بعد تفريغها من المعارضين.. سطو الموالين على مؤسسات الدولة

يعمد النظام السوري إلى استبدال المعارضين في الوظائف الحكومية، بآخرين من الموالين له، والأولوية لعائلات قتلاه.

يكفي اعتقال بضعة أيام ليعود المعارض إلى وظيفته ويجد نفسه بحكم المستقيل، وهذا ما حدث مع الشاب رائد الذي اعتقل بسبب تقرير أمني رفع به وبقي مدة 23 يوما في فرع أمن الدولة، حيث يقول: "كان بإمكان مديري أن لا يأخذ قرار فصلي واعتباري بحكم المستقيل، لأنه لن يتعرض للمساءلة طالما أن الفترة التي تغيبت فيها عن العمل تعتبر قصيرة، لكنه ما لبث أن رفع القرار إلى الرقابة والتفتيش، وعندما خرجت لم يعد بمقدوري أن أفعل أي شيء، وبعد فترة وجيزة علمت أنه تم تعيين زوجة أحد قتلى النظام".

التغيب عن العمل إحدى وسائل الفصل واعتبار الموظف بحكم المستقيل، وهناك وسائل أخرى كالاتهام بالفساد أو كف اليد لحين دراسة الوضع وهو ما حصل مع هالة، التي كانت معتقلة وبقيت لمدة 40 يوما، وصدر قرار بحقها من رئاسة مجلس الوزراء بالتوقيف عن العمل لحين دراسة وضعها، وبعد ذلك اتخذ القرار بفصلها من عملها، لأسبابٍ تتعلق "بالنزاهة" حسب ما جاء في نص قرار الفصل، وأيضاً تم تعيين أحد الموالين عوضاً عنها.

تفريغ مؤسسات الدولة من أصحاب الرأي المعارض للنظام ليس جديداً، لكنه بدى واضحاً في الفترة الماضية، لا سيما مع قرار الفصل الجماعي الذي صدر بحق 33 موظفا من أبناء محافظة السويداء بسبب رأيهم المعارض، فعندما لا يجد الجهاز الأمني وسيلةً للفصل يلجأ إلى قانون العاملين الأساسي رقم 50 والذي يسمج لرئيس مجلس الوزراء بفصل من يشاء حتى دون ذكر الأسباب.

ووفق قوانين العمل، فمهما تكن فترة الخدمة التي يقضيها الموظف في عمله، لا يمكنه الحصول على التعويضات إذا ما تم اتخاذ قرار فصلٍ بحقه.

ولعل الأسوأ هو وفاة الموظف تحت التعذيب في سجون النظام، وهنا لا أحد يمكنه أن يحصل حقوقه، وهو ما حدث مع عائلة غزوان الذي اعتقل وبعد أقل من عشرة أيام وصل خبر وفاته، ولم تحصل عائلته على أي راتب أو تعويض أو أي شيء كما تقول زوجته، وتضيف كنا نعيش على راتب غزوان وبعد وفاته تحت التعذيب لم يكن أمامي خيار سوى مراجعة المؤسسة التي كان يعمل بها لأعرف مصير خدمات زوجي التي وصلت إلى 27 عاما، لكنهم أخبروني أن ليس له أي حق في المؤسسة.

فعلياً الوظائف الحكومية اليوم بغالبيتها بيد الموالين، وحتى التعويضات المالية التي يتم صرفها إما لقتلى النظام أو للجرحى، أو تعويضات الأضرار الأخرى تصرف من خزينة كل الشعب لفئة محدودة من الموالين للنظام، حسب ما يقول خبير اقتصادي فضل عد ذكر اسمه، مشيراً إلى أن مليون ونصف موظف في القطاع العام اليوم بغالبيتهم من أصحاب اللون الواحد، فعلياً هناك عملية سطو على مؤسسات الدولة، وهذا أمر في غاية الخطورة، يمنع حتى أي تطور سياسي أو اقتصادي في البلاد فيما بعد، وهنا يطرح الخبير الاقتصادي تساؤلاً هل مؤسسات الدولة هي للموالين فقط؟، وهل أموال خزينة الدولة التي تم جمعها من جيوب المواطنين هي لتعويض فئة من الموالين دون المعارضين؟، أسئلة ستبقى معلقة، طالما أن أحداً غير قادر على المطالبة بحقه.

ترك تعليق

التعليق