النظام يجر "جرمانا" في حربه على الغوطة والوضع إلى تأزم

فشلت محاولات مدينة جرمانا بريف دمشق في تحييد نفسها عن المعارك الدائرة بين قوات النظام وكتائب المعارضة، مع محاولات النظام المتكررة زرع الفتنة بين المدينة ومحيطها الثائر، إلى جانب استخدام أراضيها كمنطلق لحربه على تلك المناطق، وتجنيد ما يزيد عن 650 شخصا من أبنائها ضمن ما يسمى "جيش الدفاع الوطني"، واستخدامهم للقتال خارج أراضي المدينة إلى جانبه.

موقع المدينة الفاصل بين الغوطة الشرقية والعاصمة دمشق، وطبيعتها الديمغرافية "خليط من الأقليات الدرزية والمسيحية"، جعل منها في موقع المواجهة الأول، رغم محاولات عقلائها منذ بداية الثورة بتحييدها عبر منع خروج مظاهراتٍ معارضة، وعدم خروج مسيراتٍ مؤيدة في المدينة.

ويبدو أن المدينة تدفع اليوم ثمن تشبيح أبنائها، وإقحام النظام لها في معاركه، حيث تعاني المدينة اليوم ومنذ أن أعلن النظام معركته على الغوطة الشرقية محاولاً اقتحامها من استهداف قذائف الهاون لمختلف أحيائها وهو ما يودي يومياً بحياة المدنيين، لدرجة أن جرمانا أغلقت مدارسها وأوقفت الدوام الرسمي، وهو ما يشير إلى أن الوضع ماضٍ نحو التأزم بين المدينة وجاراتها.

ولعل ما يحدث اليوم في جرمانا حسب أحد الناشطين المعارضين من المدينة إنما هو نتيجة طبيعية لممارسات النظام خلال السنوات الماضية، التي عمل فيها على تسليح شبان عاطلين عن العمل وأطلق يديهم ليعيثوا فساداً في المدينة، من سرقة وقتل للمواطنين وملاحقة النشطاء المعارضين فيها دون أيه محاسبة.

وبيّن المصدر أن مشايخ جرمانا حاولوا مراراً وتكراراً تحييد المدينة من خلال بيانات كان يتم إصدارها بين الفترة والأخرى تظهر رفضهم من تسليح شبان المدينة ودفعهم للقتال خارجها، حيث أعلن المشايخ أنه لا يؤخذ بعزاء أي شاب يقتل خارج المدينة، مؤكدين أن بلدات الغوطة وسكانها هم جيران.

لكن على ما يبدو أن استخدام النظام اليوم للمدينة وأحيائها كثكنات عسكرية لأسلحته ودباباته وأسطح أبينتها لقناصاته، التي يستخدمها لقصف مدن الغوطة إنما تثير حفيظة كتائب المعارضة الذين باتوا يعتبرون المدينة اليوم منطقة عسكرية يجب استهداف تجمعات الشبيحة وقوات النظام فيها، حيث نشر مؤخراً فيديو عن فيلق الرحمن لاستهداف مدينة جرمانا ودك معاقل الشبيحة فيها بقذائف الهاون، والنتيجة كانت سقوطها على المدنيين والأطفال المقيمين في المدينة بما في ذلك اللاجئين الذين اختاروا من المدينة ملاذاً آمناً لهم.

ويرى ناشطون معارضون أنّ جرمانا جُرّت اليوم لتكون واجهة للقتال بين النظام والمعارضة، وهو ما يبرر أيضاً الإشاعات التي يتم تداولها بين الأوسائط المؤيدة للنظام السوري بأنّ الأخير له نية أيضاً في إعلان المدينة منطقة عسكرية أيضاً وإفراغها من سكانها البالغ عددهم حوالي 400 ألف نسمة، بالإضافة إلى أنها استقبلت ما يقارب 125 ألف من النازحين، حسب بيانات منظمة الهلال الأحمر.

لعل ما يتحدث عنه ناشطون بأن الأيام القادمة ربما ستكون صعبة هو أيضاً ما يشعر به أهالي المدينة أنفسهم الذي يستيقظون يومياً على قصف بلدات الغوطة بالطيران الحربي والقصف المدفع، وأعداد قذائف الهاون التي تتراوح بين 15 إلى 25 قذيفة يومياً، منذ بدء الحملة على الغوطة.

من جانبه وجه المجلس المحلي في مدينة المليحة، التي تنال حصة الأسد من العملية العسكرية باعتبارها مدخل النظام إلى الغوطة، والمحاذية لجرمانا -وجه- نداءً إلى وجهاء ومشايخ المدينة والسويداء، مطالبينهم بالتوقف عن نصرة الباطل المتمثل في النظام، واضعين جملةً من التساؤلات برسم المشايخ حيث قال البيان: "هل استطاع الإجرام الأسدي سرقة نخوة بني معروف؟، هل هذه الحملة الشرسة على المليحة بهذا النّفس الطائفي وخاصة الشّيعي بمشاركة ميليشيات شيعية عراقية بل وحتّى سوريـّة ممّا يُسمّى الدّفاع الوطني، هل هذه الحملة ستكون في خدمة أهالي جرمانا؟، وهل مشاركة أبناء مدينة جرمانا في العدوان على المليحة أمر يُـرضي مشايخ ووجهاء السّويداء؟"، مؤكدين أن التاريخ والأجيال لا تنسى.

وجاء في ختام البيان "انثروا الورود على جيرانكم ليصلكُم عبقه، وإيــّــاكم والــوقوف مــــع من ينثر البارود، لأنــّـه سيصيبُكم شــــرره".

يذكر أن مدينة جرمانا هي إحدى مدن الغوطة الشرقية ذات غالبية درزية كما أنها تضم أطيافاً مختلفة من باقي الطوائف واستقبلت العديد من النازحين منذ بدء قصف النظام مختلف المناطق السورية الثائرة.

ترك تعليق

التعليق