"بيع الوهم": بروباغندا "بورصة دمشق" – "الأولى عربياً"!

"مؤشر سوق دمشق يحتل المرتبة الأولى بالأداء عربياً"...عرف العنوان السابق الكثير من الترويج منذ أسبوع ليملأ الصحف والمواقع التابعة والموالية للنظام، فيما يظهر أنه توجّه مُعتمد من جانب صانعي القرار الاقتصادي والمالي داخل أروقة النظام للترويج للاستثمار في بورصة دمشق.

واعتمد هذا الترويج على التقرير الأخير الصادر عن اتحاد البورصات العربية والذي يرصد أداء هذه البورصات خلال الربع الثاني للعام الجاري، حيث سجّلت بورصة دمشق أعلى نسبة زيادة في التعاملات، مقارنةً بالبورصات العربية الأخرى، بارتفاع قدره 6.16%.

وقد أدرج الإعلام المالي هذا المؤشر على أنه نتيجة من نتائج ما وُصف بأنه "انفراج أمني وسياسي وتحسن اقتصادي" تعيشه البلاد.

لكن مراقبين مطلعين على خبايا ما يدور في كواليس إدارة سوق دمشق للأوراق المالية، يؤكدون بأنه، بغض النظر عن ضآلة أرقام التداولات في سوق دمشق مقارنة بنظيراتها في الدول العربية الأخرى، فإن زيادة التعاملات في السوق، والتي اعتُبرت أساساً لمؤشر اتحاد البورصات العربية، هي عبارة عن "وهم" اصطنعه المسؤولون عن إدارة السوق عبر إدراج عمليات نقل ملكية ونشاطات مالية أخرى، في عِداد صفقات التداول، رغم أنها لا تُعتبر كذلك، بغية رفع أرقام التداولات، بصورة وهمية، لتعزيز ثقة المتعاملين في أداء السوق.

وكمثال على ذلك، علّق أحد متابعي "اقتصاد" على خبر قديم له، حول واحدة من أضخم تداولات سوق دمشق والتي حصلت في شهر نيسان الفائت، حيث حققت تداولات السوق حوالي 103 مليون ليرة، أي حوالي 600 ألف دولار بالأسعار الجارية حينها.

وذكر المعلّق بأن هذا الرقم، الذي يُعتبر على ضآلته مقارنةً بتداولات أسواق المال العربية، والذي اعتُبر إنجازاً قياسياً في تاريخ السوق حينها، اعتمد على عمليتي نقل ملكية أسهم ضخمة، نتيجة لحكم قضائي، واحدة باسم نجيب عساف وواحدة باسم عائلة الدشتي وأولاده. والعمليتان تمتا بقوة القانون نتيجة لإفلاس الشركتين المذكورتين، وتمنعهما عن الدفع. لكن القائمين على سوق دمشق أدرجوا عمليتي البيع هاتين في عِداد صفقات التداول، بغية رفع المعنويات، لأن السوق، حسب المعلّق، تعاني حالة موت سريري، فالتداول الحقيقي في السوق لم يتجاوز معدل عشرة آلاف دولار يومياً منذ سنتين حتى الآن.

بكل الأحوال، فإن مسؤولي إدارة سوق دمشق يعوّلون على زيادة نسب التداول، لإقناع المتعاملين ومستثمرين آخرين، بجدوى التداول في سوق دمشق، لكنهم يتجاهلون القيم الحقيقية للتداولات في السوق، فمثلاً، ذلك الرقم القياسي لتداولات سوق دمشق في الجلسة المُشار إليها آنفاً، خلال نيسان الماضي، والذي وصل إلى 600 ألف دولار، هو في حقيقة الأمر، وهو ما يعرفه جميع متابعي التداولات في البورصات العربية، ضئيل للغاية، بحيث أنه لا يُذكر أمام قيم التداولات في أسواق المال العربية، حتى في أسوأ أيامها. وكمثال على ذلك، حققت بورصة عمان، في الأردن، واحدة من أسوأ تداولاتها في نفس الفترة التي حققت فيها سوق دمشق رقمها القياسي سابق الذكر، اي في نيسان الفائت، وكانت قيم التداولات في بورصة عمان حينها، والتي هي من أسوأ أيامها، 18 مليون دولار، أي ما يعادل 30 ضعف لقيم التداولات في أفضل أيام سوق دمشق.

وهكذا يبدو أنه حتى في عالم المال، لا يتورع مسؤولو النظام السوري عن بيع الوهم والخداع لتمرير أجندات "النجاح الاقتصادي" المُصطنع، الذي يتوازى مع "انتصارات عسكرية وسياسية" مزعومة، في الوقت الذي يجتاح فيه تنظيم "الدولة الإسلامية –داعش" مقار النظام العسكرية في الشمال الشرقي، ويعجز النظام عن إنقاذ المئات من جنوده من براثن عدوٍ لطالما قدم نفسه على أنه البديل الأمثل له.

ترك تعليق

التعليق