاصة بعد أن ارتفعت أسعارها بما يتراوح نسبته بين 200% إلى 300% خلال السنتين الماضيتن.

السكان يرون بأن هناك نوعا من الاستنزاف لجيوبهم في أسواق الألبسة، ما جعل معظمهم يعزف عن الشراء، بينما لا يعدم التجار والبائعون الحجج لتبرير هذا الارتفاع الكبير في الأسعار، مما جعل البضائع تكسد في المحال التجارية والمستودعات، حيث لاتزال بضائع السنة الماضية تباع هذه السنة، وهكذا.

أما بالنسبة للرقابة المطبقة على أسوق الألبسة من قبل مسؤولي النظام فهي معدومة مثلها مثل مختلف أسواق الأغذية والبضائع الأخرى.

ويرى أبو عمار بأن أسعار الألبسة ارتفعت خلال السنة الماضية بالتحديد بشكل كبير جداً حيث وصل سعر الكنزة الرجالي إلى 4000 ل.س، في وقت لم يكن ليتجاوز سعرها 1500 ل.س بينما يباع البنطال ـ بما يقارب 3000 ل.س، حيث كان سعره يتراوح بين 900 إلى 1100 ل.س، لافتاً أن شراء بنطال وكنزة بات يقارب اليوم نصف راتبه الذي لا يتجاوز 20000، حيث لم يفكر بعد بملابس طفليه وزوجته، لذك فإن أبا عمار كغيره من السوريين قرر أن يتناسى موضوع شراء الألبسة له ولزوجته حيث سيشتري ما هو ضروري لطفليه فقط.

ولعل المعاناة مع أسعار الألبسة النسائية ليست بأقل، فقد أشارت مريم موظفة وربة أسرة، بأن أسعار الألبسة النسائية أيضاً وصلت إلى أرقام خيالية، معبّرة عن استغرابها بأن سعر البيجامة النسائية الشتوية بات يتراوح بين 5000 إلى 7000 ل.س، وهي أرقام تعتبر مرتفعة جداً مقارنة مع الدخل الوسطي للمواطن السوري.

وتابعت مريم أن سعر بنظال الجينز المستورد يصل إلى 10.000 ل.س، في حين أنه يسعّر بحوالي 6000 إذا كان صناعة محلية، وفي كلا الحالتين فقد بات بعيداً جداً عن متناولها على اعتبار أن راتبها الشهري لا يتجاوز 12000 ل.س.

أما بالنسبة للكنزات النسائية فإن أسعارها تتفاوت أيضاً سواء كانت مستوردة أو محلية بحسب ما أشارت إليه فاديا، حيث تباع الكنزة المستوردة بحدود 6000 ل.س، أما الكنزة المصنوعة محلياً فيتراوح سعرها بين 3000 إلى 4000 ل.س، وهنا أكدت فاديا أيضاً أن هناك حالة غير منطقية في أسعار الألبسة، ولعل حجة الدولار لم تعد تقنع المواطن السوري اليوم على اعتبار أن الدولار يرتفع وينخفض، في حين أن أسعار مختلف البضائع تحافظ على ارتفاعها.

وبالنسبة لألبسة الأطفال فإنّ لهيبها لايقل شأناً عن أسعار ألبسة الكبار بل يمكن القول إنها تتجاوزها حسب ما أشارت رنا وهي أم لطفلين وبينت هنا أن أسعار ألبسة الأطفال في أسواق دمشق ترتفع بنسبة أكبر من ألبسة الكبار على الرغم من أن كمية الأقمشة والخيوط المستخدمة في حياكتها أقل. وتابعت رنا بأن كنزة صوف لطفل لايتجاوز عمره السنتين يصل سعرها إلى 3500 ل.س، في حين يصل سعر البنطال إلى 2000 ل.س، أما ثمن الطقم القطني الولادي فيصل إلى 2000 ل.س، حيث لم يكن ليتجاوز 600 ل.س سابقاً.

ورأت رنا أن ما تشهده اليوم بعض أسواق دمشق من تخفيضات هي كذبة كبيرة يدفع ثمنها المواطن من جيوبه، فالأسعار لاتزال مرتفعة وخارجة عن قدرته الشرائية.

وبالنسبة للتجار وأصحاب المحال فإن حجتهم جاهزة دوماً هو موضوع الدولار، وإن كانت هناك أسباب أخرى ربما تدفعهم لتسعير بضائعهم بهذه الطريقة.

وأشار صاحب إحدى ورش الخياطة الصغيرة في دمشق إلى أن هناك ارتفاعاً كبيراً طرأ على أسعار الأقمشة والخيوط بالإضافة إلى ارتفاع أجور اليد العاملة، وهو ما يجعل من أسعار الألبسة ترتفع إلى حد ما، إلا أن صاحب الورشة لايخفي بأن هناك ممن يسعر بطريقة غير منطقية متذرعاً بغلاء المعيشة.

ويرى خبير اقتصادي معارض بأنه لاشك في أن هناك تكاليف يتحملها المصنعون المحليون اليوم من ارتفاع أسعار الأقمشة وأجور النقل وغيرها من الحجج التي باتت معروفة للمواطن السوري، إلا أنها لا تؤدي إلى ارتفاع أسعار الألبسة بنسبة ووصلت إلى 300% كما هو الحال في الأسواق اليوم، وهنا رأى الخبير أن السبب الرئيسي في الفوضى القائمة في أسواق الألبسة إنما هو نتيجة تغاضي مسؤولي النظام عن حالة فلتان الأسعار هذه.

ولم يخفِ الخبير أن هناك حالة من احتكار للبضائع سواء تلك ذات التصنيع المحلي أو المستوردة يقوم بها بعض التجار والذين هم غالباً من رجالات النظام، وهو ما يبرر تحكمهم في فرض الأسعار على الأسواق.

أما بالنسبة للألبسة المستوردة فقد بيّن الخبير بأنه لاتزال حكومة النظام تدعي أنها غير قادرة على ضبط أسعار الألبسة المستوردة، حيث لايزال المستوردون يسعرون كما يريدون، ويتحججون بارتفاع الدولار، إلا أن الخبير وجد أن هذه الحالة من الأرباح غير المنطقية التي يحققها تاجر الألبسة المستوردة هي حالة قائمة حتى قبل بدء الأزمة الاقتصادية في سوريا خلال السنوات الأخيرة، على اعتبار أن هناك نوعا من تقاسم الأرباح بين المستورد والمسؤول الحكومي، وبهذا يبقى المواطن هو الحلقة الأضعف في هذه المعادلة.

ترك تعليق

التعليق