إعزاز في خطر: "داعش" يتابع طريقه نحو حلم السيطرة على حلب

يبدو أن تنظيم "الدولة الإسلامية –داعش" بدأ خطوات جدية لاستعادة مناطق سبق أن فقدها شمال حلب، في سياق تنفيذه لمخططه الاستراتيجي، القاضي، حسب بعض المراقبين، بالاستيلاء على حلب المدينة ذاتها، من جانب، والسيطرة على الشريط الحدودي مع تركيا، من جانب آخر.

فقد ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "داعش" سيطر على قرى المسعودية والعزيزية ودويبق والغوز وبلدتي تركمان بارح وأخترين بريف حلب الشمالي الشرقي، عقب اشتباكات عنيفة مع الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية المتبقية هناك، بعد انسحاب جبهة النصرة، وعدة كتائب إسلامية من المنطقة في أواخر شهر تموز/ يوليو الفائت.

ويضيف المركز في بيان له: "تعد بلدة أخترين منطقة استراتيجية لتنظيم الدولة الإسلامية، لأنها فتحت أمامه الطريق، باتجاه بلدة "مارع" التي تعد أهم معاقل الجبهة الإسلامية، كما تفتح الطريق نحو مدينة إعزاز، اللتين من المتوقع أن تكونا الهدف القادم لتنظيم الدولة الإسلامية، وذلك عقب تعذر سيطرة الدولة الإسلامية على مدينة عين العرب "كوباني" خلال الأسابيع الفائتة، كما تأتي هذه السيطرة على أخترين وتركمان بارح والمسعودية والغوز ودويبق والعزيزية، في إطار محاولات للدولة الإسلامية السيطرة على الريف الشمالي...".

ويعتقد مراقبون أن تنظيم "الدولة الإسلامية" ينظر إلى حلب على أنها ركيزة استراتيجية من ركائز "دولة الخلافة" التي يطمح لاستكمال بنائها.

ويبدو أن "داعش" يضع نصب عينيه، في المرحلة الراهنة، الوصول إلى بلدة إعزاز الاستراتيجية شمال حلب، والتي تمهد القرى سابقة الذكر، التي استولى عليها التنظيم مؤخراً، الطريق إليها.

وترجع أهمية إعزاز إلى كونها قريبة للغاية من معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، إذ تبعد عنها 5 كم فقط. ويراهن "داعش" على السيطرة على أكبر مسافة ممكنة من الشريط الحدودي مع تركيا، إذ إن للمعابر الحدودية أهمية كبيرة، سواء للجانب الاقتصادي، كتهريب البضائع، وبيع النفط (بصورة غير مشروعة)، أو للجانب العسكري عبر إضعاف الخصوم من الثوار والكتائب الإسلامية عبر قطع مصادر الإمداد، أو للجانب اللوجستي كتهريب الأسلحة أو الأفراد، أو للجانب السياسي، إذ سيصبح "داعش" حينها أداة ضغط وتهديد لدولة إقليمية كبرى هي تركيا، مما سيزيد من إشكاليات الأخيرة في تأمين حدودها الجنوبية مع سوريا والعراق.

الأبرز فيما سبق، أن سيطرة "داعش" على إعزاز، ومن ثم معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، سيقطع عن فصائل الثوار والكتائب الإسلامية خطوط إمدادهم الرئيسية الآتية من المعبر المذكور إلى حلب، مما يعني إضعاف مقاومة هذه الفصائل في باقي مناطق ريف حلب الشمالي، وفي حلب المدينة ذاتها، مما سيخدم النظام السوري، الذي يشن حالياً حملة عسكرية متواصلة منذ أشهر على مناطق الثوار بحلب، لكن ذلك سيخدم "داعش" أيضاً في إتمام حلمها بالسيطرة على كامل حلب، بما فيها مدينتها، وهو ما سيسبب تهديدا مستقبلياً مرتقباً للنظام السوري نفسه، الذي يسيطر على الشطر الغربي من المدينة، إلا إن حصل تفاهم غير معلن بين الطرفين، "داعش" والأسد، بتأجيل الصدام، وهو أمر غير مستبعد في ظل حالات مماثلة سابقاً.

بكل الأحوال، يبدو أن "داعش" تتقدم الآن شمال حلب لاستكمال مخططها الرامي إلى السيطرة على المعابر الحدودية مع تركيا، وفي نفس الوقت، لاستكمال مخططها الرامي إلى جعل حلب، شقيقة الموصل، ثاني كبرى المدن السورية، معقلاً رئيسياً لـ "دولة الخلافة" المأمولة "داعشياً".

وبناء على ما سبق، من المُتوقع أن نرقب أياما حالكة من الاقتتال بين "داعش" وبين كل من "جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية"، وفصائل الجيش الحر التي ما تزال تسيطر على القرى الباقية في طريق "داعش" نحو إعزاز، البلدة الاستراتيجية القابعة على بعد كيلومترات قليلة عن معبر باب السلامة الحدودي.

ترك تعليق

التعليق